احتفاء كبير بأوركسترا الشباب العراقي في مهرجان بيتهوفن
٤ أكتوبر ٢٠١١بالنسبة للشباب العازفين من الأوركسترا العراقية كان الحفل الذي قدموه يوم السبت (الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2011) في مهرجان بيتهوفن تحقيقاً لحلم حياتهم. بدأ الحفل بمقطوعتين كُتبتا خصيصاً لهذه الحفلة بتكليف من مؤسسة دويتشه فيله. ألّف المقطوعة الأولى الموسيقار الكردي الشاب علي عثمان الذي يعيش حالياً في هولندا، وهي بعنوان "دعاء"؛ وتلتها مقطوعة ألفها الموسيقار محمد أمين عزت بعنوان "جمل الصحراء"، وهو عنوان – قال عزت في المؤتمر الصحفي في دويتشه فيله – إنه يشير إلى "السمات المشتركة بين الجمل والشعب العراقي، أي إلى القوة والشجاعة والصبر".
خلال الاستراحة كان بعض الزوار يشعرون وكأنهم في حفل مدرسي، ليس فقط بسبب صغر عمر العازفين، وإنما أيضاً بسبب الأخطاء والهنات التي شابت عزفهم. كان تعقيب البعض على مقطوعة "جمل الصحراء" أنها "تشبه موسيقى الجاز"، في حين اعتبرها البعض "موسيقى مرحة". لا يريد أحد من الحاضرين في هذه الأجواء الاحتفالية أن يقول إن العازفين العراقيين لم يصلوا بعد إلى العزف الجماعي المتناغم. لكن الجميع كان يقدر إنجازهم الكبير في هذه الفترة القصيرة.
بعد هاتين المقطوعتين عزفت الأوركسترا السيمفونية رقم 104 ليوزف هايدن، وبعد الاستراحة عُزف الكونشرتو الذي ألفه بيتهوفن لآلة الكمان والأوركسترا. كان العزف في هذا الكونشرتو متميزاً. لعل العازفين كانوا قد نفضوا عنهم التوتر والعصبية، ولعل ذلك يرجع إلى عازفة الكمان المنفردة الشابة أرابيلا شتاينباخ.
كان أداء شتاينباخ بارعاً يجمع بين الهدوء والرهافة في المشاعر، ولذلك حصدت في نهاية الأوركسترا تصفيقاً طويلاً من الجمهور، وهو تصفيق كان يحتفي أيضاً بالشباب العراقيين الذين أنجزوا خلال أسابيع ما ينجزه غيرهم في سنوات.
الرئيس الألماني: بارقة أمل كبيرة بالنسبة للعراق
وقد احتفى الرئيس الألماني كريستيان فولف بالفرقة العراقية، وصعد خصيصاً إلى المسرح ليهنئهم على أدائهم وبنجاحهم في هذا الاختبار الصعب. وفي حوار مع دويتشه فيله اعتبر فولف "هذه الأوركسترا بارقة أمل كبيرة بالنسبة للعراق بكافة أطيافه، الأمل في التفاهم بشكل أفضل"، مشيراً إلى قدرة الموسيقى على توحيد البشر من كافة العرقيات والديانات والجنسيات.
بعد الحفل اجتمع الشباب في قاعة جانبية ليحتفلوا بنجاحهم في أول حفل موسيقي يقدمونه خارج العراق. حتى الآن لم تنجح الفرقة في العزف في بغداد، وها هم يقدمون حفلاً يلقى الإعجاب في عرين الأسد، في مسقط رأس الموسيقار الكبير لودفيغ فان بيتهوفن. امتد احتفال الفرقة حتى ساعات الصباح الأولى. شربوا ورقصوا حتى الفجر مع عازفة الكمان أرابيلا شتاينباخ. وفي الصباح شد معظمهم الرحال إلى محطة القطار، ومنها إلى المطار. ما يتبقى من بون: ذكريات جميلة، وصور تذكارية، وشعور بالنجاح.
سيعود أفراد الفرقة ليتشتتوا في أنحاء العراق، ولن يجدوا فرصة للتواصل إلا عبر البريد الإليكتروني والفيسبوك. تواجه الأوركسترا مشكلات كبيرة في التمويل الذي ما زال يعتمد في جزء كبير منه على الخارج. ولكن أعضاء الفرقة يتناسون المشاكل المادية، فهم على وعد بلقاء جديد، إذ وصلت الأوركسترا دعوة للمشاركة في مهرجان أدنبره في أغسطس/ آب 2012، وبعد ذلك سيعزفون في لندن ثم في العراق. وبالتأكيد ستكون هناك حفلات أخرى قادمة.
سيمون تونيس (س ج)
مراجعة: أحمد حسو