إشراقة جديدة لمدينة يينا بعد تخطي مصاعب الوحدة الألمانية
١٣ مايو ٢٠٠٨مدينة يينا الألمانية الواقعة في شرق ألمانيا، تشهد حالياً عملية إحياء بعد أن مرت بفترة من الاضطراب إثر عملية توحيد ألمانيا. كانت المدينة العريقة مشهورة باستضافتها للمقر الرئيسي لشركة كارل تسايز، رائدة تصنيع الأجهزة والمعدات البصرية في مطلع القرن العشرين. لكنها سرعان ما تعرضت لأزمة كبيرة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث دمرت معظم المصانع والمعاهد البحثية في ألمانيا الشرقية. واعتقد معظم الألمان أن يينا لن تتمكن من العودة إلى سابق عهدها، لكنها تمكنت من النهوض مرة أخرى، وتحقيق نجاح كبير إلى أن سقط سور برلين في عام 1989، وتعرضت المدينة لأزمة جديدة إثر إعادة توحيد ألمانيا وسعي الشركات في ألمانيا الغربية إلى الاستيلاء على الشركات المنافسة في الشرق.
الوحدة الألمانية تؤثر على سوق العمل في المدن الشرقية
وتعرضت المدينة إلى توقف مفاجئ في النمو الاقتصادي الذي شهدته تحت راية جمهورية ألمانيا الديمقراطية، حيث تأثر سوق العمل في المدينة الشرقية بشكل كبير بعملية إعادة التوحيد، وانهارت الأسواق الشيوعية في أوروبا الشرقية وأفلس عدد كبير من الشركات. وكانت هناك مخاوف من أن تعانى يينا من نفس مصير المراكز الصناعية الشرقية الأخرى، حيث تمت السيطرة على الشركات والمصانع في المدن الشرقية بتكلفة منخفضة من قبل منافسين غربيين.
عودة الروح إلى المدينة
ومع قدوم لوثار شبيت، وهو أحد رؤساء الوزارة السابقين لولاية بادن فورتمبيرغ، عام 1991 إلى المدينة وتوليه إدارة شركة ينوبتيك، وريثة شركة كارل تسايز، تغيرت الأوضاع وبدأت المدينة في النهوض مجددا. وسمح للعاملين السابقين في شركة كارل تسايز باستخدام منشآت الشركة لتأسيس شركات خاصة بهم ، الأمر الذي أدى إلى طوفان من المشاريع الجديدة في التسعينات. وتم إنشاء مجمع بويتنبرغ عام 1998، إلى جانب سلسلة من المعاهد البحثية ومركزين علميين آخرين أحدهما للتكنولوجيا الحيوية. فساهمت هذه المشاريع في تعزيز الاقتصاد المتداعي للمنطقة، كما أضفى دخول التكنولوجيا المتقدمة للمدينة جاذبية على الشركات القائمة هناك.
ويرى مايكل ميرتين، رئيس شركة ينوبتيك الحالي، أن التعاون الفريد بين الاقتصاد والعلم في المدينة ساهم في هذه النهضة الاقتصادية التي شهدتها البلاد. كما نقلت عنه وكالة الأنباء الألمانية قوله إن أعمال الشركة قد أعيد هيكلتها بإضافة خمسة أقسام تغطي مجالات البصريات والليزر ونظم الدفاع وحلول مشاكل المرور إضافة إلى المقاييس الصناعية. ومن خلال 130 متدربا و 600 عامل من بين موظفيها البالغ عددهم 3500 يقومون بأعمال البحث والتطوير، وتهدف يينوبتيك من خلال ذلك إلى أن تصبح مجموعة مستقلة برأس مال مليار يورو في وقت قريب.
الدخول إلى السوق الأمريكية
وفي عام 2006 دخلت الشركة في سوق خدمات المرور في أمريكا الشمالية وطورت أنظمة مراقبة البنية التحتية، وتنويهات المخالفات المرورية وتحصيل الغرامات. وقال مارتن في هذا الصدد: "الآن مع تواجدها في أكثر من 60 بلدا أصبحت ينوبتيك بسهولة رائدة في السوق العالمية في مجال المراقبة المصورة لحركة المرور". وفي العام الماضي حققت الشركة عائدات بلغت 520 مليون يورو، منها قرابة 60 بالمائة حققته من الخارج.
العلم يتزاوج مع الثقافة في يينا
من ناحية أخرى، يؤكد خبراء التسويق أن مدينة يينا أصبحت اليوم بوتقة لانصهار مؤسسات الأعمال والنشاط الثقافي معاً، وأضحت مكانا لإجراء البحوث وتسجيل براءات الاختراع والقيام بالمشاريع، فضلا عن " الكتابة والتمثيل المسرحي والتأليف والفلسفة".
ومن جانبه أقر نيكولا ميلتون المدير الموسيقى وقائد فرقة يينا الموسيقية بأن المدينة تتمتع "بجو ثقافي كبير". ويقول ميلتون من سيدني باستراليا إن عددا من فرق الاوركسترا في ألمانيا وفي جميع أنحاء العالم تناضل غالبا لجذب اهتمام الجمهور، ولكن في يينا "نقوم بتقديم عروض فنية بانتظام في صالات تكتظ بالجمهور". وكان الشاب الاسترالي النشط قد وصل إلى يينا في عام 2004 بعد أن قاد حفلات موسيقية لأوركسترا أيدلايد السيمفونية لمدة ست سنوات. وعلى الرغم من أن معظم أعضاء الأوركسترا من ألمانيا، إلا أن هناك أيضا عازفين من رومانيا والمجر وكندا والولايات المتحدة.