الارتباط على الطريقة الأوروبية لا يحتاج إلى ختم المأذون
٢١ أبريل ٢٠٠٧قبل حوالي خمسين عاما كانت العلاقة الجنسية خارج إطار العلاقة الزوجية في أوروبا شبه مستحيلة، وكانت بعض البلدان الأوروبية تعاقب مثل هذه العلاقة، التي كان يطلق عليها في العامية الشعبية "الزواج البويهيمي" أو "العلاقة الآثمة". لكن الوضع في الوقت الحالي أصبح مختلفا تماما، فالعلاقات الجنسية دون عقد زواج صارت أمرا مألوفا ومعترفا به اجتماعيا ولا يعاقب عليه القانون ولا ينبذه المجتمع، بل إن مثل هذه العلاقة صارت تعبيرا عن النضج الاجتماعي ورمزا للتحرر من قيود أكل الزمان عليها وشرب. في ظل هذه التغيرات في مفهوم قيم المجتمع تراجعت أهمية الزواج في شكله التقليدي القائم على اتفاق مكتوب ومعترف به قانونا ويترتب عليه حقوق وواجبات لكلا الطرفين.
أطفال يشاركون أبويهما فرحة "ليلة الدخلة!"
في المجتمعات الأوروبية أصبح ليس من الضرورة بمكان أن يكون هناك عقد زواج رسمي، لكي يقيم رجل وامرأة علاقة جنسية ويعيشان معا ويخلفان صبيان وبنات في ثبات نبات كما يقول المثل المصري الشهير، بل على العكس من ذلك أصبح من النادر أن يذهب رجل وامرأة إلى المأذون لعقد قرانهما. وإن ذهبا فإنما يتم ذلك بعد أن يكونا قد أقاما "علاقة زوجية" كاملة دون عقد رسمي لعدة سنوات وربما يهذبان إلى المأذون ومعهما اطفالهما اللذين يحتفلون بزواج أبويهما ويشاركونهما بفرحة "ليلة الدخلة".
كما أن الأسباب الاقتصادية تلعب دورا هاما في هذا الإطار، فخوفا من التكاليف التي تترتب على الطلاق إذا ما فشلت العلاقة الزوجية، تراجعت بطبيعة الحال نسبة الزواج في المجتمعات الأوروبية بشكل كبير من جهة، كما أن الإحصاءات تشير في الوقت نفسه إلى ارتفاع متزايد لحالات الطلاق من جهة أخرى. لذلك فإن آخر ما يفكر به الشباب في المجتمعات الأوروبية هو الذهاب الى المأذون الشرعي. وإذا ما طرح أحدهما مثل هذا الامر عن بداية التعارف بينهما فأنه يقابل بالسخرية من قبل الطرف الأخر وقد يتهم بالسذاجة.
الانتماء الأسري يعطي شعورا بالأمان
وإذا ما فكر الطرفان في الزواج فإنها لا يقدمان على هكذا خطوة إلا بعد عشرة طويلة قد تصل إلى سنوات، يختبران خلالها مدى صلاحيتهما لبعض وانسجامها وتفاهمها قبل التفكير في الزواج. وفي حالات كثيرة فإنها لا يقدمان أصلا على الزواج الذي لا يضيف إلى العلاقة بينهما سوى تلك الوثيقة القانونية، التي تحمل توقيع وختم قسم الأحوال الشخصية في بلدية المدينة، والتي يترتب عنها حقوقا قد تشكل عبئا على الطرفين وبالتالي على طبيعة علاقتهما.
وعلى النقيض من هذا التطور هناك من لا يزال يعتقد أن العلاقة القائمة على الزواج الرسمي تحقق للطرفين الأمان والاستقرار وتعطيهما الشعور بالانتماء إلى أسرة واحدة، لان رفيقي الحياة يشاركان بعضهما البعض حلو الحياة ومرها في السراء والضراء، كما تقول السيدة الألمانية اوتا التي تعيش مع صديق فرنسي منذ حوالي سنة ولديها طفلين من صديقها القديم.