أوروبا تسعى لحصار المدخنين وسط تحفظ ألماني

أصدرت المفوضية الأوروبية ورقة تدعو إلى فرض حظر شامل على التدخين في دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين. وتقول المفوضية الأوروبية أن تطبيق مثل هذا الحظر سيعود بالفائدة على مواطني دول الاتحاد بالتقليل من خطر الإصابة بالأمراض المختلفة التي يسببها التدخين. من جهة أخرى يقول المعارضون لهذا التوجه أن الإكثار من القوانين التي تحد من التدخين سيكبد شركات صناعة السجائر والمتاجر التي تبيعها، مثل محطات التزود بالوقود وكذلك دور نشر الجرائد والمجلات التي تعتمد على إعلانات شركات السجائر، خسائر مالية كبيرة، مما يؤدي إلى فقدان الكثير من الأشخاص لوظائفهم.

المفوضية الأوروبية ترى من جهتها أن 19 ألفا من غير المدخنين يموتون سنويا في دول الاتحاد الأوروبي بسبب تعرضهم لدخان السجائر الذي ينفثه المدخنون في أماكن العمل والمقاهي وغيرها. وتكلف الأمراض التي يسببها التدخين دول الاتحاد الأوروبي نحو 130 مليار يورو سنويا أي ما يعادل 1.4 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لدول الاتحاد.

هل أصبح منع التدخين مطلبا شعبيا؟

تشير المفوضية الأوروبية إلى أن نجاح بعض دول العالم في فرض حظر شامل على التدخين يثبت أن "هذا الخيار عملي وقابل للتطبيق". وتعتبر المفوضية نموذجي أيرلندا واسكتلندا في تطبيق هذا الحظر دليلا على إمكانية تطبيقه على بقية دول الاتحاد الأوروبي. ويشمل حظر التدخين في ايرلندا واسكتلندا معظم الأماكن العامة المغلقة وأماكن العمل والحانات والمقاهي وستحذو بريطانيا حذو هذين البلدين خلال فصل الصيف المقبل. كذلك تطبق كل من السويد وإيطاليا ومالطا وبلجيكا وأسبانيا حظرا مماثلا للتدخين، إلا أنها تسمح بتخصيص غرف مغلقة ولكنها مزودة بنظام تهوية للمدخنين.

وقالت السلطات في استونيا وفنلندا أنها ستتبع نفس السياسة هذا العام. كما ستفرض فرنسا، التي تشتهر بمقاهيها وحاناتها التي تعبق بدخان السجائر، حظرا جزئيا على التدخين في الأماكن العامة، على يتم توسيع نطاقه العام القادم ليشمل المطاعم والمقاهي والحانات.

من ناحيته أشار مفوض الاتحاد الاوروبي للشئون الصحية، ماركوس كيبريانو، في تصريحات للصحفيين أن إقدام فرنسا على فرض حظر جزئي على التدخين قبل بضعة شهور من الانتخابات العامة يظهر أن مكافحة التبغ مسألة تحظى بقبول شعبي في أوروبا.

عراقيل أمام الحظر في ألمانيا

تبدو ألمانيا إلى الآن أكثر الدول الأوربية تحفظا بشأن قرارات حظر التدخين. فحين دخل القرار الأوروبي، الذي ينص على منع إعلانات التبغ داخل دول الاتحاد حيّز التنفيذ في أواخر شهر يوليو/تموز 2005، قامت ألمانيا برفع دعوى قضائية ضد القرار، معتبرة أن مثل هذا الإجراء يتعدى صلاحيات الاتحاد الأوروبي أو المفوضية الأوروبية.

وكانت وزيرة الصحة الاتحادية، أولا شميدت، قد صرحت آواخر ديسمبر/كانون الأول 2006 بأن الحكومة الاتحادية تريد حظر التدخين في المباني الحكومية، إلا أنها اعتبرت أن "لا حاجة لسن قانون جديد في الوقت الراهن" وأنه "يكفي إصدار توصيات بهذا الخصوص". كما ترك لوزراء الصحة في الولايات الألمانية حرية التصرف في شأن منع التدخين في ولاياتهم. ويعود السبب في تحفظ الحكومة على إقرار حظر شامل على التدخين إلى مخاوف من تعارض ذلك مع الدستور الألماني. يذكر أن المادة الثانية من القانون الألماني الأساسي تنص على ضرورة احترام حق الإنسان في صقل شخصيته ضمن أجواء العمل، وهذا ينطبق على على جميع العاملين من مدخنين أو غير مدخنين. ومع ذلك تسعى المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إلى إقناع الولايات الألمانية بالاتفاق على تعليمات موحدة في جميع الولايات تنظم أسلوب حظر التدخين في ألمانيا.