الجولان: إسرائيل "تتوغل" في سوريا لتطويق حزب الله من الشرق؟
١٥ أكتوبر ٢٠٢٤قالت مصادر أمنية ومحللون في تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء اليوم الثلاثاء (15 أكتوبر / تشرين الأول 2024) إن قوات إسرائيلية أزالت ألغاما أرضية وأقامت حواجز جديدة على الحدود بين هضبة الجولان المحتلة وشريط منزوع السلاح على الحدود مع سوريا في إشارة إلى أن إسرائيل ربما توسع عملياتها البرية ضد حزب الله بينما تعزز دفاعاتها.
وذكرت المصادر أن هذه الخطوة تشير إلى أن إسرائيل ربما تسعى للمرة الأولى إلى إصابة أهداف لحزب الله من مسافة أبعد نحو الشرق على الحدود اللبنانية بينما تُنشِئ منطقة آمنة تمكنها من القيام بحُرية بعمليات مراقبة عسكرية لتحركات الجماعة المسلحة ومنع التسلل.
صراع ينذر باستدراج الولايات المتحدة أيضا
وفي حين أفادت تقارير بأن إسرائيل تزيل الألغام، كشفت مصادر تحدثت إلى رويترز عن تفاصيل إضافية غير منشورة أظهرت أن إسرائيل تحرك السياج الفاصل بين المنطقة المنزوعة السلاح نحو الجانب السوري وتنفذ أعمال حفر لإقامة المزيد من التحصينات في المنطقة. ومن بين المصادر جندي سوري متمركز في جنوب سوريا ومسؤول أمني لبناني ومسؤول بقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وقد يؤدي عمل عسكري -يتضمن شن غارات من الجولان الذي تحتله إسرائيل وربما من المنطقة المنزوعة السلاح التي تفصلها عن الأراضي السورية- إلى توسيع الصراع بين إسرائيل وحزب الله وحليفته حركة حماس. واجتذب الصراع بالفعل إيران وينذر باستدراج الولايات المتحدة إليه.
وتتبادل إسرائيل إطلاق النار مع حزب الله المدعوم من طهران منذ أن بدأت الجماعة إطلاق الصواريخ عبر الحدود اللبنانية دعما لحماس بعد هجومها على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 والذي أشعل فتيل الحرب الدائرة في غزة.
وبالإضافة إلى الضربات الجوية الإسرائيلية -التي ألحقت أضرارا جسيمة بحزب الله الشهر الماضي سبتمبر / أيلول 2024- تتعرض الجماعة حاليا إلى هجوم بري إسرائيلي من الجنوب وقصف إسرائيلي من البحر المتوسط غربا. ومن خلال توسيع جبهتها في الشرق، تستطيع إسرائيل أن تشدد قبضتها على طرق إمداد حزب الله بالأسلحة والتي يمر بعضها عبر سوريا وإيران التي تدعمه.
"محاولة إسرائيلية لإعداد هجوم أوسع في لبنان"
وقال نوار شعبان -الباحث في مركز حرمون ومقره إسطنبول- إن العمليات في الجولان تبدو وكأنها محاولة للإعداد لهجوم أوسع في لبنان. وأضاف "كل ما يحدث في سوريا يهدف إلى خدمة استراتيجية إسرائيل في لبنان- ضرب طرق الإمداد والمستودعات والأشخاص المرتبطين بخطوط الإمداد لحزب الله".
وقال ضابط مخابرات سوري وجندي سوري متمركز في جنوب سوريا وثلاثة مصادر أمنية لبنانية رفيعة المستوى تحدثت إلى رويترز في هذا التقرير إن إزالة الألغام وغيرها من الأعمال الهندسية التي تقوم بها إسرائيل تسارعت خلال الأسابيع الماضية.
"إزالة ألغام الجولان متوازية مع توغل إسرائيل بلبنان"
وقالت المصادر إن أعمال إزالة الألغام زادت مع بدء إسرائيل توغلها البري في الأول من أكتوبر / تشرين الأول 2024 لمحاربة حزب الله على امتداد المنطقة الجبلية التي تفصل شمال إسرائيل عن جنوب لبنان على بعد نحو 20 كيلومترا إلى الغرب.
وقال المصدران السوريان وأحد المصادر اللبنانية إن إسرائيل كثفت في الفترة نفسها ضرباتها على سوريا، ومنها العاصمة والحدود مع لبنان، كما انسحبت وحدات عسكرية روسية متمركزة في جنوب سوريا لدعم القوات السورية هناك من موقع مراقبة واحد على الأقل يطل على المنطقة المنزوعة السلاح.
وتحدثت جميع المصادر شريطة عدم الكشف عن هويتها لتتسنى لها مناقشة رصدها للعمليات العسكرية الإسرائيلية في هضبة الجولان التي احتلت إسرائيل معظمها من سوريا في عام 1967.
وقال الجندي السوري المتمركز في الجنوب إن إسرائيل تحرك السياج الفاصل بين الجولان المحتل والمنطقة المنزوعة السلاح لمسافة أبعد باتجاه سوريا، وتقيم تحصينات قربها "حتى لا يكون هناك أي تسلل في حال اشتعال هذه الجبهة".
وقال الجندي إن إسرائيل تقيم فيما يبدو "منطقة عازلة" في المنطقة المنزوعة السلاح. وقال مصدر أمني لبناني رفيع المستوى لرويترز إن القوات الإسرائيلية حفرت خندقا جديدا بالقرب من المنطقة المنزوعة السلاح في أكتوبر / تشرين الأول 2024.
وقال مصدر أمني لبناني كبير إن عمليات إزالة الألغام قد تسمح للقوات الإسرائيلية "بتطويق" حزب الله من الشرق. وكانت المنطقة المنزوعة السلاح على مدى العقود الخمسة الماضية موقعا لقوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية بعد حرب عام 1973.
وقال مسؤول في قوات حفظ السلام الدولية في نيويورك إن قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك "لاحظت في الآونة الأخيرة بعض أنشطة البناء للقوات العسكرية الإسرائيلية في محيط منطقة الفصل"، لكنه لم يذكر تفاصيل أخرى.
روسيا غادرت أعلى موقع في محافظة درعا
وحين سُئل الجيش الإسرائيلي عن إزالة الألغام، قال إنه "لا يعلق على خطط العمليات" وإنه "يقاتل حاليا منظمة حزب الله الإرهابية من أجل السماح بعودة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان". ولم ترد قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك وروسيا وسوريا على طلبات التعليق من رويترز.
وأشار تقرير لمجلس الأمن الدولي إلى انتهاكات على جانبي المنطقة المنزوعة السلاح، وفق ما ورد في تقرير عن أنشطة قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك بتاريخ 24 سبتمبر / أيلول 2024 اطلعت رويترز عليه في الرابع من أكتوبر / تشرين الأول 2024.
وأفاد المصدران السوريان وأحد المصادر اللبنانية بأن القوات الروسية غادرت في هذه الأثناء موقع تل الحارة، وهو أعلى نقطة في محافظة درعا جنوب سوريا ونقطة مراقبة استراتيجية. وقال ضابط عسكري سوري إن الروس غادروا بسبب تفاهمات مع الإسرائيليين لمنع الصدام.
"الأسد بعيداً عن حماس وحزب الله"
وسعت السلطات في سوريا -التي تُعد جزءا مما يسمى "محور المقاومة" الذي تقوده إيران- إلى البقاء بعيدا عن المعركة منذ تصاعد التوتر الإقليمي بعد هجوم حماس الإرهابي في السابع من أكتوبر / تشرين الأول العام الماضي 2023.
ويشار أن حركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية. وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".
وجاء في تقرير لرويترز في يناير / كانون الثاني 2024 أن الأسد تراجع عن اتخاذ أي إجراء لدعم حماس بعد تهديدات إسرائيلية. كما "أبعد" حزب الله عن نشر أي قوات في الجزء الخاضع لسيطرة سوريا في الجولان. وقال ضابط في المخابرات العسكرية السورية لرويترز إن الجيش السوري لم ينشر قوات إضافية.
ع.م / خ.س (رويترز)