أوروبا تقبل وولفيتز لرئاسة البنك الدولي على مضض
جاء ترشيح الرئيس الامريكي جورج بوش لباول وولفيتز كرئيس للبنك الدولي خلفا لجيمس وولفنسون الرئيس المخضرم للبنك بمثابة الصدمة للاوروبيين والمعارضين للسياسة الامريكية على السواء. فبعد فوزه في الانتخابات الرئاسيه الاخيرة أعرب بوش دوما عن رغبته في اعادة اصلاح العلاقات مع الحلفاء الاوروبيين واجراء مشارورات دائمة معهم بخصوص القضايا التي تهم العالم. الا أن اقتراحه لباول فولفيتز لهذا المنصب يثبت عكس ذلك تماما. فاختيار أحد صقور الادارة الامريكية وأكثرها تشددا في التعامل مع القضايا العالمية اضافة الى اعتباره من قبل الكثيرين المهندس والمحرك الحقيقي للحرب على العراق، يدل على أن الادارة الامريكية ماضيه في طريق التشدد وأن بوش عازم دون تردد على وضع مؤيديه في مناصب حساسة جدا. وما اختياره لكوندليزا رايس وزيرةً للخارجية وللمتشدد جون بولتون مندوبا لواشنطن في الامم والمتحدة واخيرا لباول وولفيتز لمنصب رئيس احدى أهم المؤسسات المالية العالمية وأكثرها نفوذا الا دليلا واضحا على الاتجاه الذي تسلكه سفينة الادارة الامريكية الحالية. الا أن وولفيتز أكد بعد اقتراح الرئيس بوش له بأنه سيعمل يدا بيد مع الاوروبيين لمحاربة الفقر في العالم وانه سيكون أهلا لهذا المنصب، في محاولة منه لتخفيف حدة المعارضة لترشيحه.
قبول الاوروبيين بالامر الواقع
بينما تجنبت اغلب حكومات الاتحاد الاوروبي توجيه انتقادات علنية لترشيح رجل هو على دراية أوسع باستخدام الولايات المتحدة القوة العسكرية منفردة منها بمساعدات التنمية، انتقدت المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال الدفاع عن حقوق الانسان وفي مجال التنمية هذا الاقتراح وطلبت عدم القبول به تحت أي ظرف من الظروف. واثارت جماعة "اوكسفام" الخيرية الدولية ومقرها بريطانيا الشكوك أمس الثلاثاء حول مدى ملاءمة وولفوفيتز لرئاسة البنك الدولي. وصرح لويس موراجو في بيان له من مكتب الجماعة في الاتحاد الاوروبي: "اوكسفام قلقة بشان توجيه بول وولفوفيتز انتقادات شديدة للمؤسسات الدولية في السابق وافتقاره لخبرة مباشرة بقضايا التنمية." وعلقت وزيرة التنمية الالمانية هايدي ماري فيتسورك تسويل في مقابلة صحفية بعد سماعها خبر الترشيح بالقول: "هذا الاقتراح لن يلقى بالتأكيد الترحيب لا على المستوى الشعبي ولا الرسمي." الا أن الفرق بين ما يتمناه المرء وما يمكن أن يدركه شاسع للغاية، فقوانين البنك الدولي تنص على أن يتولى رئاسة البنك الدولي أمريكي، على أن يتولى بالمقابل أوروبي رئاسة صندوق النقد الدولي. ولهذا فان قدرة الاوروبيين على المناورة في هذا الامر محدودة جدا. وبما أن الامر كذلك جاء اجتماع وزراء المالية والتنمية في دول الاتحاد الاوروبي مع وولفيتز اليوم في بروكسيل للتأكيد على عدم معارضة الاتحاد على هذا الترشيح، وان كانت تصريحات مسؤولي الاتحاد لا تدل على قناعة بالامر. رئيس وزراء لوكسمبورج جان كلود يونكرالذي شارك في الاجتماع بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي صرح لرويترز قائلا: " يجب أن نتأكد ان اهداف الالفية للتنمية هي القاعدة التي ينظم الرئيس المقبل للبنك عمله على اساسها"، في اشارة الى اهداف الامم المتحدة الرامية لخفض عدد الفقراء في العالم الى النصف بحلول عام 2015.
الاتحاد الاوروبي يطالب بتغييرات على صعيد ادارة البنك
يحاول الاتحاد الاوروبي التعويض عن قبوله بباول وولفيتز كرئيس للبنك الدولي من خلال تحسين تمثيل الاتحاد في الجهاز التنفيذي لهذه المؤسسة الدولية، وذلك على حد تعبير رئيس وزراء لكسمبورغ جان كلود يونكر الذي أضاف قائلا: " ينبغي ان نتأكد من تمثيل الاوروبيين بشكل افضل في مجلس ادارة البنك." وقال دبلوماسيون من الاتحاد الاوروبي ان الاوروبيين سيضغطون على وولفوفيتز ليشغل اوروبي وممثل عن الدول النامية منصبي نائبي رئيس البنك الشاغرين. واضافوا ان فرنسا اقترحت ان يتولى الرئيس الفرنسي لنادي باريس للدول الدائنة جان بيير جوبيه منصب نائب وولفوفيتز. وقالت وزيرة التنمية الالمانية هايدي ماري فيتسوريك تسويل للصحفيين: " نصر من البداية على ان يتواصل التوجه الجديد للبنك الدولي الذي بدأه جيم وولفنسون وبصفة خاصة ان يجعل محاربة الفقر محور اهتماما البنك." من جهته لم يشر وولفيتز الى وجود صفقة بين الاوروبيين والامريكيين حول دعم الاتحاد الاوروبي لـ وولفتز مقابل دعم الولايات المتحدة لمرشح الاتحاد لرئاسة منظمة التجارة العالمية (WTO).
ومن الجدير بالذكر أن البنك الدولي سيجتمع يوم غد الخميس لاختيار خليفة لرئيسه الحالي جيمس وولفنسون. وبعد اتفاق واشنطن وبروكسل اللتان تمثلان أكثر من 70% من ميزانية البنك، فان فوز وولفيتز بمنصب الرئيس أصبح في حكم المؤكد. ويقوم البنك الدولي واسمه كاملا "البنك الدولي للانشاء والتعمير" بمنح الدول النامية قروضا طويلة الاجل تصرف على مشاريع اصلاحية واخرى مخصصة لعمليات التنمية.