الأزمة الاقتصادية العالمية تلقي بظلالها على جهود مكافحة التغير المناخي
٢٦ نوفمبر ٢٠٠٨من المتوقع أن تخيم غمامة الأزمة الاقتصادية العالمية على المحادثات التي تستضيفها بولندا الأسبوع المقبل برعاية الأمم المتحدة، والرامية إلى وضع معاهدة جديدة لحماية المناخ. وازدادت المقاومة للتكلفة العالية لمحاربة الاحتباس الحراري خاصة في أوروبا التي كانت تتصدر عادة الجهود العالمية لتقليل الاعتماد على استخدام الوقود الحفري، إذ باتت دول مثل إيطاليا وبولندا تنظر إلى خطط الاتحاد الأوروبي الطموحة على أنها مكلفة للغاية. ولكن ما يثير التفاؤل، إن المفاوضين من نحو مئتي دولة يتطلعون إلى باراك أوباما الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، التي تعد المنتج الأكبر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، بعد أن تعهد بإشراك بلاده "بصورة أقوى" في محادثات التغير المناخي.
ترحيب أممي بموقف أوباما
ورحب مسئولو الأمم المتحدة بموقف أوباما الذي قال الأسبوع الماضي إنه "سيساعد العالم على السير باتجاه عصر جديد من التعاون حول التغير المناخي"، وذلك على النقيض من سلفه الرئيس الحالي جورج بوش الذي رفض الالتزام بخفض الانبعاثات، معتبرا الأمر مضرا بالاقتصاد الأمريكي. وستعمل الوفود المشاركة في المحادثات التي ستبدأ في الأول من كانون أول/ ديسمبر المقبل وتستمر حتى 12 من الشهر نفسه في مدينة بوزنان البولندية على بحث السبل، التي يمكن من خلالها للدول الغنية تقديم تكنولوجيا "خضراء" في مقابل التزام الاقتصاديات الناشئة بكبح جماح التلوث الناجم عن استخدام الوقود الحيوي.
ضرورة الحل قبل فوات الأوان
ويعد حل هذه المشكلة ضرورياً للتوصل إلى اتفاق جديد حول الاحتباس الحراري في قمة المناخ التي تستضيفها العاصمة الدنماركية كوبنهاغن في كانون أول/ ديسمبر من العام المقبل. وفي هذا السياق أوضحت وزيرة المناخ والطاقة الدنماركية كوني هيديغارد أن "العلماء أكدوا لنا ضرورة تثبيت معدلات الانبعاثات الغازية عند مستوى معين في غضون 10 إلى 15 عاما وإلا سنصل إلى نقطة فاصلة سيصبح عندها العلاج مكلفاً للغاية."
وتكمن المشكلة في أن دولا أوروبية قلقة بشأن التكلفة المادية للاعتماد على الطاقة النظيفة. وأشعلت هذه المخاوف تمردا من جانب سبع من الدول الشيوعية السابقة وإيطاليا في الشهر الماضي وهو ما حال دون وجود موقف موحد للاتحاد الأوروبي قبل محادثات بوزنان.
وهناك أجزاء شاسعة من شرق أوروبا تعتمد على الفحم في إنتاج الكهرباء، لكن الحكومات هناك تقول إنها لا تمتلك الأموال الكافية لتقليل الانبعاثات الغازية، حين تغلق مصانعها التي توارثتها من العصر الشيوعي. وفي هذا السياق قال رئيس الوزراء التشيكي ميريك توبولانيك مؤخراً: "لا يمكن أن ندافع عن المناخ على حساب قدرتنا التنافسية خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية".
الركود يزيد من تعقيد المشكلة
ويزيد الركود العالمي من تعقيد المشكلة، فعلى الرغم من أن المصانع ومحطات إنتاج الكهرباء تتجه لإطلاق قدر أقل من التلوث في الوقت الذي يسود فيه الركود، إلا أن انخفاض أسعار البترول لا يوفر الحافز لذلك. وسيعمل المفاوضون في بوزنان على صياغة مشروع اتفاقية للمرة الأولى منذ بدء المساعي قبل عامين للتوصل إلى بديل لبروتوكول كيوتو الذي يحدد انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لـ36 دولة من الدول الغنية وينتهي العمل به عام 2012.
ولم توقع الولايات المتحدة على كيوتو ولا يعتزم أوباما حضور محادثات بولندا، إلا أن العالم ينتظر تسلمه مقاليد الحكم في بلده، خاصة في ظل تصريحاته في 18 من تشرين ثان/ نوفمبر الجاري التي وصفت بأنها "علامة فارقة"، حيث كشف عن رغبته في المساعدة في صياغة اتفاقية الاحتباس الحراري المقبلة. وعلى الرغم من تعهد أوباما بعمل واسع فيما يتعلق بالاحتباس الحراري إلا أن وضع التفاصيل وحشد الكونجرس في هذا الاتجاه سيستغرق وقتا.