إتقان اللغة يفتح لك باب الدراسة في الجامعات الألمانية
١٣ أغسطس ٢٠١٧بعد أن يسدل الليل ستاره ويكون الناس قد غلبهم النعاس، تجعل شذى عثمان اللغة الألمانية خير جليس لها وهي تحتسي فنجان القهوة وتستمع من التلفاز لهذه اللغة الجديدة التي تحبها. فطموح اللاجئة السورية العشرينية التي عبرت طريق البلقان مع مئات الآلاف من اللاجئين في نهاية العام 2015، لا يستطيع أن ينام، وذلك من أجل تثبيت المقعد الجامعي الذي حصلت عليه بقبول شَرطي بمدينة ريغنسبورغ في ولاية بافاريا.
بعد أن أنهت الطالبة السورية دورة الاندماج -والتي يكمل اللاجئ من خلالها ثلاث مستويات للغة الألمانية- حصلت على قبول لدراسة الهندسة الطبية في جامعة ريغنسبورغ ، بشرط أن تصل إلى مستوٍ لغوي يؤهلها لفهم المحاضرات وبدء حياتها الجامعية.
حب اللغة هو بداية طريق الدراسة
تقول شذى عثمان لمهاجر نيوز أنها تستمتع بتعلم اللغة الألمانية رغم أنها لا تخلو من بعض الصعوبات، و تضيف "حب اللغة الألمانية هو ما يجعلني ألا أواجه صعوبة كبيرة في تعلمهما. القواعد ليست سهلة و لكنني أحاول الآن اكتساب اللكنة التي يتحدثون بها".
اللاجئة الشابة كانت قد أنهت الثانوية في سوريا قبل أن تأتي إلى ألمانيا، وكانت "مصرة" من البداية، على أن تكمل دراستها الجامعية، فبدأت تسأل عن كيفية بدء مشوار الدراسة عن طريق سؤال الأصدقاء وعبر الانترنت حتى عرفت أن العديد من الجامعات الألمانية تقدم دورات دراسية خاصة للاجئين الذين يريدون إتمام تعليمهم. فتوجهت اللاجئة الطموحة للحصول على مقعد دراسي إلى جامعة مدينتها، و سجلت اسمها وبعد شهر بدأت بدراسة اللغة.
أحد امتحانين لدخول الجامعة
تقول اللاجئة التي تعيش وحيدة أنها ستبدأ بعد العطلة الصيفية بدورة مكثفة للمستوى الرابع من اللغة الألمانية B2 وبعدها ستقوم بالتحضير لـ "امتحان اللغة الألمانية لدخول الجامعة"DSH والذي يجب أن ينال فيه الطالب غالباً المستوى الثاني DSH2 على الأقل قبل أن يحصل على مقعده الجامعي.
التحضير للدراسة الجامعية في ألمانيا لا يقتصر على العروض التي تقدمها الجامعات، بل هناك بعض المنظمات والمؤسسات والبرامج الحكومية التي تتولى هذه المهمة، مثل مؤسسة "أوتو بينيكس شتيفتونغOtto Benecke Stiftung " الممولة من الحكومة، والتي تعمل مع برنامج تأمين الاستشارة التعليمية (Die Bildungsberatung Garantiefonds Hochschule) لمساعدة اللاجئين الراغبين بإتمام تعليمهم الجامعي بعد إنهائهم لدورة الاندماج، عن طريق تقديم دورات اللغة التحضيرية لدخول الجامعة.
تقول المسؤولة في برنامج الاستشارة التعليمية أميليا بافل لمهاجر نيوز، إن مهتمهم الأساسية هي تحضير الطلاب اللاجئين من أجل دخول الجامعة، وتضيف "غالبية اللاجئين لديهم مشكلة في تمويل المستوى الأخير من اللغة C1 لأن مكتب العمل يقدم لهم فقط الدورات التي تحضّرهم لسوق العمل، لذلك نقوم نحن بتأمين الدورات التحضيرية للجامعة لهم بتمويل من منظمة أوتو بينيكس".
آلان محمد هو أحد الطلاب الذين استفادوا من العرض الذي تقدمه هذه المنظمة، فبعد إنهاء دورة الاندماج أخبرته مديرة مدرسته عن المنظمة التي تدعم الطلاب اللاجئين لدخول الجامعة. فتوجه اللاجئ السوري العشريني الذي كان يقيم في مدينة بيلفيلد إلى مكتب المنظمة هناك، وقام بتسجيل اسمه لتتولى المنظمة فيما بعد دفع جزء من إيجار سكنه بالإضافة للدورة المجانية.
يقول آلان لمهاجر نيوز، إنه استفاد كثيراً من الدورات التحضيرية لدى هذه المنظمة والتي تنتهي بـ "امتحان الألمانية كلغة أجنبية" TestDaF الذي تقبله جميع الجامعات الألمانية كمعيار للقبول، والذي يتكون من 5 مستويات، وعلى الطالب غالباً أن ينال المستوى الرابع TestDaF4 قبل أن يستطيع دخول الجامعة.
تأهيل جيد لدخول سوق العمل بقوة
بعد أن حصل آلان على المستوى الرابع TestDaF4 استطاع أن يحصل على قبول جامعي من جامعتين، ففضل اختيار هندسة النظم الاقتصادية في جامعة مونشنغلادباخ، وهو يدرس الآن هناك وكله طموح وثقة في أن يستطيع دخول سوق العمل بـ"قوة" بعد أن يتجهز لذلك أثناء دراسته الجامعية.
وحتى أثناء الدراسة الجامعية يدعم قانون دعم التعليم الاتحادي BAfÖG الموجود منذ عام 1971، الطلاب مادياً أثناء دراستهم على شكل قرض طويل الأمد كي يتفرغوا لتعليمهم ولا يتعرضوا لضغط الدراسة والعمل في آن واحد.
وعن ذلك يقول الطالب آلان محمد الذي نجح في الفصل الدراسي الأول: "المنظمة تدفع لي شهرياً حوالي 700 يورو، لكن يجب عليّ إرجاع نصف المبلغ الذي اقترضه بعد التخرج".
ضرورة عدم "حرق المراحل"
يقول آلان الذي حصل على فرصة للتدريب المهني في إحدى شركات البرمجيات إن هناك العديد من المفاهيم الخاطئة المنتشرة بين اللاجئين الذين يريدون إتمام تعليمهم، كفكرتهم عن المعاهد العليا Hochschulen مثلاً. فالكثير منهم يعتقد أن الجامعات أفضل من هذه المعاهد رغم أن المعاهد العليا تقدم تدريباً عملياً أفضل، وخاصة في فروع الهندسة. ويضيف "يجب على الطلاب أن يسألوا المختصين عن كل سؤال يخطر ببالهم وألا يعتمدوا على الانترنت فحسب".
وعن أهم المشاكل التي تعترض الطلاب الذين تقابلهم، تقول المسؤولة في برنامج الاستشارة الدراسية أميليا بافل إن الكثير من الطلاب يريدون "حرق المراحل" وإنهاء تعلم اللغة بسرعة ليلتحقوا بالجامعة فوراً، وتضيف "بدون إتقان اللغة يكون النجاح في الدراسة صعباً للغاية. ولهذا يجب على الطلاب أن يستثمروا وقتهم وطاقتهم في تعلم اللغة ليتجنبوا مواجهة صعوبات كبيرة أثناء الدراسة الجامعية".
كما يؤكد طالب هندسة النظم الاقتصادية آلان محمد على أهمية إتقان اللغة الألمانية قبل الدراسة، ويقول "إتقان اللغة الألمانية هو الذي يعطيني الثقة اللازمة للتفوق في دراستي".
المصدر: مهاجر نيوز