"الإرهاب النووي" ـ سيناريو واقعي أم مجرد دعاية؟
١٤ أبريل ٢٠١٠طرح الرئيس الأمريكي باراك اوباما وبقوة فكرة تعزيز أمن المواقع النووية للحيلولة دون وقوع المواد الإشعاعية و الأسلحة النووية في أيدي الجماعات الإرهابية، ففي خطابه أمام قمة الأمن النووي التي تشارك فيها 47 دولة والمنعقدة في واشنطن، وصف الأمر بالكارثي في حال حصل "تنظيم القاعدة" على هذا السلاح، مضيفا أن مخاطر وقوع هجمات نووية تصاعدت بالرغم من مرور عقدين على انتهاء الحرب البارة. و دعا اوباما قادة العالم إلى "عدم الاكتفاء بالكلام بل القيام بتحرك" بشان تامين المواد النووية.
ويشكل" الإرهاب النووي" هاجسا للإدارة الأمريكية منذ هجمات 11 سبتمبر، وما تبعها من تهديدات استعملت فيها الجمرة الخبيثة، بالإضافة إلى ورود بعض التقارير الإستخباراتية الأمريكية التي تفيد بأن تنظيمات إرهابية كالقاعدة تحاول الوصول إلى هذه الأسلحة، و هو ما أكده اوباما في خطابه أمام قمة الأمن النووي حينما قال "لقد حاولت شبكات إرهابية مثل القاعدة الحصول على مواد لإنتاج سلاح نووي، وإذا نجحوا في ذلك فانه من المؤكد أنهم سيستخدمونه".
لكن يبقى السؤال: إلى أي مدى يمكن لهذا التهديد أن يكون واقعيا؟ وهل يمكن للجماعات الإرهابية الوصول إلى مثل هذه الأسلحة؟
"مخاوف مبررة"
تقول واشنطن إن لديها مبررات تدعو إلى التخوف من وصول الأسلحة النووية أو المواد المشعة إلى أيدي "الإرهابيين"، فالوكالة الدولية للطاقة الذرية أحصت في تقرير لها نحو 15 حالة تهريب لليورانيوم المخصب والبلوتونيوم في فترة ما بين 1993 و 2008 وكانت معظمها في دول المعسكر السوفياتي سابقا. وقد زاد من هذه التخوفات ما أعلنته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون هذا الأسبوع من أن كوريا الشمالية باتت تمتلك "ما بين سلاح واحد وستة أسلحة نووية". وهو الأمر الذي يجعل واشنطن تتخوف من فرضية تعاون النظام الشيوعي في شبه الجزيرة الكورية مع بعض "المنظمات الإرهابية".
وبهذا الشأن يرى الخبير في التكنولوجيا النووية الدكتور أسامة عبد المحسن البردان الذي يرأس هيئة المحطات النووية المصرية، في حديث لدويتشه فيله، "أن التخوفات الأمريكية مبنية على أسس واقعية، باعتبار أن التكنولوجيا المتوفرة حاليا، تمكن الإرهابيين من الحصول على المواد النووية بطريقة سهلة"، مضيفا أن خطر امتلاك جماعات متشددة لهذه المواد "ممكن ومعقول" من الناحية النظرية، باعتبار أن العملية ليست معقدة إلى درجة كبيرة، خاصة مع وجود تكنولوجيا حديثة تحدد أماكن تواجد هذه المواد.
من جانبها أعربت رئيفة، مكي الناشطة في منظمة غرين بيس الدولية، في حوار مع دويتشه فيله، عن قلقها من ازدياد حجم المواد النووية في العالم، مبدية تخوفها من عمليات التهريب التي تطال مواد كاليورانيوم والبلوتونيوم. وقالت إن "ضعف الرقابة وعملية تأمين هذه المواد، بالإضافة إلى فشل الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الحد من عمليات التهريب التي استفادت منها بعض الدول في بناء ترسانتها النووية، وهو ما يزيد من خطر حصول بعض المنظمات الإرهابية على هذه المواد".
"الهدف حشد الدعم ضد كوريا الشمالية وإيران"
وكان جون برينان مستشار الرئيس الأمريكي باراك أوباما لمكافحة الإرهاب قد كشف عن تقارير تفيد أن بعض "المنظمات الإرهابية" حاولت على مدى السنوات الثماني أو التسع المنصرمة الحصول على أنواع مختلفة من المواد لصنع قنبلة نووية، وأضاف "نعلم إن القاعدة تورطت في الأمر عدة مرات".
إلا أن الخبير في "الجماعات الإرهابية"، ضياء رشوان، رأى في التخوفات الأمريكية "دعاية تهدف إلى حشد تأيد الدول الكبرى مثل الصين وروسيا لإرغام كل من كوريا الشمالية وإيران على إيقاف برامجها النووية". أما بالنسبة إلى سعي "تنظيم القاعدة" إلى امتلاك أسلحة نووية قال رشوان في تصريح لدويتشه فيله " إن التحليلات تؤكد أن أسامة بن لادن لم يذكر أبدا نيته في الحصول هذه الأسلحة". وأكد رشوان في الوقت ذاته أن "التنظيم لا يمتلك التقنيات اللازمة للتعامل مع المواد النووية"، متسائلا إن كانت "القاعدة" أو أي "تنظيمات إرهابية" قادرة حقا على الوصول إلى المواد النووية مع الحصار المفروض عليها حاليا.
لكن الخبير في التكنولوجية النووية، الدكتور أسامة البردان، أكد أن" التخوفات الأمريكية لا تتعلق بإمكانية حصول المنظمات الإرهابية على الأسلحة النووية فقط، بل تتعلق كذلك بالمواد المشعة، أو المواد الجرثومية،" في ظل الرقابة الأمنية المشددة التي تفرضها الدول التي تمتلك الأسلحة النووية على رؤوسها النووية وعلى المراكز التي تحوي المواد الانشطارية.
و كان الرئيس الأمريكي نبه في خطابه أمام قمة الأمن النووي إلى أن "الإرهابيين" قد يقتلون آلاف الأشخاص بمواد مشعة "لا يزيد حجمها عن حجم تفاحة".
الكاتب: يوسف بوفيجلين
مراجعة: عبده جميل المخلافي