مصير الحركات الانفصالية...نهايات سعيدة أو دول فاشلة
٨ أكتوبر ٢٠١٧لم يصوت سوى 40 فى المائة من الكاتالونيين في الاستفتاء الذي جرى في الأول من تشرين الأول/أكتوبر حول تقرير المصير، بيد أن 90 في المائة منهم أيدوا مغادرة إسبانيا. لكن، لا يزال من غير الواضح كيف ستسير الأمور، حيث يقول الزعماء الكاتالونيون إنهم سيعلنون استقلالهم فى غضون "أيام" بينما مازالت الحكومة الإسبانية مصرة على رفض نتيجة الاستفتاء.
على الرغم من أن كاتالونيا هي المثال الأبرز الساعي للانفصال أو الاستقلال في الوقت الحالي إلى جانب كردستان العراق، إلا أن هناك العديد من المناطق الأخرى في العالم والتي سعت لذلك في السنوات الأخيرة. بعضها نجح في الانفصال والبعض الآخر لا، وحتى بعض من أصبحوا دولاً مستقلة، لم يصلوا إلى نهاية سعيدة.
جمهورية التشيك وسلوفاكيا
حُلت جمهورية تشيكوسلوفاكيا سلمياً وتحولت إلى جمهورية التشيك وسلوفاكيا في الأول من كانون الثاني/ يناير عام 1993. ووصف هذا الانقسام بـ"الطلاق المخملي" بدلاً من الانفصال، في إشارة إلى الثورة المخملية السلمية التي حدثت في تشيكوسلوفاكيا في عام 1989 وقادت إلى نهاية الحكم الشيوعي. وخلال السنوات الثلاث التي تلت ذلك، اتسعت الهوة بين المنطقتين، ليصوت البرلمان في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1992 على حل الاتحاد. وكان الطلاق ناجحا، فاليوم كل من جمهورية التشيك وسلوفاكيا هي بلدان ذات اقتصادات قوية. وفي وقت سابق من العام الحالي سجلت جمهورية التشيك أدنى معدل بطالة في الاتحاد الأوروبي، كما يعتبر اقتصاد سلوفاكيا من أسرع الاقتصادات نمواً في منطقة اليورو.
تيمور الشرقية
كانت جزيرة تيمور الشرقية مستعمرة برتغالية لعدة قرون حتى أعلنت استقلالها فى أواخر عام 1975. ولكن بعد ذلك مباشرة احتلت اندونيسيا الدولة الجديدة الواقعة فى جنوب شرق آسيا. وكان الاحتلال الجديد الذي دام نحو ربع قرن وحشياً، حيث تراوحت تقديرات عدد القتلى بين 100 ألف و200 ألف. وفي عام 1999 صوتت تيمور الشرقية بأغلبية ساحقة لإنهاء الاحتلال عن طريق استفتاء مدعوم من الأمم المتحدة.
وفي أيار / مايو 2002، أصبحت جمهورية تيمور- ليشتي الديمقراطية، المعروفة باسم تيمور الشرقية، أصغر دولة ذات سيادة في آسيا، غير أن عقوداً من العنف تركت هذه الدولة ممزقة حتى الآن، حيث تعاني من عدم الاستقرار وغياب التنمية الاقتصادية، كما لا تزال أحد أفقر البلدان في العالم. ويعيش حوالي نصف سكانها البالغ عددهم 1.2 مليون نسمة في فقر مدقع نتيجة لسنوات طويلة من الصراع. علاوة على بنيتها التحتية الهزيلة تشكو تيمور الشرقية من نقص الأيدي العاملة.
كوسوفو
بقيت كوسوفو ذات الغالبية السكانية الألبانية منطقة حكم ذاتي في صربيا لسنوات طويلة، وصربيا نفسها كانت إحدى الدول ضمن دولة يوغوسلافيا السابقة متعددة العرقيات. ومع انهيار يوغوسلافيا نتيجة سلسلة من الصراعات الدموية في تسعينات القرن العشرين، شكلت كوسوفو حركة للاستقلال. وكان رد القوات الصربية عنيفاً حيث هجّرت سكان كوسوفو عبر الحدود الألبانية. وفي عام 1999، ومع تصاعد القتال بين القوات الصربية والمسلحين الألبان، بدأ الناتو بحملة عسكرية ضد صربيا بقيادة الولايات المتحدة. وقد أجبرت الغارات الجوية التي استمرت شهوراً القوات الصربية على الانسحاب. وفي نهاية المطاف أعلنت كوسوفو الاستقلال في عام 2008، بدعم من الولايات المتحدة والعديد من دول الاتحاد الأوروبي. وحتى الآن لا تقبل صربيا أن تعترف باستقلال كوسوفو، واستطاعت بدعم من روسيا منع كوسوفو من الانضمام للأمم المتحدة. وما زال الحوار الذي يشرف عليه الاتحاد الأوروبي من أجل "تطبيع العلاقات بين صربيا وكوسوفو" جارياً في بروكسل منذ عام 2013. وقد وقعت الحكومتان على أكثر من 30 اتفاقية، لكن تنفيذها لا يزال يشكل تحدياً.
اسكتلندا
كانت اسكتلندا وما زالت جزءاً من المملكة المتحدة لأكثر من 300 عام، لكن العديد من الاسكتلنديين ليسوا سعداء بذلك. ورغم أن لاسكتلندا برلمانها الخاص، إلا أن الحزب الوطني الاسكتلندي يسعى للاستقلال الكامل. ورغم أن الاستفتاء الذي جرى عام 2014 فشل في تحقيق ذلك، إلا أن مشاعر الاستقلال قد أثيرت مرة أخرى نتيجة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016. وتبرر الوزيرة الأولى في اسكتلندا نيكولا ستورغون رغبتهم بالاستقلال بأن اسكتلندا غير مضطرة أن تقبل الخروج من الاتحاد الأوروبي تلقائياً مع خروج المملكة المتحدة. وقد طرحت إمكانية إجراء استفتاء آخر في عام 2018، عندما تصبح تفاصيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أكثر وضوحاً، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن النتيجة ستكون على الأرجح كما كانت في عام 2014.
جنوب السودان
انفصل جنوب السودان عن السودان في التاسع من تموز/يوليو عام 2011، ليصبح أكثر دولة فتية في العالم. وبهذه الخطوة انتهى صراع دام عقداً من الزمن وكان قد بدأ حتى قبل حصول السودان على استقلالها عن المملكة المتحدة في عام 1956. وشعر سكان الجنوب - الذي يغلب عليه الطابع المسيحي وتقطنه جماعات إثنية مختلفة ذات روابط وثيقة مع بلدان أفريقية أخرى – بأن حكومة الخرطوم مارست التمييز ضدهم، حيث يسيطر عرب من شمال السودان على الحكومة. وقد حملت جماعات متمردة مختلفة، بما فيها الحركة الشعبية لتحرير السودان، السلاح ضد الحكومة السودانية التي ردت بعنف كبير. وفي النهاية، وقع الجانبان اتفاق سلام فى عام 2005. وفي استفتاء عام 2011، أيد 98.8 بالمائة من الناخبين استقلال الجنوب. لكن آمال وأحلام العديد من أبناء جنوب السودان قد تحطمت عندما اندلعت حرب أهلية بين حكومة جنوب السودان وتحالف من جماعات متمردة في عام 2013. ورغم أنه تم توقيع اتفاق سلام آخر في عام 2015، إلا أن الأزمة حصدت آلاف الأرواح وخلفت أكثر من أربعة ملايين شخص بين لاجئ ونازح.
كارلا بلايكر وآخرون/ محي الدين حسين