أوروبا: هل من سبيل للتعامل مع تهديدات ترامب؟
٢٣ يناير ٢٠٢٥
لم تحدث في يوم تنصيب دونالد ترامب أية ضجة كبيرة بالنسبة للاتحاد الأوروبي. فالرئيس الأمريكي الجديد لم يعلن - على الأقل في الوقت الحالي - عن فرضه أية رسوم جمركية على المنتجات الأوروبية. لقد هدد ترامب خلال حملته الانتخابية بفرض رسوم جمركية جديدة تتراوح بين 10 إلى 20 في المائة على الواردات الأمريكية من الاتحاد الأوروبي.
ولكن أوروبا لم تلعب بشكل عام أي دور كبير في الساعات الأولى من ولاية ترامب الثانية، كما لوحظ أيضًا في البرلمان الأوروبي يوم الثلاثاء. ولذلك فقد جرت نقاشات أكثر داخل الاتحاد الأوروبي حول كيفية التعامل مع إدارة ترامب الجديدة.
وفي منتدى دافوس للاقتصاد العالمي، أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن تأييدها للبراغماتية. فقد قالت السياسية البارزة فون دير لاين: "سنكون براغماتيين، ولكننا سنلتزم دائمًا بمبادئنا". وأضافت أنَّ الأولوية القصوى الآن هي مناقشة المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والانفتاح على إجراء مفاوضات.
من جانبه قال ترامب يوم الاثنين إنَّه يريد تعويض العجز في الميزان التجاري مع الاتحاد الأوروبي إما من خلال رسوم جمركية أو من خلال زيادة صادرات الطاقة الأمريكية أكثر - مثل النفط والغاز الطبيعي.
"استراتيجية مزدوجة" في قضايا التجارة
وفي البرلمان الأوروبي، أكد مفوض التجارة ماروش شيفتشوفيتش على أنَّ الاتحاد الأوروبي يعتبر الآن أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة الأمريكية. وذكر أنَّ نحو 50 في المائة من الغاز الطبيعي المسال في الاتحاد الأوروبي مستورد من الولايات المتحدة الأمريكية. ومع ذلك فإنَّ الأوروبيين مستعدون لتوسيع هذا التعاون الاستراتيجي مع إدارة ترامب الجديدة، كما قال السلوفاكي ماروش شيفتشوفيتش - وذلك ربما في ضوء إجراء مفاوضات محتملة. وتابع مضيفًا أنَّ الأوروبيين في الوقت نفسه مستعدون أيضًا للدفاع عن مصالحهم المشروعة إذا اقتضت الضرورة.
وقد يكون هذا النهج هو ما يطلق عليه بيرند لانغه، رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي، اسم "الاستراتيجية المزدوجة". وبحسب بيرند لانغه، المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، يجب على الاتحاد الأوروبي التفاوض حيثما كان ذلك ممكنًا والدفاع عن مصالحه ضد الهجمات حيثما كان ذلك ضروريًا.
وفي حديث مع DW، أكد ديفيد ماكاليستر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي، أنَّ المفوضية الأوروبية استعدت بشكل أفضل لولاية ترامب الثانية. وبالإضافة إلى إجرائها هذه المرة في وقت مبكر جدًا اتصالات مع الإدارة الأمريكية الجديدة، أوضحت خلالها أنَّ الرسوم الجمركية والرسوم الجمركية المضادة ستؤدي إلى وضع يخسر فيه الجميع، كما اوضح ديفد ماكاليستر المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي.
البرلمانيون الأوروبيون يدعون إلى الوحدة الأوروبية
وكذلك يوجد إلى حد كبير توافق بين البرلمانيين الأوروبيين على ضرورة منع التصعيد في صراع تجاري مع دونالد ترامب. وفي هذا الصدد أكد الإسباني فرانسيسكو خوسيه ميلان مون أنَّ الحرب التجارية لن تفيد أحدًا. بدلًا من ذلك، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يسعى إلى إقامة علاقات تجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية، كما قال سياسي حزب الشعب الأوروبي المحافظ، فرانسيسكو خوسيه ميلان مون. وأضاف أنَّ الأوروبيين يجب عليهم العمل معًا، وعدم محاولتهم التوصل إلى تسويات منفردة مع واشنطن.
وكذلك تجد النائبة عن حزب الخضر آنا كافاتزيني أنَّ "أوروبا الموحدة" يجب أن تكون الجواب على شعار "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى". وهذا يشمل - بحسب تعبيرها - أيضًا عدم التنازل قيد أنملة فيما يتعلق بتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى. وضمن هذا السياق دعت كافاتزيني مفوضية الاتحاد الأوروبي إلى استخدام الوسائل المتاحة لها بموجب قانون الخدمات الرقمية.
ازدادت في الاتحاد الأوروبي وتيرة النقاش حول كيفية ضمان التزام شركات التكنولوجيا الكبرى بالقواعد الأوروبية، وذلك بشكل خاص على خلفية تنصيب ترامب وقربه من إيلون ماسك، صاحب منصة إكس. وهنا ينص قانون الخدمات الرقمية على أنَّه يجب اتخاذ إجراءات ضد المحتويات المخالفة للقانون مع التهديد بغرامات مالية.
انتقادات لدونالد ترامب وإشادة بإجراءاته
وقد دار الحديث أيضًا بكلمات واضحة حول غرينلاند، خاصة من قبل نواب دنماركييين مثل النائبة ستاين بوس عن مجموعة رينيو الليبرالية، والتي شددت على أنَّ مستقبل غرينلاند لا يمكن تحديده إلا من قبل سكان غرينلاند أنفسهم. لقد أكد ترامب مرة أخرى حتى بعد توليه منصبه أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة إلى غرينلاند من أجل "الأمن الدولي".
وانتقد النائب الاشتراكي الديمقراطي الليتواني فيتينيس بوفيلاس أندريوكايتيس قرار ترامب الخروج من اتفاقية باريس للمناخ - وقال إنَّه "عار". وقد أعرب أيضًا عن أسفه لعدم ذكر أوكرانيا في أول خطاب لترامب بعد توليه منصبه.
وعلاوة على ذلك فقد كانت هناك إشادة خاصة من المعسكر اليميني بإجراءات دونالد ترامب الأولى في منصبه. ومثلًا أشادت كريستين أندرسون، عضوة حزب البديل من أجل ألمانيا - المصنف في بعض أجنحته على أنَّه يميني متطرف - بخطاب تنصيب ترامب ووصفته بأنَّه "نسمة هواء عليل". وأضافت أنَّ ترامب يستعيد الأمن الداخلي من خلال إغلاقه الحدود وترحيله جميع المهاجرين غير القانونيين.
وفي نهاية النقاش، أعرب مفوض التجارة ماروش شيفتشوفيتش عن ثقته في عدم وجود أية مشكلات بين شريكين مقربين مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لا يمكن حلها بشكل ودي وتعاوني.
أعده للعربية: رائد الباش