الاتحاد الأوروبي نحو استراتيجية لمكافحة التشدد الإسلامي على أراضيه
اقر وزراء الداخلية والعدل في الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم يوم أمس في العاصمة البلجيكية بروكسل استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب في خطوة جديدة على مستوى الاتحاد للوقاية مما أطلق عليه تصاعد التشدد الإسلامي. وتتمثل هذه الإستراتجية في تشديد الرقابة على الأئمة والمواقع الإلكترونية الأصولية بما يتيح لأجهزة الأمن ان تحدد على نحو أفضل وسائل تجنيد المتشددين الإسلاميين وان ترصد الشبان الصغار الذي يواجهون مخاطر الاستدراج الى الإرهاب. الوثيقة تتناول بصورة غير معلنة ضرورة العمل على تسهيل انخراط الأئمة في الأوساط المسلمة بأوروبا وليس خارجها، إضافة إلى تقاسم المعلومات حول الأئمة المتشددين المطرودين أو تقليص تأثيرهم داخل السجون. كما تشجع الدول الأعضاء على تدريب عناصر الشرطة والمدرسين والمساعدين الاجتماعيين على كيفية مواجهة تصاعد ما يسمى بظاهرة التشدد الديني. كما تحث الدول الأعضاء على تشجيع "الأصوات المسلمة المعتدلة".
وكانت ورقة الاستراتيجية التي أعدتها بريطانيا، الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي وأيدها وزراء العدل والداخلية في الاتحاد، قد ركزت على أربع نقاط هي "وقاية وحماية ومتابعة ورد"، وسيتم رفعها الى زعماء الدول الأعضاء الذين من المتوقع ان يقرونها في قمتهم التي ستنعقد في بروكسل منتصف الشهر الحالي.
الخطر مزدوج
بعد تفجيرات لندن وقبلها تفجيرات مدريد أصبحت أجهزة المخابرات الأوروبية تشعر بالقلق المتزايد من ان بعض المسلمين الأوروبيين يتم استدراجهم الى ما وصف بالإسلام المتشدد وهم في سن المراهقة. وتستهدف الاستراتيجية الأوروبية الجديدة الحيلولة دون تجنيد هؤلاء وتعطيل أنشطة الشبكات التي تجتذب الأشخاص نحو الإرهاب والتأكد من أن أصوات الاعتدال تتغلب على تلك المتشددة. في هذا السياق قال جيس دي فري منسق مكافحة الإرهاب بالاتحاد الأوروبي بان أوروبا تواجه تهديدا مزدوجا من أشخاص يأتون الى أوروبا من الخارج ومن أشخاص يعيشون في أوروبا. بعضهم من الجيل الأول للمهاجرين وبعضهم ربما ولدوا هنا، حسب تعبير المسئول الأوروبي. يذكر ان معظم مفجري قطارات لندن كانوا، حسبما أعلنت السلطات الأمنية، من المولودين في هذه الدول أو المقيمين فيها بصفة دائمة وان أصغرهم لم يتجاوز عمره الثامنة عشر، كما لم يكن يعرف عن معظمهم أي انتماء الى جماعات متشددة. وهو ما اعتبره المراقبون تغيرا خطيرا في "استراتيجية الإرهاب" بحيث حتم الأمر إعادة النظر في ذلك التصور المسبق بان الإرهابيين ينحدرون من بيئات تساهم في تنمية الكراهية والتطرف وتخرجوا من مدارس توصف بأنها تعمل على "تفريخ الإرهابين".
صعوبات عملية
رغم التقدم الذي حققه الاتحاد الأوربي في مجال تنسيق الجهود و الاجراءت الأمنية، إلا انه بصورة عامة لا يتوفر للدول الأعضاء المفهوم نفسه للتهديد الإرهابي والتقاليد القضائية المختلفة، حسب تعبير دبلوماسي غربي. لذلك فان مكافحة الإرهاب من الناحية العملية تظل من مسؤولية الدول الأعضاء كل على حدة وفقا لرؤيتها وقوانينها. وعلى سبيل المثال فان نص الاستراتيجية الجديدة يظل ملتبسا لجهة التدابير الواجب اتبعاها، إذ انه يدعو الى تعزيز الرقابة على المواقع الالكترونية لكنه لا يلزم الدول الأعضاء بسن القوانين التي تتيح إقفال موقع معين. كما اصطدم الاقتراح بمبدأ حرية التعبير لدى الدول الإسكندنافية.
معايير موحدة لمواجهة الهجرة غير الشرعية
من ناحية أخرى اتفق الوزراء الاوروبين في اجتماعهم في بروكسل على سياسة موحدة تجاه تدفق المهاجرين غير الشرعيين الى أوروبا هي الأولى من نوعها على مستوى الاتحاد الأوربي. السياسة الجديدة تمثل الحد الأدنى من اتفاق وجهات النظر بين الدول الأوروبية وتهدف الى وضع معايير موحدة لقبول طلبات اللجوء وكذا العمل المشترك مع الدول المصدرة للمهاجرين ودول العبور من اجل الحد من تدفق المهاجرين.
عبده جميل المخلافي ـ دويتشه فيله