الإمارات: تفتقد الربيع العربي وتعتقل مثقفيها
٩ مايو ٢٠١١محمد المنصوري، محامي في منتصف الخمسينات من عمره. محامٍ في هذا العمر يفترض انه قد وصل إلى قمة مسيرته المهنية. لكن هذا لم يحدث، والسبب بكل بساطة أن الدولة سحبت منه إجازة المهنية منذ سنتين، باعتباره ناشطا حقوقيا منتقدا، كما يقول. ويعلق المنصوري على هذا الإجراء بالقول إنهم "يريدون أن يلجموا أفواهنا، لا يريدون أن نقول شيئا أو أن نوجه نقدا ما. نحن محامون، ناشطون حقوقيون، ونحن جزء من هذا البلد. نتواجد في كل مكان، فمهنتنا تدفعنا لان نشير إلى الخطأ ونسميه بصوت واضح. نحن لم نقم بأكثر من ذلك. إلا أنهم لا يريدون أن نفتح أفواهنا. فمع شديد الأسف، أن صاحب الكلمة الأخيرة هي أجهزة الأمن لا المؤسسات".
دعوة للشرعية
في بداية شهر مارس الماضي، بعث أكثر من 130 مثقفا بالتماس إلى رئيس دولة الإمارات، مطالبين فيه بإجراء انتخابات حرة، وان يمنح برلمان دولة الأمارات (المجلس الوطني الاتحادي) سلطات تشريعية. عن ذلك يقول كريستيان كوخ، من مركز الخليج، وهو مؤسسة بحثية في دبي: "ما أراد موقعوا الالتماس الإشارة إليه، أن الأمر لا يعني المشاركة فقط في الثروة الاقتصادية، بل إن الأهم من ذلك هو المشاركة الحقيقية على المستوى الشعبي في العملية السياسية، بخاصة لمجتمع على قدر عال من الوعي والتعليم، بالإضافة إلى ما يحمله من ثقة بالنفس، تلك التي تنامت كثيرا من خلال الثورة المعلوماتية والتكنولوجية. ولا ننسى انه يعيش في منطقة تجتاحها تغييرات عدة".
تلك التغييرات التي سببت قلقا وصداعا لحكومة دولة الإمارات حالها حال كل الحكومات العربية. هذا القلق من المجهول الذي دفع حكومة دولة الإمارات لإلقاء القبض في شهر أبريل/ نيسان الماضي على خمسة نشطاء. متهمة إياهم بالإساءة إلى رأس الدولة والنظام السياسي للدولة. وسوف يقدمون على أساس هذه التهم إلى المحكمة.
الخبز وحده لا يكفي
من المعروف أن الأربعين عاما الماضية أحدثت في دولة الإمارات قفزة اقتصادية كبيرة. إلا أن النظام السياسي لم يواكب أبدا التطورين الاقتصادي والاجتماعي. فالمجلس الوطني الاتحادي، الذي يمثل برلمان الإمارات العربية المتحدة، لا يملك سوى سلطة استشارية فقط، فنصف أعضائه يتم تسميتهم والنصف الثاني يتم انتخابهم. وفي انتخابات الخريف القادم ستمنح ما نسبته اثنان بالمائة من الشعب الإماراتي فقط صوتها في هذه الانتخابات. حول ذلك يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات عبد الحق عبد الله" هذه نسبة قليلة جداً. والتطور في هذا المجال بطئ جداً ولا يواكب الوضع. لا يوجد أي سبب منطقي لعدم انتخاب المجلس الاتحادي من خلال انتخابات حرة من قبل الشعب. لا افهم، ما الذي يدفع الحكومة للتباطؤ. انه أمر غير معقول".
وفي أفق الإمارات لا توجد إشارة إلى تغير ملموس، وبدلا من ذلك تلقي الحكومة القبض على النشطاء وتتجاهل تماما الالتماس المطالب بالديمقراطية. ليبقى هدف الدولة الأبرز هو تجاوز اضطرابات الربيع العربي بأقل خسائر ممكنة. ملخص الكلام: استقرار بأي ثمن.
ويبقى المحامي محمد المنصوري، الذي منع من ممارسة عمله، في موقفه لا يتزحزح، واصفاً رد فعل الدولة على مطالب النشطاء والمثقفين بالسخيف. مؤكداً انه لن يصمت، ثم يضيف " لا أخاف. أتوقع أن يتم إلقاء القبض علي بأي لحظة. أفراد عائلتي، أطفالي، أصدقائي يعلمون ذلك جيداً. البعض يقول: محمد عليك أن تكون اشد حذراً. لكن ما أقوله، هو ما يجب أن يقال. الكل يصمت، لأنهم جميعا خائفون".
كارستين كوهنتوب/عباس الخشالي
مراجعة: يوسف بوفيجلين