استعدادات الملتقى العالمي للشبيبة على قدم وساق
تشمل التحضيرات للملتقى العالمي للشبيبة 2005 جوانب كثيرة متعددة، مثل إعداد أماكن لتسكين الضيوف وتوفير احتياجات الحياة اليومية إضافةً إلى تقديم نشاطات ثقافية تناسب الملتقى. فاستقبال ثمانمائة ألف شاب وشابة ليس بالأمر اليسير، وهو ما يعمل على تنظيمه مكتب الملتقى في كولونيا، بالتعاون مع منظمين ومكاتب محلية في كل الدول المشاركة والتي يصل عددها إلى مئة وثمانين دولة. وقد عمل هذا المكتب بجد منذ أكثر من عام لتنظم هذا الحدث الضخم.
توفير السكن
فتح أكثر من تسعين ألف شخص وعائلة في مدينة كولونيا والمدن المحيطة بها بيوتهم لاستقبال هؤلاء الشباب القادمين من كل دول العالم، ضاربين بذلك مثلا على حسن الاستقبال والانفتاح على هذا الحدث الكبير، ولا يقتصر الأمر على الكاثوليك، أو حتى المسيحيين فقط، فماتياس كوب Mathias Kopp المتحدث عن مكتب التحضير لهذا الحدث الكبير متحمس بشكل خاص لوجود مسلمين بين من فتحوا بيوتهم: "إنني سعيد لوجود كثير من المسلمين الذين سجلوا أسماءهم وأبدوا استعدادهم لاستقبال هؤلاء الشباب. هذا يثبت أن الأمر يمكن أن يتعدى الدين وأن هذا الحدث ووجود الشباب معاً يؤكد أننا ننتمي جميعاً لعالم واحد".
وبالإضافة لاستقبال الشباب في البيوت العائلية، تفتح أيضاً المدارس والكنائس والأديرة أبوابها للشباب للإقامة بها. وتشمل هذه التجهيزات العملية توفير وجبات الطعام على مدار الأيام الخمسة، لكل هذا العدد من الأفراد وستقوم بهذا العمل شركة متخصصة، وكذلك توفير المياه، وقد انتشرت أماكن توزيعها وعليها كلمة "مياه" بلغات متعددة. وبالطبع تنقل هذا العدد الهائل من الأفراد يتطلب تحضير خاص، ولهذا خصصت حافلات لهذا الغرض بالإضافة إلى زيادة عدد عربات المترو التي ستنقل الشباب.
حقيبة الـ"حاج"
ولا تقتصر التحضيرات على توفير أماكن للسكن، فالقائمين على التحضير اهتموا بأن يكون هناك مساعدات عملية لكل شاب وشابة لتسهيل المعاملات للشباب، فجاءت فكرة بسيطة ولكنها مفيدة جداً في هذا الحدث العالمي والملتقى الدولي، وهي أن يتم طبع قاموس صغير بالإشارات، اسمه "قاموس بلا كلمات"، ليمكن الأجانب أياً كانت لغتهم من التواصل وإيجاد احتياجاتهم الأساسية. وستوزع ورقة مختصرة من هذا القاموس في حقيبة الـ"حاج".
وحقيبة الـ"حاج" هي حقيبة ستوزع على كل المشتركين، وتحتوي على الأشياء الأساسية التي يحتاجونها، كزجاجة مياه يمكن إعادة استخدامها، وأدوات للأكل وخريطة لمدينة كولونيا، وسبحة للصلاة وكتاب "الحاج" والذي يضم المعلومات الأساسية وبرنامج اللقاءات والصلوات المختلفة.
وبالإضافة إلى كتاب الحاج الذي يحتوي على معلومات عملية وروحية مفيدة للمشاركين، قامت مجموعة من الشباب بالاتفاق مع مكتب التحضير للملتقى العالمي للشبيبة بتجهيز دليل صغير للشباب القادمين اسمه "مرحباً في كولونيا 2005"، وهو دليل سياحي يعرض للشباب القادمين العديد من النصائح المفيدة، مثلاً كأسماء الوجبات وما يمكن أن تعنيه. فالشباب الخمسة المشاركين في العمل يضعون أنفسهم مكان الشباب الذين يقدمون لأول مرة إلى ألمانيا، ولا يعرفون أي شئ عن الثقافة الألمانية، وقد يسيئوا فهم بعض التعبيرات ولذلك فهم أرادوا وضع بعض النصائح العملية التي يمكن أن تفيدهم في رحلتهم. وذلك كما يوضح أندرياس كاول Andreas Kaul، وهو أحد الشباب المشاركين في تحرير هذا الدليل. وتتعدد المعلومات بداخل هذا الدليل، لتعطي فكرة عامة عن ثقافة ألمانيا بشكل عام ومنطقة الراين - التي يتم فيها الحدث - بشكل خاص، ويركز على المراكز الثلاثة الأساسية لليوم العالمي وهي كولونيا وبون ودوسلدورف. كما يحتوي الدليل على جزء خاص لتفسير اللهجة الخاصة جداً المستخدمة في مدينة كولونيا.
البيئة في صلب اهتمام المنظمين
وقد اهتم مكتب التجهيز للملقى العالمي للشبيبة 2005 بألا يكون عملهم على حساب الطبيعة، فتجهيز الكتب والمنشورات وأدوات الأكل والشرب، كل هذا يتطلب كم هائل من الأوراق والمواد الخام، لذلك فقد اعتمد العاملون بشكل أكبر على الورق معاد التصنيع حتى أنهم حصلوا على الشهادة الأوروبية "إي.إم.إيه.اس" "EMAS" وهي شهادة اللجنة الأوروبية لحماية البيئة. وقد استحق القائمون على اليوم هذه الجائزة لاهتمامهم الشديد أيضاً بالحفاظ على المياه والكهرباء، فقد تمت العديد من التحضيرات حتى لا يتسبب وجود هذا العدد من الشباب في إهدار الطاقة أو المياه. فالشباب قد حصلوا على زجاجات مياه يمكن إعادة ملئها، ووضعت لهم الصنابير الخاصة لهذا الأمر في كل أماكن تواجدهم أثناء أيام اللقاء.
أماكن متعددة للأنشطة
وللتمكن من تنظيم الأنشطة المختلفة، تم توزيع الشباب على ثلاثة مدن رئيسية، فبالإضافة إلى كولونيا التي تعتبر المركز الرئيسي للحدث، سيوزع الشباب أيضاً في مدينتي بون ودسلدورف، لحضور الأنشطة المختلفة وسينظم الأمر بحيث يتمكن كل مشارك من زيارة كاتدرائية كولونيا الشهيرة مرة واحدة على الأقل خلال الأيام الخمسة. كما تم بناء كنيسة مفتوحة خارج المدينة لاستقبال هذا العدد الكبير من الشباب في القداس الاحتفالي الكبير الذي سيقيمه البابا بيندكت السادس عشر في اليوم الختامي للقاء الشباب العالمي. وستخصص حافلات خاصة لنقل الشباب من وإلى هذا المكان خارج المدينة.
أوضاع أمنية مستقرة
وبالطبع فقد تسببت الحوادث الإرهابية التي حدثت مؤخراً في لندن في بعض الأرق. لذلك فقد زادت التجهيزات الأمنية وتم إعداد الآلاف من رجال الأمن لحضور الحدث. وهناك تعاون كبير مع أجهزة المخابرات الألمانية لمحاولة توفير الحماية لهؤلاء الشباب الذين أتوا ليشاركوا معاً بشكل سلمي. وبالطبع فتحقيق الأمن الكامل لكل فرد أمر لا يمكن ضمانه، خاصة في مثل هذا الحدث الكبير ولكن ماتياس كوب يعبر عن تفاؤله لهذا الحدث الكبير، خاصة وأن عدد المشاركين لم يتأثر بهذه الحوادث الإرهابية.