اختبار ميركل أمام الشعبوية اليمينية في خضم أزمة اللاجئين
١٣ مارس ٢٠١٦بدأ نحو 13 مليون ألماني التصويت الأحد (13 آذار/ مارس 2016) في ثلاث انتخابات محلية، في بلد يواجه شكوكاً إزاء أزمة تدفق اللاجئين، وهي انتخابات يمكنها إغراق معسكر ميركل وتعويم الشعبوية اليمينية. وفي هذه الانتخابات التي تعتبر بمثابة اختبار قبل 18 شهراً من الانتخابات التشريعية، فتحت مراكز الاقتراع عند الساعة السابعة صباحاً بتوقيت غرينتش في ولايات بادن- فورتمبيرغ وراينلاند-بفالس وساكسونيا-أنهالت، والتوقعات الأولى منتظرة بعد وقت قليل من إغلاقها نحو الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش.
وتجنباً لنكسة مريرة جداً بالنسبة إلى الاتحاد المسيحي الديمقراطي، كثفت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التجمعات الانتخابية، خصوصاً في ولاية بادن-فورتمبيرغ، معقل المحافظين الذي بات في خطر، وراينلاند-بفالس، حيث المنافسة على أشدها بين حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وخصصت ميركل السبت أيضاً الجزء الأكبر من تجمعها الانتخابي لأزمة المهاجرين التي خلطت الأوراق السياسية وهددت صورتها للمرة الأولى خلال عشر سنوات من وجودها في السلطة. وشددت على أن "واجب" اللاجئين هو الاندماج، لافتة إلى أن الحلول الأوروبية الموعودة منذ أشهر ستقلص أعداد المهاجرين الذين انخرطوا في رحلة خطرة نحو شمال أوروبا.
حالة غليان
وتعيش ألمانيا حالة غليان منذ أن فتحت أبوابها في العام 2015 لأكثر من مليون طالب لجوء، خصوصاً لسوريين هاربين من جحيم الحرب على متن قوارب هوائية للوصول إلى الاتحاد الأوروبي. ومع حصول حرائق في منازل طالبي اللجوء، ومجتمع مصدوم باعتداءات جنسية ارتكبها مهاجرون في كولونيا: يبدو أن الألمان الذين استقبلوا اللاجئين في بادئ الأمر بالترحاب، باتوا مربكين. وهناك عدد متزايد منهم يتجه نحو اليمين الشعبوي الذي يأمل في تحقيق نتيجة تاريخية الأحد.
ومن المتوقع أن يكون حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المناوئ لليورو والذي أنشئ قبل ثلاث سنوات، الفائز الأكبر في هذه الانتخابات المحلية، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى فوزه بـ18 إلى 19 بالمئة من نوايا الأصوات. وبعد التصويت الأحد، يمكن أن يصبح حزب "البديل من أجل ألمانيا" ممثلاً في نصف البرلمانات المحلية الـ16.
ارتفاع أسهم "البديل من أجل ألمانيا"
ومع 19 بالمائة من الأصوات في ساكسونيا-أنهالت، يتنافس حزب "البديل من أجل ألمانيا" مع حزب اليسار الألماني على مركز ثاني قوة سياسية محلية، على الرغم من أن هذه الولاية في شرق ألمانيا لا تستقبل سوى عدد قليل من اللاجئين. ويعتبر ارتفاع أسهم حزب "البديل من أجل ألمانيا" سيناريو غير مسبوق منذ عام 1945 في بلد يبحث دائماً عن المثالية الأخلاقية بعد الرعب النازي.
وحزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي يدعو أيضاً إلى إغلاق الحدود أمام تدفق المهاجرين، يواصل سياسته الشعبوية اليمينية مع أنصاره من خلال تبني خطاب معاد للأحزاب التقليدية. وترفض الأحزاب التقليدية أي تعاون مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" بصفته "عاراً بالنسبة إلى ألمانيا"، وفق ما قال وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله.
وترى الأحزاب التقليدية أن مهمة حزبي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي اللذين يهيمنان على الحياة السياسية منذ 70 عاماً، في تشكيل تحالفات ممكنة على مستوى الولايات، قد تكون صعبة. غير أن ميركل واثقة من أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" سينحسر ما أن تُحل أزمة المهاجرين. من جانبه قال وزير الداخلية الألماني المحافظ توماس دي ميزيير السبت لصحيفة "دي فيلت" إن "حزب البديل من أجل ألمانيا لا يملك أي مفهوم سياسي أو مهارة لإيجاد الحلول".
وفي بادن-فورتمبيرغ، وهي منطقة مزدهرة وحيث نسبة البطالة هي الأدنى في ألمانيا وتصل إلى 4 بالمائة، قد يخسر الاتحاد المسيحي الديمقراطي حتى 10 نقاط مقارنة بالاقتراع السابق، وقد يخسره حزب الخضر مكانته كأول قوة سياسية محلية. أما المرشح القليل الحظوظ في هذه المنطقة، غيدو فولف، فنأى بنفسه عن ميركل خلال الحملة الانتخابية، في محاولة منه للتقرب من ناخبين متعلقين كثيراً بالقيم المسيحية ويخشون تدفق مهاجرين مسلمين.
وفي ولاية راينلاند-بفالس المجاورة، دعت مرشحة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي جوليا كلوكنر إلى التشدد في سياسة الهجرة، وباتت في منافسة شديدة مع المرشحة الاشتراكية مالو دراير، فيما يأمل حزب "البديل من أجل ألمانيا" في الحصول على 9 بالمئة من الأصوات.
ويرى عدد من الخبراء السياسيين أن ميركل تبقى على الرغم من الأصوات المعارضة لها، الأقوى سياسياً في غياب منافس قادر على هزيمتها، وقد شهدت شعبيتها صعوداً من جديد خلال الأسابيع الماضية.
ع.غ/ ط.أ (آ ف ب، DW)