الأردن ـ جزيرة هادئة وسط محيط ملتهب
١٧ سبتمبر ٢٠١٤في الوقت الذي ينزلق فيه العراق وسوريا إلى مزيد من الدمار، وتزيد وتيرة العنف في لبنان وتبرز تداعيات الحرب على غزة يوما بعد يوم، يبدو الأردن وكأنه جزيرة هادئة وسط جوار ملتهب. لقد استطاعت هذه المملكة الصغيرة الصمود أمام عواصف متعاقبة هزت المنطقة. وذلك رغم أن الملك عبد الله الثاني، عاهل الأردن لا يتوفر لا على أموال البترودولار، ولا على جيش قوي يعتمد عليه. بل وإن المشاكل التي تواجهها بلاده هي مشاكل هائلة، على رأسها موجة النازحين الهائلة من الفارين من الحرب الدائرة في سوريا، والتي غيرت التركيبة الديموغرافية لدولة يبلغ تعداد سكانها سبعة ملايين نسمة. ومع تنامي نفوذ "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا، وجد هذا التنظيم مؤيدين له داخل الأردن بين أوساط الإسلامويين المتطرفين في بلد غالبيته من السنة.
هرمية النظام
أسباب هذا الاستقرار النسبي الذي تعيشه المملكة الهاشمية هي حسب الصحفي الفلسطيني الأصل داود كتاب كثيرة. ويرى أن أهمها يكمن في أن القصر على رأس هرمية النظام، بينما تعود مسؤولية إدارة شؤون الدولية "اليومية" إلى الحكومة وهذا ما يمنح بعضا من الاستقرار، كما يقول كتاب في حوار مع DW. كما لا يوجد حاليا في الأردن قضايا داخلية مثيرة للجدل أو الانقسام، يتابع الصحفي. ومقارنة بمصر أو تونس أو حتى اليمن، فإن أحداث الربيع العربي لم تخلق حالة عدم الاستقرار في الأردن. إن ما آلت إليه الأمور في بلدان الثورة، زرعت الخوف في نفوس الأردنيين الذي تحولوا إلى شهود عيان لـ"دمار شامل" من حولهم، وباتوا يخشون على "الأمن والاستقرار الذي يسود بلادهم"، كتبت الصحفية رنا الصباغ في عمودها بصحيفة الحياة اللندنية. الملك عبد الله الثاني واجه الاحتجاجات في الشوارع بـ"إصلاحات استباقية"، وهكذا استطاع كبح جماح الغضب الشعبي.
غالبية سنية
سبب آخر لهاذ الاستقرار المجتمعي يتجلى، حسب كتاب الحاصل على العديد من الجوائز العالمية عن حرية الصحافة، في التوافق بين الطوائف الدينية، فـ"عكس سوريا أو العراق أو اليمن، حيث تسود صراعات طائفية بين الشيعة والسنة والعلويين، لا يعرف الأردن مثل هذه الصراعات طائفية"، خاصة وأن غالبية سكانه من السنة، مع وجود طائفة مسيحية تعيش بسلام.
على صعيد آخر، يشيد الكاتب داوود كتاب بالدور الفاعل الذي تقوم به المؤسسات الاستخباراتية الأردنية، والتي لها "الفضل" في فشل "الدولة الإسلامية" في إيجاد قاعدة مؤيدة لها داخل الأردن. ويضيف كتاب: "هناك بعض الاحتجاجات التي تمّ فيها رفع علم "الدولة الإسلامية"، لكنها أحداث نادرة"، في إشارة إلى احتجاجات معان (جنوب الأردن).
دور الأردن في التحالف الدولي ضد "داعش"
زحف مقاتلي "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا، أثار قلقا كبيرا في الأردن وخوفا من أن يتسلل هؤلاء المقاتلون عبر الحدود العراقية الأردنية جنوبا، يقول أسامة الشريف الصحفي في موقع "المونيتور" الإخباري. ومفهوم التنظيم الإرهابي "للخلافة" يشمل الأردن أيضا. ولا ننسى أن العديد من الأردنيين انظموا إلى صفوف مقاتلي "داعش"، لكن لا دور لهم لغاية اللحظة حسب كتاب، الذي يشير إلى "اتفاق ضمني بين هؤلاء ومكتب الاستخبارات، مفاده أن الأمن سيغض الطرف عنهم طالما هم خارج الأردن، لكن إذا ما دخلوه فعليهم الالتزام بقوانينه".
التحالف مع الولايات المتحدة للقضاء على "داعش" ذو أهمية كبيرة بالنسبة للأردن يقول داوود كتاب. ومع ذلك استثنى رئيس الوزراء عبد الله النسور أي مشاركة مباشرة في هذا التحالف، لكن من المؤكد أن الأردن ستقدم خدمات مهمة كمد التحالف بمعلومات استخباراتية، لكنها لن ترسل قواتها للمشاركة في الحرب.