1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"التضليل المعلوماتي"ـ اتجاه مضاد لجهود مكافحة التغير المناخي

٢٨ يناير ٢٠٢٤

يتعمد منكرو ظاهرة التغير المناخي نشر معلومات كاذبة أو مضللة للترويج لأجندتهم الخاصة التي تتناقض مع علوم المناخ والسياسات الحكومية الرامية إلى محاربة تغير المناخ. فمن هم هؤلاء؟ وكيف يقومون بذلك؟

https://p.dw.com/p/4bcr8
مظاهرات في الولايات المتحدة لتسريع العمل المناخي من أجل حماية الأرض
مظاهرات في الولايات المتحدة لتسريع العمل المناخي من أجل حماية الأرضصورة من: Hayne Palmour IV/San Diego Union-Tribune/picture alliance

يحذر الباحثون من مخاطر نشر المعلومات المناخية المضللة التي قد تؤثر على طريقة تفكير الناس حيال سبل حماية الأرض، قائلين إن ذلك يحدث عندما تقدم مجموعة من الأشخاص على نشر معلومات خاطئة أو بيانات غير دقيقة عن أضرار الوقود الأحفوري سواء أكان ذلك عمدا أو من غير قصد.

ويشير الباحثون إلى أن "الغسل الأخضر"  من أبرز الأمثلة على ذلك حيث ينطوي على نشر مؤسسات وشركات معلومات مضللة لإثبات التزامها  بمكافحة تغير المناخ  عبر استثمارات ومنتجات صديقة للبيئة.

وتروج بعض دور الأزياء والموضة العالمية لاستخدامها ألياف طبيعية متجددة وتغليف قابل لإعادة التدوير في محاولة لتشتيت الأنظار بعيدا عن أزياء لا تتوافق مع المعايير البيئية ويُجرى إنتاجها بكميات كبيرة بشكل أسبوعي.

أما التضليل المعلوماتي فيحدث عندما يتعمد منكرو المناخ سواء أكانوا شخصيات أو مجموعات أو حتى منظمات رسمية، نشر معلومات كاذبة أو مضللة للترويج لأجندتهم الخاصة التي تتناقض مع  علوم المناخ والسياسات الحكومية الرامية إلى محاربة تغير المناخ.

تأثير المعلومات الخاطئة على العمل المناخي؟

وفي هذا السياق، جرى اتهام كبرى شركات الوقود الأحفوري الكبرى مثل "شل" و "إكسون موبيل" و "بي بي" وما يُعرف بـ "تحالف المناخ العالمي" وهي مجموعة ضغط دولية تأسست في نهاية الثمانينات من قبل شركات تعمل في قطاعات كثيفة الكربون، بتشويه سمعة علوم المناخ أو إخفاء مسار الاستثمارات في الوقود الأحفوري عبر حملات وإعلانات تبعث على الارتياح، لكن دون سند علمي.

تواجه منصات التواصل الاجتماعي الكثير من الضغوط للحد من انتشار ظاهرة إنكار تغير المناخ
تواجه منصات التواصل الاجتماعي الكثير من الضغوط للحد من انتشار ظاهرة إنكار تغير المناخصورة من: Hideki Yoshihara/AFLO/IMAGO

يشار إلى أنه جرى حل "تحالف المناخ العالمي" عام 2002.

وتستند شركات النفط والطاقة على كيانات مثل "تحالف التمكين" في الولايات المتحدة و "تحالف المواطن من أجل طاقة مسؤولة في أوروبا" حيث تعتمد مجموعات الضغط على تكتيك مخادع يدخل في إطاره الإيحاء بأنها حركات شعبية عفوية من أجل دعم الغاز الطبيعي وتشويه سمعة السياسات الخضراء. وتحصل هذه المجموعات على مصادر تمويل يكتنفها الغموض.

ويُضاف إلى ذلك قيام وسائل إعلام وسياسيون شعبويون بنشر معلومات مضللة عن تغير المناخ. فعندما وقعت كارثة الإعصار الذي حمل معه أمطارا غزيرة وفيضانات في البرازيل مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 شخص في سبتمبر / أيلول الماضي، ألقت أصوات معارضة للحكومة وصحفي بارز باللوم في الوفيات على انهيار السدود في محاولة متعمدة لصرف الانتباه عن الجهود المبذولة للتخفيف من الآثار الشديدة لظاهرة الاحتباس الحراري.

وقد ساعدت منصات التواصل الاجتماعي والتزييف العميق وغيرها من وسائل التلاعب بالصور والمقاطع المصورة، في جعل نشر المعلومات الخاطئة أمرا سهلا خاصة عندما يقترن ذلك بنظريات المؤامرة مثل نشر معلومات خاطئة عن فكرة "مدن الـ15 دقيقة".

وتهدف فكرة مدن الخمس عشرة دقيقة إلى تقليل مدة توافر الحركة اليومية إلى ربع ساعة سواء سيرا على الأقدام أو ركوب الدراجة أو استقلال وسائل النقل العامة بهدف تقليل الانبعاثات وحماية البيئة ومساعدة الناس على تلبية الاحتياجات الأساسية بشكل أفضل.

يزعم منكرو ظاهرة تغير المناخ بأن الطاقة النظيفة ليست مصادر موثوق بها رغم أن هذا الزعم يتناقض مع الحقائق العلمية
يزعم منكرو ظاهرة تغير المناخ بأن الطاقة النظيفة ليست مصادر موثوق بها رغم أن هذا الزعم يتناقض مع الحقائق العلميةصورة من: COMISION FEDERAL DE ELECTRICIDAD/HANDOUT/dpa/picture alliance

وقد كشفت مجموعة تعنى بمراقبة المحتوى المناخي  وهي "العمل المناخي ضد المعلومات المضللة" عن تزايد وتيرة التغريدات المنكرة لظاهرة تغير المناخ المرفقة بوسم #ClimateScam بعد استحواذ إيلون ماسك على منصة "تويتر" أو "إكس" حاليا.

وكذلك وجدت المعلومات المضللة طريقها إلى عمليات صنع السياسات العامة في العديد من دول العالم خلال السنوات الأخيرة لاسيما خلال حقبة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي دأب على انتقاد مصادر الطاقة المتجددة وعلوم المناخ حتى بلغ به وصف ظاهرة الاحتباس الحراري بـ "الخدعة".

وخلال رئاسته، قررت الولايات المتحدة عام 2019 الانسحاب من اتفاقية باريس لعام 2015 التي كانت ومازالت ركيزة تعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ.

بيد أنه مع تولي جو بايدن زمام الأمور في البيت الأبيض، قرر في أول أيام رئاسته العودة رسميا إلى الاتفاق، لكن الخطوة التي أقدم عليها ترامب أثرت سلبا على العمل المناخي في الولايات المتحدة والعالم بأسره.

مخاطر المعلومات الخاطئة عن المناخ؟

ويقول العلماء إن البشر يواجهون تحديا غير مسبوق فمع ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة ودرجات الحرارة العالمية إلى مستويات قياسية، خرجت تحذيرات من أن الوقت ينفد أمام معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري.

ويتفق معظم العلماء على ضرورة التحرك السريع، لكن المعلومات الخاطئة المتعلقة بالمناخ تدفع بعض الناس إلى التشكيك في علم المناخ الذي خلص إلى حقيقة مؤكدة مفادها أن البشر وراء ظاهرة تغير المناخ وليست الطبيعة.

تعد مدينة أوترخت الهولندية من المدن التي قامت بتطبيق مفهوم مدن الخمس عشرة دقيقة
تعد مدينة أوترخت الهولندية من المدن التي قامت بتطبيق مفهوم مدن الخمس عشرة دقيقةصورة من: H. Blossey/blickwinkel/picture alliance

وتقلل حملات التضليل المعلوماتي من الدعم الشعبي لسياسات مكافحة تغير المناخ إذ ذكرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ عام 2022 أن "الخطابات والمعلومات المضللة بشأن تغير المناخ والتقويض المتعمد للعلم قد أسهمت في التصورات الخاطئة للإجماع العلمي وعدم اليقين وتجاهل المخاطر والإلحاح والاختلاف في الرأي".

وفي إطار مكافحة التضليل المعلوماتي والإعلامي حول التغير المناخي، شدد خبراء على أهمية الجهود التي تقوم بها مجموعات مراقبة المحتوى المناخي والحكومات بما في ذلك الاتحاد الأوروبي ومنظمات دولية مثل الأمم المتحدة والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومنظمة الصحة العالمية.

وأشاد الخبراء بتكريس كبرى المؤسسات الإعلامية مثل "دويتشه فيله" الكثير من الجهد لإعداد تقارير تدحض المعلومات المناخية الزائفة.

أعده للعربية: محمد فرحان 

مارتن كوبلر محرر ومراسل يعيش في بروكسل، ويركز في عمله الصحفي على القضايا البيئية