الإفراج عن الزيدي راشق الرئيس بوش بحذائه يفجر الجدل من جديد
١٥ سبتمبر ٢٠٠٩استُقبل الصحافي العراقي منتظر الزيدي الذي أفرج عنه اليوم في بغداد، في أجواء احتفالية جرت في منزله وفي مقر محطة تلفزيون البغدادية التي كان يعمل مراسلا لها قبل تسعة أشهر عندما رشق الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بحذائه، في واقعة مثيرة كانت قد فجرت موجة ردود فعل عارمة في أنحاء العالم بين مؤيد ومعارض.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن الزيدي طالب في مؤتمر صحافي عقده إثر مغادرته السجن، رئيس الوزراء نوري المالكي بتقديم "اعتذار"له واتهمه بـ "حجب الثقة" عن "ظروف التعذيب" التي تعرض لها أثناء فترة اعتقاله. ويذكر أن الزيدي حوكم أمام المحكمة الجنائية المركزية التي تنظر في قضايا الأمن والإرهاب، وقضت بسجنه ثلاث سنوات بتهمة الإساءة إلى رئيس دولة أجنبية، وتم تخفيف الحكم من قبل محكمة الاستئناف إلى سنة واحدة ، وأفرج عنه قبل ثلاثة أشهر من انقضائها نظرا لحسن سيره وسلوكه في السجن.
الزيدي: "الظلم والاحتلال حرضني على ما فعلته"
وكشف الزيدي عن الأسباب التي دفعته لرشق الرئيس بوش بحذائه، بقوله "ما حرضني على ما فعلته هو الظلم وكيف أن الاحتلال أراد إذلال وطني بوضعه تحت جزمته وسحق رؤوس أبنائه من شيوخ ونساء ورجال"، ووجه الشكر للكل الذين وقفوا إلى جانبه في العالم العربي والإسلامي والعالم الحر.
ورغم موجة التعاطف الشعبي التي لقيها الزيدي في العالم العربي، فقد تباينت ردود فعل العراقيين بين مرحب بحذر ومعارض بشدة للخطوة التي أقدم عليها. وبينما اعتبرت الحكومة العراقية عمله "مشينا" وخارجا عن القانون، قال رجل الدين صلاح العبيدي المتحدث باسم التيار الصدري "رجلا شجاعا في التعبير عن رأيه والأسلوب الذي تبناه، ورغم الملاحظات عليه نعتبر إطلاق سراحه انتصارا لكل من رفض الاحتلال ووقف بوجهه"حسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
إحتفاء الشارع العربي بالزيدي "متنفس" من الضغوط
ويعيد حادث رشق الزيدي للرئيس بوش بحذائه إلى الأذهان ما أقدم عليه عراقيون غاضبون بتثمال الرئيس العراقي السابق صدام حسين إبان إسقاط نظامه من قبل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. ويعد رشق الضيف بالحذاء إهانة بالغة للشخص في التقاليد العربية.
ويرى محللون في تعاطف الشارع العربي مع خطوة الزيدي مؤشرا على غضب قطاعات واسعة من الرأي العام في دول المنطقة من سياسات الرئيس السابق جورج بوش، رغم أن العديد من العراقيين لا يؤيدون هذا الرأي ويعتبرون سلوك الزيدي خروجا عن تقاليد الضيافة العربية التي تحتم احترام الضيف حتى ولو كان عدوا.
وبرأي المحلل السياسي المصري نبيل شرف الدين فإن احتفاء الشارع العربي بما فعله الزيدي هو عبارة عن "متنفس من الضغوط " وأوضح قائلا "إنه يجسد حالة إحساس قطاعات عريضة من الشارع العربي بالأزمة التي يعيشها العالم العربي نتيجة تراكم الهزائم والإذلال الذي يتعرض له من قبل أنظمة ديكتاتورية". وقال شرف الدين لـ "دويتشه فيله" إن ما أقدم عليه الزيدي "تعبير رمزي يعكس الكثير... وهو رد فعل طائش لا يعبر عن تقاليد وحضارة الأمة العربية".
الزيدي...صحافي استخدم حذاءه بدل قلمه!
كما أثار الزيدي جدلا في الأوساط الصحافية في العالم، فقد كان رشقه للرئيس بوش بحذائه أثناء أداء مهمته كمراسل تلفزيوني، خروجا عن مهمته التي جاء من أجلها كما رأت ذلك عدد من الهيئات الصحافية في أوروبا مثلا، بينما اقتصرت مواقف الهيئات الصحافية في عدد من الدول العربية على موقف التضامن معه بسبب المضايقات التي تعرض لها إثر اعتقاله وسجنه.
وبرأي نبيل شرف الدين فإن " الزيدي حضر إلى مؤتمر صحافي بصفته المهنية وليس كمناضل، وكان عليه التقيد بمقتضيات المهنة، وإذا أراد أن يبدي معارضته لاحتلال العراق، فكان عليه أن يستخدم قلمه للكتابة وليس حذاءه للتعبير عن رأيه". ويذكر أن الزيدي صحافي شاب (30 عاما) ويعمل منذ عام 2005 مراسلا لقناة "البغدادية" العراقية ، وكان عضوا في إتحاد طلاب العراق والحزب الشيوعي.
الكاتب: منصف السليمي
مراجعة: طارق أنكاي