ازدياد شكوك النخبة السياسية الألمانية بقدرات ميركل القيادية
٨ يوليو ٢٠٠٦كشف استطلاع للرأي قام بإجرائه مؤخرا التلفزيون الألماني الأول بهدف تقصي آراء المواطنين الألمان حول أداء حكومة الائتلاف الحكومي الكبير، الذي تقوده المستشارة أنجيلا ميركل عن تدهور كبير في شعبية الحزبين السياسيين الكبيرين اللذان يشكلان الحكومة الحالية. فقد عبرت الأغلبية الساحقة، ثلاثة أرباع المواطنين الألمان عن عدم رضاها عن أداء الحكومة الحالية وعن عدم ثقتها بقدرة الحكومة على إيجاد حلول للمشاكل الكبيرة التي تواجهها ألمانيا، حيث قال نحو 63 في المائة من الألمان إن الإئتلاف الحاكم، مثله مثل الحكومة السابقة التي كان يقودها شرودر، لا يملك أية حلول سياسية للمشاكل الحالية التي تواجهها ألمانيا. غير أن تراجع ثقة المواطنين الألمان في أداء الحكومة الألمانية ما هو إلا دليل على ازدياد المعارضة الشعبية وتحفظ المعارضة البرلمانية حول الإصلاحات التي يريد التحالف المسيحي والديموقراطي الاشتراكي أن يمررها. فمقترحات إصلاح البنية الفيدرالية الألمانية ونظام تأمين التقاعد ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة ساهمت بشكل أساسي في زعزعة ثقة المواطن الألماني في نجاعة هذه السياسة، لأن المواطن الألماني يخشى أن يدفع ثمن تلك الإصلاحات.
ضربة قوية لميركل
يعد تدني ثقة المواطن الألماني في أداء حكومة بلاده إلى مستويات قياسية ضربة قوية للمستشارة الألمانية. فتلك الأرقام تذكرنا بالأزمة التي عاشتها حكومة المستشار الألماني السابق شرودر في الفترة الأخيرة من حكمه. فقد تضررت شعبيتها هي الأخرى لتصل إلى أدنى نسبة منذ اعتلائها هرم السلطة السياسية العام الماضي في ألمانيا. كما تعكس تلك الأرقام مدى حجم الأزمة التي يمر منها الحزب المسيحي الديموقراطي الذي بدأ يفقد الكثير من مؤيديه نظراً لتراجعه عن خطط إصلاح جذرية لإحتواء الضعف البنيوي الذي يعاني منه الاقتصاد الألماني. فبعدما علق الكثير من الألمان آمالا كبيرة على الحزب المحافظ الذي تقوده أنجيلا ميركل بعد فوزها بالانتخابات البرلمانية الأخيرة للخروج بالبلاد من الأزمة الاقتصادية الخانقة، بات الناخب الألماني يشك في قدرة القيادة الجديدة على تقديم مقترحات جادة ومعقولة لتجديد مؤسسات الدولة.
أحزاب المعارضة أكبر مستفيد
تعد أحزاب المعارضة من أهم الأحزاب المستفيدة من تلك الأزمة التي تمر بها حكومة الائتلاف الموسع الحالية. فقد سجل حزب الديموقراطيين الأحرار (الليبراليون) في استطلاع الرأي الذي أجرته المحطة الألمانية الأولىARD تقدما في نسبة مؤيديه بنسبة 2 في المائة. كما استطاعت الأحزاب اليسارية أن تكسب مزيدا من المؤيدين لتصل إلى نسبة 10 في المائة، وهي أعلى نسبة لها منذ الانتخابات البرلمانية. ورغم أن نسبة مؤيدي حزب الخضر ظلت مستقرة إلا أنه تم تسجيل ارتفاع كبير في شعبية ريناته كوناست، المتحدثة باسم الكتلة البرلمانية لحزب الخضر في البرلمان الألماني (البوندستاغ)، حيث اعتبر نحو 45 في المائة من المواطنين الألمان أنها تقدم أداءا سياسيا جيدا.
إصلاح القطاع الصحي
شكلت خطط إصلاح القطاع الصحي الذي تقدم به الحزب المسيحي الديموقراطي أهم العوامل التي أدت إلى فقدان ثقة المواطنين الألمان بالحكومة الحالية. فقد وجهت أحزاب المعارضة وعدد من الجمعيات هي الأخرى انتقادات شديدة اللهجة لمشروع حكومة الائتلاف الموسع لإصلاح قطاع الصحة معتبرة أنه يأتي على حساب المواطنين ذوي الدخل المحدود ويتعارض مع مبادئ العدالة الاجتماعية التي تقوم عليها جمهورية ألمانيا الاتحادية. وأظهر استطلاع الرأي سابق الذكر أن ما يُقارب 90 في المائة من الألمان لا يثقون بوعود الحكومة الألمانية بالحفاظ على نسبة المساهمة في التأمين الصحي إلى غاية العام 2012. فغالبية الألمان ترفض اقتراح الائتلاف الموسع الذي يقضي برفع نسبة المساهمة في التأمين الصحي مقابل الحفاظ على مستوى الخدمات الصحية التي يقدمها التأمين الصحي.