"الإخوان" في الأردن - أزمة محلية أم إقليمية؟
١٤ أبريل ٢٠١٦إغلاق السلطات الأردنية لمقار جماعة الإخوان المسلمين، أثار سخط وغضب الأعضاء في جماعة الأخوان في الأردن، فالسلطات الحكومية أغلقت الخميس (14 نيسان/أبريل 2016) مقر محافظة المفرق شمال شرقي البلاد ومقر الجماعة بمدينة مادبا، غرب العاصمة عمان، كما أغلقت الأربعاء، المقر الرئيسي للجماعة في منطقة العبدلي ومقر محافظة جرش، شمالي البلاد. وهو ما اعتبرته الحركة، ضربة لعملها داخل الأردن.
وفي حين بررت مصادر حكومية، بأن هذه الإجراءات تأتي لأسباب تتعلق بعدم الترخيص، أكد بادي الرفايعة الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين في الأردن أن الجماعة "سترد بالقانون على قرار الحكومة إغلاق مقارها"، ووصف في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) قيام الحكومة بإغلاق المقار بأنها خطوة مفاجئة" وقال: " نتدارس حاليا ماهية الخطوات المقبلة التي ستكون كلها ضمن القانون، للرد على هذا السلوك غير القانوني". وعن اعتبار السلطات أن الجماعة ليس لديها ترخيص كحزب سياسي، قال الرفايعة: "الجماعة ليست حزبا سياسيا، ونحن لدينا وجود شرعي في الأردن منذ 70 عاما".
"نهاية الحركة في الأردن"
الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية قال في حوار مع DWعربية إن "جماعة الإخوان المسلمين بالنسبة للحكومة الأردنية قد انتهت"، وأوضح الخبير أن السيناريو الأردني من وراء إغلاق مقرها هو" تفكيك وتفتيت الجماعة" وأضاف، "اتخاذ الجماعة لأي مسار قانوني، أو أي مسار آخر تجاه إغلاق مقرها، لن ينفعها لأن الحكومة اتخذت قرارها، واتبعته بإجراء أمني."
ويرى الخبير الأردني أن مشكلة جماعة الإخوان المسلمين في الأردن تمثلت في "التصلب الأيدولوجي لديها، وبأن الجماعة عانت من أزمة بنيوية، وجمود تنظيمي" وهو ما ساهم في وجود هذا التوتر مع الحكومة، وتساءل الخبير: "بما أن النظام طالبك مسبقا بتصويب وضعك القانوني، ما الذي منعك من ذلك؟" وتوقع أبو هنية أن يدفع إجراء السلطات الأردنية بجماعة الإخوان المسلمين، إلى مزيد من الراديكالية، وهوما سيؤدي إلى خلق أزمات داخلها، بحسب قوله وأوضح: "مشكلة الجماعة الأساسية هي ذاتية، فكلما ضغطت الحكومة عليها تتفكك ولا تتماسك". ولا يربط أبو هنية بين الإجراءات الأردنية التي استهدفت الحركة، وبين الضغوط التي تواجهها الحركة العالمية للإخوان المسلمين في بلاد عربية أخرى، مثل مصر أو دول الخليج العربي، أو حتى أوروبيا، إذ أن المراقب لخطوات المملكة، يشدد على أن سياستها نابعة من تخطيط داخلي، قادها ببطء إلى إحداث التغيير لصالحها.
تاريخ الصراع
وتأزمت العلاقة بين الجماعة والسلطات الأردنية بشكل خاص بعد منح الحكومة ترخيصا لجمعية تحمل اسم الإخوان المسلمين في آذار/مارس 2015 . وشهدت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، انشقاق بعض منتسبيها خلال فترات متقطعة من العامين الماضيين، وقد تمخض عن ذلك تشكيل جمعية باسم جمعية الإخوان المسلمين، أسسها مراقب عام الجماعة الأسبق عبد المجيد ذنيبات، الأمر الذي اعتبرته الجماعة الأم انقلابًا على شرعيتها، كما تؤكد الجماعة التي يتزعمها المراقب العام همام سعيد بأنها سبق أن حصلت على الترخيص في عهدي الملك عبد الله الأول عام 1946 والملك حسين بن طلال عام 1953.
أثر عالمي للنموذج المصري
من جانبه أكد الباحث والخبير في شؤون الجماعات الإسلامية سامح راشد أن حركة الإخوان المسلمين تواجه "واقعا صعبا" حاليا، جراء الضغوط التي تستهدف تحركها السياسي والتنظيمي، وجراء ابتعاد الكثير من شرائح المجتمع عن الحركة، ما أفقدها القدرة الكبيرة على التأثير. وقال الخبير المصري "إن ما حدث في مصر، ساعد على زيادة الضغوط على الحركة وعلى عملها في البلاد العربية والعالم، وذلك على الرغم من التحفظ الذي يبديه الباحث من صحة الادعاءات التي نالت الحركة من عدمها كما يقول.
وبالنسبة للضغوط الخليجية، قال راشد إنه "لا يعتقد أن السعودية معنية بإنهاء وجود كامل لجماعة الإخوان المسلمين، لأن التعامل معهم أسهل من الإسلاميين الآخرين"، وأوضح الباحث المصري " أن السعودية معنية فقط، بعدم انتقال عمل الحركة للداخل السعودي، وبعدم وجود نظام حكم ناجح لها في البلاد العربية، أما ما دون ذلك فهو أمر مقبول للسعودية، والدليل هوالتعامل مع الإخوان في اليمن ضد الحوثيين، وأيضا العلاقة مع تركيا" .
الحركة قادرة على التأقلم
ويرى سامح راشد أن التصريحات التي أدلى بها أبو هنية بخصوص جمود العمل البنيوي والتنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين صحيحة ومنطقية، إلا أنه يرى أن الحركة في تونس مثلا أثبتت مرونة كبيرة في فهم الواقع السياسي، واستطاعت بذكاء الاستفادة من هذا الواقع بعكس ما حدث في مصر.
وفي حين يرى الباحث حسن أبو هنية أن النظام الملكي الأردني والذي امتازت سياسته بالتأني والصبر، تمكن من إنهاء عمل الحركة في الأردن وبأن ما قام به النظام أثبت براعة في التحكم بخيوط اللعبة السياسية، يرى الباحث المصري سامح راشد أن علاقة الحكومات العربية مع جماعة الإخوان المسلمين هي أشبه ما تكون بعملية "تضاغط مستمر"، وأوضح راشد أن المتمعن في مراقبة العلاقة، يرى نوعا من التمدد والانكماش تحدث بشكل دوري. ويرى أن الجماعة الإسلامية سوف تبرز في المستقبل سياسات جديدة، تتماشى مع الواقع السياسي الجديد، إلا أن هذا يحتاج إلى وقت، خاصة أن الحركة نفسها تشهد صراعا داخليا كما يقول.