الأزمة تحكم قبضتها على قطاع صناعة السيارات في أوروبا
٢ نوفمبر ٢٠١٢دفعت الأزمة التي يمر بها سوق السيارات، الشركات المصنعة إلى اتخاذ إجراءات تقشفية قاسية. فبسبب استمرار تراجع المبيعات في أوربا تتوقع شركة فورد خسارة تقدر بـ 1.2 مليار يورو خلال العام الحالي، مما سيضطرها إلى إغلاق ثلاثة من مصانعها في بلجيكا وانكلترا، ما يعني تسريح أكثر من 6 آلاف عامل. وفي ألمانيا يحدق الخطر بـ 3220 فرصة عمل يوفرها مصنع شركة أوبل في مدينة بوخوم. وإذا أغلق هذا الفرع لشركة أوبل فسيكون أول مصنع للسيارات يغلق في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، علما أن أوبل كانت قد أغلقت قبل عامين فرعها الذي كان تشغل 2500 عامل في مدينة أنتويربن البلجيكية.
التعاون مفيد
ولمواجهة أزمتها تريد شركة أوبل، المملوكة للشركة الأمريكية العملاقة جنرال موتورز، التعاون مع شركة بيجو – سيتروين الفرنسية في مجالي التصميم والتسويق. إذ تأمل من خلال هذا التعاون توفير نحو 1.5 مليار يورو سنويا. وصحيح أن البروفسور فرديناند دودينهوفر، الخبير الاقتصادي في جامعة دوسيبورغ – ايسن، يرفض مثل هذا التعاون من حيث المبدأ، لكنه يقول في حواره مع DWبأنه "في مثل هذه الحالة قد يكون التعاون مفيداً، إذ أن ما يتم التخطيط له لن تظهر نتائجه الآن، وإنما بعد خمس سنوات. وخلال السنوات الخمس القادمة يجب أن تخفض شركتا بيجو وأوبل تكاليفها لتستطيع المنافسة مع شركة فولكس فاغن وغيرها من الشركات العالمية". وقد أعلنت بيجو– سيتروين عزمها إغلاق أحد مصانعها في فرنسا، فهي تريد شطب 8 آلاف وظيفة.
استمرار الأزمة
سيبقى الوضع في أوروبا على ما هو عليه خلال السنوات المقبلة "سنواجه وضعاً صعباً خلال السنوات الخمس القادمة نتيجة مبيعات سيئة جداً جداً، لذلك يجب أن يكون الإنتاج مناسباً" حسب رأي البروفسور دودينهوفر. فخلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام سجلت مبيعات السيارات تراجعاً بلغ 9.4 مليون سيارة بما يتجاوز الـ 7.5 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. ويتوقع دودينهوفر لسوق السيارات في غربي أوروبا أسوأ مبيعات خلال العام القادم منذ عام 1993، إذ لن تتجاوز المبيعات 11.6 مليون سيارة أي أقل بـ 300 ألف سيارة مما سيتم بيعه خلال العام الجاري.
ويشير الخبير الاقتصادي في قطاع السيارات، فرديناد دودينهوفر، إلى مستوى التخفيضات القياسية على أسعار السيارات في السوق الألمانية، ما يؤثر على أرباح الشركات. بالإضافة إلى أن الأجور الصافية للعمال ترتفع بنسبة أقل من ارتفاع أسعار السيارات، إذ أن العامل يحتاج إلى توفير راتب ستة عشر شهراً حتى يستطيع شراء سيارة جديدة من الفئة الوسطى، في حين كان يحتاج عام 1980 إلى توفير رابت 9.4 أشهر فقط لشراء نفس السيارة، إذ أن معدل سعر سيارة من الفئة الوسطى بلغ العام الماضي 25.983 يورو.
شركة دايملر التي تنتج سيارات مرسيدس، تأثرت بدورها بالأزمة التي يمر بها قطاع السيارات في أوروبا، إذ خفضت أرباحها المتوقعة للعام المقبل، وتخطط لتوفير ملياري يورو خلال العامين المقبلين. وقد تراجعت أرباحها خلال الربع الثالث من العام الجاري إلى 1.2 مليار يورو بنسبة 11 بالمائة. لهذا تريد الشركة اتخاذ إجراءات تقشفية أعلن عنها المدير المالي لدى الشركة، إذ قال: "سيتم فحص وإعادة النظر بكل المصاريف، عملاً بمبدأ: ماذا يمكن أن يعزز قدرتنا التنافسية". في حين ما يزال وضع شركات فولكس فاغن وبورش وأودي وبي إم دبليو جيداً نسبياً مقارنة بالشركات الأخرى. لكن بي إم دبليو اتفقت مع مجلس العمال في الشركة على أوقات عمل أكثر مرونة، مما يساهم في تأمين الوظائف في الشركة، حسب ما صرح به متحدث باسمها.
تحقيق التوازن في الولايات المتحدة وآسيا
أما أرباح شركة فولكس فاغن في أوروبا، فتراجعت بنسبة 19 بالمائة خلال الربع الثالث من العام الجاري، لذا تحاول الشركة تعويض خسائرها الأوربية في الأسواق الأمريكية والآسيوية. إذ "تبيع فوكس فاغن 30 بالمائة من سياراتها في الصين، وهو ما يساعدها على تحقيق التوازن. لهذا لم تؤثر الأزمة على ألمانيا، مثلما أثرت على فرنسا وإيطاليا" حسب رأي البروفسور دودينهوفر. كذلك تشتفيد شركة أودي من مبيعاتها الجيدة في السوقين الأمريكية والصينية الكبيرتين، لتعويض تراجع أرباحها بنسبة 10.5 بالمائة في السوق الأوروبية.
كذلك شركة بورش للسيارات الرياضية الفارهة تأثرت بالأزمة وتراجعت أرباحها خلال العام الحالي مقارنة بالعام الماضي الذي كان مميزاً بالنسبة للشركة، التي يبذل القائمون عليها كل جهودهم للحفاظ على مكانتها ومبيعاتها وأرباحها القياسية التي حققتها حتى الآن.