إدانات دولية للانقلاب الذي أطاح بحكم كوندي في غينيا
٦ سبتمبر ٢٠٢١ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالانقلاب العسكري في غينياعقب تقارير باعتقال الرئيس ألفا كوندي خلال سلسلة من الاشتباكات المسلحة بالعاصمة. وقال غوتيريش في تغريدة على تويتر "أندد بقوة بأي عملية استحواذ على الحكومة بقوة السلاح وأدعو إلى الإفراج الفوري عن الرئيس ألفا كوندي". وأظهر العديد من المقاطع المصورة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما يبدو أنه إطاحة بالرئيس كوندي.
وفي مقطع مصور يحمل شعار هيئة الإذاعة الحكومية، شوهد عدة رجال يرتدون الزي العسكري ويحملون العلم الوطني. وقال أحدهم إنه تمت الإطاحة بالحكومة، وتعطيل الدستور وإغلاق حدود البلاد. وفي مقطع مصور آخر، شوهد كوندي نفسه مع رجال بزي عسكري. ولم يتضح في بادئ الأمر المكان الموجود به الرئيس. وقال شهود عيان إن الوضع متوتر للغاية خاصة في المنطقة المحيطة بالقصر الرئاسي في حي كالوم. وتردد أن الجيش يُسيّر دوريات في شوارع كوناكري. وأفاد شهود عيان بانتشار جنود يحملون أسلحة آلية في شوارع المنطقة التي يوجد بها القصر الرئاسي في العاصمة الغينية كوناكري، وذلك بعد سماع دوي إطلاق نار كثيف.
إدانات إفريقية ودولية للانقلاب العسكري
دعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) المجلس العسكري في غينيا إلى الإفراج فورا عن الرئيس ألفا كوندي، ولوحت بفرض عقوبات. وطالبت المجموعة بعودة سريعة للنظام الدستوري.وندد بيان صادر عن رئيس غانا نانا أكوفو-أدو، الرئيس الحالي لإيكواس، بما وصفها "بمحاولة انقلاب" وطالب بإطلاق سراح كوندي، الذي يحتجزه الجنود، على الفور ودون شروط.
من جهتها،أدانت الولايات المتحدة أحداث الانقلاب في العاصمة الغينية. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان إن العنف وأي إجراءات خارجة عن الدستور لن تؤدي إلا إلى تراجع فرص غينيا في السلام والاستقرار والازدهار. وجاء في البيان أن "الولايات المتحدة تدين أحداث اليوم في كوناكري". وأضاف أن "هذه الإجراءات يمكن أن تحد من قدرة الولايات المتحدة وشركاء غينيا الدوليين الآخرين على دعم البلاد وهي تتجه نحو الوحدة الوطنية ومستقبل أكثر إشراقا للشعب الغيني".
كما نددت فرنسا (القوة الاستعمارية السابقة) بـ"محاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة" في غينيا، داعية إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن الرئيس (ألفا) كوندي"، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية. وجاء في البيان أن باريس "تنضم إلى دعوة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، لإدانة محاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة" الأحد و"للمطالبة بالعودة إلى النظام الدستوري".
ودعت مصر، العضو الفاعل في التحاد الإفريقي كافة الأطراف في غينيا إلى ضبط النفس والالتزام بالطرق السلمية. وقالت الخارجية المصرية، في بيان، إن مصر تتابع "عن كثب وببالغ الاهتمام التطورات المتسارعة التي تشهدها جمهورية غينيا، والمنعطف الخطير الذي آلت إليه الأزمة الراهنة في البلاد". ودعت "جميع الأطراف الغينية إلى ضبط النفس والالتزام بالطرق السلمية والحوار لتسوية الأزمة والوصول بالبلاد إلى بر الأمان". واستولت قوات من الجيش في غينيا أمس على السلطة وعطلت العمل بالدستور، كما قامت بنقل الرئيس ألفا كوندي إلى "مكان آمن". وكان الرئيس ألفا كوندي أدى اليمين الدستورية في كانون أول/ديسمبر الماضي لولاية ثالثة في منصبه.
رئيس معزول بعد تغييرات دستورية مثيرة للجدل
وكان الرئيس ألفا كوندي (83 عاما) أدى اليمين الدستورية في كانون أول/ ديسمبر الماضي لولاية ثالثة في منصبه. كوندي كان موضع ترحيب عندما تولى السلطة في عام 2010 أملا في أن يمثل حكمه بداية مرحلة جديدة من الديمقراطية، إلا أنه بدأ يشن حملة قمع متزايدة ضد خصومه مع تزايد المعارضة لحكمه المستمر منذ أكثر من عقدين. ونجا كوندي من محاولة اغتيال عام 2011 أسفرت عن مقتل اثنين من حراسه الشخصيين وإصابة آخرين، ما عكس التحول الهش في غينيا بعد الانقلاب الذي شهدته عام 2008.
ونزل مئات من سكان كوناكري لا سيما في الضواحي المعروفة بأنها مؤيدة للمعارضة، الى الشوارع للترحيب بالعسكريين من القوات الخاصة. وقال أحدهم رافضا كشف اسمه "نحن فخورون بقواتنا الخاصة، عار على الشرطة وعار على ميليشيا الرئيس السابق ألفا كوندي، الموت لجلادي وقتلة شبابنا".
وقال ماديو سو وهو سائق "لم أكن لأتخيل أن ألفا كوندي سيترك السلطة في حياتي، لقد اساء إلي كثيرا"، مضيفا "لقد قتل خلال التظاهرات شقيقتي ماريانا، وابني اخي بيسيريو وابن عمي الفاديو، ولم يحظ أي منهم بتعاطف السلطة". وكان يشير الى القمع الدموي لتظاهرات المعارضة والتعبئة ضد اعتماد دستور جديد في استفتاء عام 2020 والذي استخدمه كوندي للترشح والفوز بولاية ثالثة. وأكد زعيم الانقلابيين "سنعيد صوغ دستور جديد معا، هذه المرة، كل غينيا"، معربا عن أسفه "لسقوط كثير من القتلى بدون جدوى، كثير من الجرحى وكثير من الدموع". ولم يشأ أبرز قادة المعارضة التحدث مع وسائل الإعلام، لكن الجبهة الوطنية للدفاع عن الدستور، وهي تحالف حركات سياسية وأخرى من المجتمع المدني، نظمت الاحتجاج ضد ولاية ثالثة لكوندي، قالت إنها أخذت علما "باعتقال الديكتاتور" وبتصريحات العسكريين حول الدستور.
حظر التجول على كامل التراب الغيني
فرض ضباط القوات الخاصة حظر تجول في كل أنحاء البلاد "حتى إشعار آخر" واستبدال حكام المناطق بعسكريين. وقال الضباط في بيان بثه التلفزيون الوطني إنه سيتم عقد اجتماع لوزراء حكومة كوندي ومسؤولين آخرين كبار اليوم (الاثنين السادس من أغسطس / آب 2021) في العاصمة كوناكري. وأضافت مجموعة الضباط أنّ "أيّ رفض للحضور، سيُعتبر تمردا" على المجلس الذي شكله الانقلابون لحكم البلاد.
وأشارت المجموعة إلى أن "حظر التجول يبدأ اعتبارا من الساعة 20.00 على كامل أنحاء التراب الوطني وحتى إشعار آخر"، لكنهم دعوا الموظفين للحضور إلى العمل يوم الاثنين. وحضّ الضباط "جميع الوحدات (العسكرية) في الداخل على التزام الهدوء وتجنب التحركات نحو كوناكري".
كما قالوا إنهم يريدون "طمأنة المجتمع الوطني والدولي بأن السلامة الجسدية والمعنوية للرئيس السابق ليست بخطر. لقد اتخذنا كل التدابير لضمان حصوله على رعاية صحية". ولم يتم الإبلاغ عن سقوط أي ضحية الأحد خلال هذه العملية الانقلابية، رغم إطلاق النار الكثيف بالأسلحة الرشاشة الذي سمع صباحا في عاصمة هذا البلد المعتاد على المواجهات السياسية العنيفة. ويبدو أن انتهاء أكثر من عشر سنوات من نظام كوندي أثار مشاهد فرح في مختلف أحياء العاصمة.
وبدأ كوندي (83 عاما) ولايته الثالثة في كانون الأول/ديسمبر 2020 رغم طعون من منافسه الرئيسي سيلو دالين ديالو وثلاثة مرشحين آخرين نددوا بـ"حشو صناديق" وتجاوزات من كل الأنواع. وأصبح كوندي وهو معارض سابق تاريخيا، عام 2010 أول رئيس ينتخب ديموقراطيا في غينيا بعد عقود من أنظمة سلطوية. ويندد مدافعون عن حقوق الإنسان بنزعة سلطوية سجلت خلال رئاسته على مر السنوات وأدت الى التشكيك في المكتسبات التي تحققت في بداية عهده. وكان كوندي يفاخر بأنه دفع بحقوق الإنسان قدما وبالنهوض بالبلاد.
ح.ز/ع.أ.ج (رويترز/ د.ب.أ / أ.ف.ب)