Irakflüchtlinge Online
١٣ ديسمبر ٢٠١٠الأم زهرة تجلس القرفصاء أمام طاولة المطبخ، وتنظر بحسرة إلى قطعة من الكرتون الأسود، فوقها صورة تظهر فيها زهرة إلى جانب زوجها ناصر أمام بيتهما الجديد في ميونيخ؛ إنه منزل شاحب يشبه الثكنة، ومع ذلك يعتبر السكن فيه بالنسبة إلى اللاجئين حظا كبيرا. زهرة تحاول أن تشكل لوحة يتم عرضها خلال مشروع "أنقذني". مارتين، الذي يساعد العائلة العراقية، قدم اليوم لمساعدتها في التحضيرات للمعرض. ويقترح مارتين على زهرة أن ترفق نصا بالصورة، لكنها لا تفهم تماما ما يقول، ثم يحاول أن يشرح لها بالإنكليزية بكثير من الصبر، الأثر الجيد الذي يثيره لدى زوار المعرض تعرفهم على المزيد من التجارب التي مرت بها، ويقترح عليها الكتابة عن ذلك بالألمانية والإنكليزية العربية، كي يستطيع الكل فهم النص.
ابنها سامر ذو 12 عاما وضع أمامه صورة عن الملعب الذي يلعب فيه كرة القدم، وينهمك في الكتابة. وبإمكان كل أسرة مشاركة أن تختار صورتين مفضلتين لديها لتقديمهما في المعرض.
وطن جديد ولغة جديدة
أسرة درويش تشعر في وطنها الجديد ميونيخ بارتياح أكبر مما كانت عليه في بغداد المدمرة. زهرة تسكن منذ حوالي سنة مع زوجها ناصر وابنها سامر في مسكن من غرفتين. داخل غرفة المعيشة يوجد زاوية صغيرة لتحضير الطعام، وفوق الطاولة وضعت فاكهة طازجة. زهرة أعدت لضيفها مارتين قدحا من القهوة، وتقدم له الحلوى، وفي الخلفية يذيع التلفزيون الأخبار بالألمانية.
وكان مارتن البالغ من العمر 48 عاما قد تعرف عن طريق أصدقاء له على مشروع "أنقذني" وعلى إمكانية العمل في إطاره بشكل فخري. ولم يكن مارتن قد عمل قبلا دون مقابل، ومع ذلك وافق على الفور، و سجل نفسه للعمل في المشروع، وهو يجد متعة في هذا العمل، ويقوم بزيارة عائلة درويش مرتين في الأسبوع. ولم يكن لقاؤه بها للمرة الأولى، فهو كان قد تعرف عليها خلال وجودها في مخيم إيواء اللاجئين، حيث مكثت نحو نصف سنة. وفي تلك الفترة ساعد مارتين الإبن سامر في إنجاز واجباته المدرسية وتحسين لغته الألمانية، فهو يجد أن " التمارين اللغوية أهم شيء بالنسبة إليه، فسامر ينجز لأبويه، اللذين لا يعرفان الألمانية، كل مهمات الاتصال بالخارج، ويحمل بذلك مسؤولية كبيرة ليست سهلة على الإطلاق، فكما يقول: " أحيانا أحمل مالا طاقة لي به، فأبواي بحاجة إلي على الدوام". وهكذا يقوم سامر بدور المترجم الذي يرافق أبويه حيث توجها سواء إلى السوبر ماركت أم إلى الطبيب.
هرب من الحرب
والد سامر، ناصر 52 عاما، مشلول نصفيا منذ حرب الخليج، فقد أصيب خلال تبادل لإطلاق النيران بعدة رصاصات، واحدة منها في الرأس. ومنذ ذلك الحين يلازم ناصر الكرسي المتحرك، ولا يستطيع القيام بشيء دون مساعدة زوجته زهرة، التي تعاني هي أيضا من آلام مزمنة في الركبة. مارتين يقدم مساعدة قدر الإمكان، فهو مختص في المعالجة الفيزيائية ولديه خبرة في معالجة الآلام الجسدية وكما يقول " علي أن أصطحب الأبوين المريضين بشكل متكرر إلى الطبيب". ويضيف أنه زود لتوه الأب ناصر بكرسي متحرك كهربائي، كي يتمكن من التحرك باستقلالية أكبر، ولا يبقى مقيدا في المنزل.
عائلة درويش كانت قد فرت قبل خمس سنوات إلى سوريا، وهناك لم تحصل على موافقة للإقامة، وهي تنتمي إلى أقلية المندائيين الدينية غير المعترف بها في سوريا، لهذا سجلتها مفوضية اللاجئين الدولية في برنامج إعادة التوطين. وألمانيا لا تشارك رسميا في هذا البرنامج، لكنها التزمت باحتضان 2500 عراقي.
سارة هيرجنروتر، من مجلس شؤون اللاجئين في ميونيخ هي إحدى المنظمات لحملة "أنقذني"، توضح المواصفات التي يجب توفرها في الأشخاص الذين يحق لهم أن يسجلوا في برنامج إعادة التوطين وتقول: " إن الأشخاص الذين يحتضنهم برنامج إعادة التوطين هم الأشخاص الذين يحتاجون إلى حماية، أي الذين لا يحصلون في سوريا أو الأردن على موافقة للإقامة، ومن عندهم عدد كبير من الأولاد، والأشخاص الذين يتعرضون إلى الملاحقة بسبب انتمائهم إلى أقلية عرقية أو دينية، أو يعانون من المرض، أو يعيشون بمفردهم."
صداقة مدى الحياة
ميونيخ احتضنت 127 عراقيا يعيشون جميعهم في الوقت الحاضر من المساعدات الاجتماعية، وقد حصلوا على إذن بالعمل، لكنهم لا يستطيعون ممارسة مهنة ما، لأنهم لم يتعلموا الألمانية بعد، كما أنهم ما يزالون ينتظرون على مقعد للالتحاق بدورات الاندماج في المجتمع.
والأشخاص الذين يعملون في إطار المشروع يساعدون العراقيين على تجاوز هذه المرحلة الصعبة، وفي كثير من الحالات تستمر الصداقة بين الجانبين، فكما يقول مارتين " أعتقد أنني سأبقى على صلة بعائلة درويش حتى بعد أن تتمكن من العيش بشكل مستقل، فمنذ الآن تربطني بها علاقة وثيقة، وليس من السهل علي أن أتوقف فيما بعد تماما عن زيارتها.
أنيا زايلر/منى صالح
مراجعة: عبده جميل المخلافي