"أنا مش كافر".. مأساة وسط بيروت تعكس مدى تدهور أوضاع لبنان
٣ يوليو ٢٠٢٠"أنا مش كافر"، هي ثاني عبارة متداولة في وسوم تويتر بلبنان، والسبب ليس ذكرى جماعية للأغنية التي كتبها زياد الرحباني، بل بسبب انتحار رجل في العاصمة اللبنانية بيروت، بعد إطلاقه النار على نفسه، في شارع الحمراء.
وحسب مصادر أمنية لـDW، فالراحل (اسمه الشخصي علي محمد) كان يعمل في الإمارات، لكنه عاد إلى لبنان قبل مدة، وقرّر أن يستثمر ما لديه من أموال في متجر للمأكولات، غير أن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ مدة، والتي زادت حدتها مع جائحة كورونا، أدت إلى تدهور مشروعه، ما أدى به إلى اتخاذ قرار الانتحار.
وارتبطت عبارة "أنا مش كافر" بالراحل نظرًا لتركه في مكان انتحاره ورقة كَتب فيها هذه العبارة، ووضع إلى جانبها علم لبنان ونسخة من سجله العدلي النظيف تماما من أيّ حكم قضائي ضده. وقال شاهد عيان لـDW عربية، إن الرجل بقي تقريبا 20 دقيقة وهو مصاب قبل وصول قوات الإسعاف، وإنه لم يترّدد سابقا على المكان (انتحر قرب مقهى معروف في بيروت). وأظهرت لقطات تلفزيونية نقل الرجل لاحقا من المكان في تابوت بعد تأكد وفاته.
وفي مدينة صيدا، انتحر رجل آخر، كان يعمل سائق أجرة. وحسب مصادرلـDW، فالرجل كان يعاني ظروفًا مالية صعبة للغاية، أجبرته على ترك منزله لعدم تمكنه من دفع الإيجار، ما جعله ينتقل رفقة أسرته إلى مكان آخر. وتقول المصادر إن الراحل، يوما قبل انتحاره، صادف سيدة تطعم ابنتها من حاوية النفايات، ما جعله يجلب لها بعض الأكل من بيته.
ووفق موقع الجنوبية، فقد انتحر الرجل مشنوقا في منزله بمنطقة وادي الزينة، وهو متزوج ولديه ابنة. وكان يبلغ من العمر 36 عامًا.
غضب واسع
وأدت واقعتا الانتحار إلى موجة تنديد واسعة، بدأت بوقفة أمام مكان واقعة بيروت، رفع خلالها متظاهرون شعارات من قبيل "دمهم برقبتكم"، و"علي لم ينتحر.. بل أنتم قتلتموه" و"علي قُتل بدماء باردة".
وعلى موقع تويتر كان الغضب كبيرًا، وكتب المدون محمد دنكر " الحقيقة أنّ البلد بحكومته وعهده كافر.. والجوع والذل الذي نعيشه يوميًا أيضًا كافر"، بينما كتبت المغنية الشهيرة نوال الزغبي: "الويل لكلّ زعيم جوّع شعبه".
وانتشر مقطع لرجل قدم نفسه على أنه قريب للمنتحر في بيروت وهو يصرخ: "لقد قتل نفسه بسبب الجوع".
وكتب الناشط إلي فارس: "لا تصفوا ما حدث اليوم في لبنان بأنه انتحار، بل هو جريمة. قُتل علي والقاتل هم السياسيون الذين يجلسون شعبهم وهو يتضور جوعًا ويموت امام أعينهم"، فيما طالب حساب "فلافل" الساخر بتحويل العبارة في السجل العدلي للراحل من "لا حكم عليه" إلى "مجني عليه".
وتأتي حادثتا الانتحار في لبنان في وقت يشهد فيه الاقتصاد المحلي تدهورًا تاريخيًا، فقد فقدت الليرة اللبنانية 60 في المئة من قيمىتها، ودُفع في شهر يونيو حوالي 5000 ليرة مقابل دولار واحد، كما أعلنت الحكومة أنها لم تعد قادرة على دفع قروضها، وأظهرت بيانات أن 45 بالمئة من السكان يعيشون تحت عتبة الفقر.
وشهدت البلاد احتجاجات واسعة منذ عام 2019 ضد الحكومة ونظام المحاصصة الطائفية، وتحوّلت الاحتجاجات في أكثر من مرة إلى اضطرابات. وقبل اندلاع أزمة كورونا، فقد الآلاف من اللبنانيين وظائفهم وتوقفت كثير من المؤسسات اللبنانية عن العمل، ثم جاءت كورونا لتعمق الأزمة، إذ سنت الحكومة إجرءات قاسية بإغلاق الكثير من المحلات التجارية وتجميد الكثير من النشاطات، ما جعل الكثيرين يحذرون من "ثورة جياع" في البلد.
إ.ع/ب.أ