ارتفاع سعر اليورو يلقي بظلاله على الصادرات وفرص النمو في أوروبا
٢٧ نوفمبر ٢٠٠٧مازال الهبوط الحاد لسعر صرف الدولار الأمريكي أمام العملة الأوروبية اليورو يقلق مضاجع رجال الاقتصاد والساسة الأوروبيين على حد سواء وينذر بتداعيات اقتصادية سلبية. فإلى جانب المخاوف من أن تضر قوة اليورو بحجم الصادرات الأوروبية وتبطئ النمو الاقتصادي في منطقة اليورو، يخشى المحللون الاقتصاديون من أن يدفع سعر اليورو المرتفع الشركات الأوروبية إلى نقل وحداتها الإنتاجية خارج منطقة اليورو.
وقد أبدت بالفعل عدد من الشركات عزمها مراجعة سياستها الإنتاجية. فالعملاقة الأوروبية إيرباص لصناعة الطائرات، باتت من أكثر الشركات الأوروبية تضررا من ارتفاع اليورو، وبدأت تفكر في إنتاج الطائرات في الولايات المتحدة. فارتفاع اليورو أمام الدولار بعشر سنتات يتسبب في خسائر بأكثر من مليار يورو للشركة. الأمر الذي دفع مسؤولي الشركة إلى التفكير بجدية في إمكانية نقل مكان الإنتاج إلى خارج منطقة اليورو ونقل بعض وحدات الإنتاج إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
كما بدأت شركة "بي إم دبليو" BMW الألمانية لصناعة السيارات بتوسيع وحداتها الإنتاجية في الولايات المتحدة. ولا تنوي الشركة أن يقتصر إنتاج هذه المصانع على السوق الأمريكية فحسب، بل إنها تعد العدة لتصديرها لمختلف مناطق العالم.
تخفيض سعر الفائدة
ومن ناحيتهم يأمل المراقبون الاقتصاديون أن يلجأ الاحتياطي الفدرالي الأمريكي إلى تخفيضات إضافية لسعر الفائدة الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية للحيلولة دون وقوع كساد اقتصادي. كما يخشى المراقبون أن يؤدي تقلص الفارق بين سعر الفائدة على ضفتي الأطلسي إلى تكريس عدم الاهتمام بالدولار وتعزيز جاذبية اليورو. فارتفاع الفائدة في منطقة اليورو سيدفع المستثمرين إلى الإقبال على استبدال الدولار الأمريكي باليورو للاستثمار في الودائع المالية.
ويعد ذلك من الأمور البديهية، لأن أصحاب رؤوس الأموال غالبا ما يسعون إلى تجنب الخسائر وتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح مقتنصين فرص الربح الناجمة عن أي تغير أو أزمة في المناخ الاقتصادي العالمي.
الجدير بالذكر أن أسباب اتساع الفارق في سعر صرف اليورو والدولار تعود بالأساس إلى انخفاض توقعات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية وتداعيات أزمة قطاع الرهن العقاري الأمريكي، التي تجاوزت ظلالها القاتمة الولايات المتحدة الأمريكية لتؤثر على الكثير من الأنشطة الاقتصادية في أوروبا كذلك.
جوانب إيجابية
ومن جالب آخر لا ينفي رجال الاقتصاد أن ارتفاع سعر اليورو مقابل الدولار ينطوي كذلك على منافع اقتصادية مهمة. فارتفاع سعر اليورو ساهم بشكل كبير في التخفيف من تأثير الارتفاع الحاد، الذي شهدته أسعار النفط، الذي غالبا ما يُسعر بالدولار. إلى ذلك، ساهمت قوة العملة الأوروبية في تخفيض أسعار الوردات من خارج الإتحاد الأوروبي، خاصة من الدول التي تتداول الدولار، وبالتالي الحد من مخاطر التضخم في منطقة اليورو.
وعاد ارتفاع اليورو بالفائدة أيضا على قطاع السياحة، إذ يستفيد العديد من المواطنين الأوروبيين من سعر اليورو المرتفع لحجز رحالات سياحية للولايات المتحدة الأمريكية بأسعار جذابة مقارنة مع الفترات السابقة.
الاقتصاد الأمريكي يستفيد هو الآخر في خضم هذه الأزمة المالية من انخفاض قيمة الدولار، الذي ساهم في تنشيط الصادرات الأمريكية ولجم العجز التجاري مع بعض الدول.