الحريري يصل إلى دمشق في زيارة "تاريخية"
١٩ ديسمبر ٢٠٠٩وصل رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، إلى العاصمة السورية دمشق عصر اليوم السبت لإجراء محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد. وكان رئيس الوزراء السوري ناجي العطري قد استقبل الحريري لدى وصوله سوريا في أول زيارة له كرئيس للوزراء. كما وصل الحريري بمفرده إلى باحة قصر تشرين، حيث خصه الرئيس السوري بشار الأسد باستقبال "حار"، ثم بدأ الرجلان جلسة مباحثات ثنائية بعد التقاط الصور التذكارية.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن زيارة الحريري لدمشق تستغرق يومين. وهذه الزيارة هي الأولى التي يقوم بها الحريري لدمشق منذ تسلمه مهامه كرئيس للوزراء، وتأتي بعد زيارتين قام بهما الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى دمشق. وأفاد مسئول في المكتب الإعلامي للحريري رفض كشف هويته لوكالة فرانس برس أن هذه الزيارة "من شأنها أن تفتح مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين". وفي الإطار ذاته أيضا قالت بهية الحريري، عضو البرلمان اللبناني وعمة رئيس الوزراء، إنه "من الطبيعي أن يزور سوريا كرئيس حكومة لكل لبنان". وأضافت "بالنهاية الدولة الأقرب لنا هي سوريا. وستنعكس هذه الزيارة على استقرار لبنان وأمنه".
اغتيال الحريري
ومنذ دخوله الحياة السياسية بعد اغتيال والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في فبراير/شباط 2005 لم يجر سعد الحريري أي اتصالات رسمية مع سوريا. وسبق أن اتهم سعد الحريري والقوى المؤيدة له النظامَ السوري بالوقوف وراء عملية اغتيال والده في بيروت. كما وجهت أصابع الاتهام إلى دمشق في قتل أو مهاجمة عدد من السياسيين والصحفيين في السنوات التالية. وتنفي سوريا أي صلة لها بالاغتيالات. كما لم توجه المحكمة الخاصة بمتابعة ملف اغتيال الحريري ومقرها لاهاي الاتهام إلى أي شخص بعد في مقتله، حيث أجبر هذا الحدث دمشق على إنهاء وجودها العسكري الذي استمر 29 عاما في لبنان في أبريل/ نيسان عام 2005 تحت وطأة مظاهرات شعبية وضغط دولي.
وطالما اشتبك تحالف سعد الحريري مع حلفاء سوريا في لبنان وفي مقدمتهم حزب الله المدعوم من إيران وهددت الأزمة السياسية بانزلاق لبنان في أتون حرب أهلية جديدة. ولكن تحسن العلاقات بين سوريا والسعودية التي تدعم الحريري ساعد في تخفيف حدة التوتر في لبنان وسمح للحريري الذي فاز في الانتخابات البرلمانية في يونيو/حزيران بتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم حزب الله وغيره من حلفاء دمشق. وبعيد تشكيل الحكومة الجديدة تلقى الحريري برقية تهنئة من نظيره السوري محمد ناجي عطري. ويدرج الحريري زيارته لدمشق في إطار "واجباته كرئيس حكومة لكل لبنان والتي تحتم عليه عدم التوقف عند الاعتبارات الشخصية".
صعود نجم الحريري السياسي
وكان رفيق الحريري قد اغتيل في انفجار سيارة ملغومة في بيروت، وإثر الاغتيال تم اختيار سعد – الذي ولد عام 1970 في الرياض بالسعودية - ليسير على خطى والده السياسية. وفي البداية تردد سعد في دخول المعترك السياسي، لكنه سرعان ما أصبح مسؤولا عن الحزب السياسي الذي شكله والده وهو تيار المستقبل. ومثّل تيار المستقبل السني الكتلة الأقوى ضمن تحالف قوى "14 آذار" (وهو اليوم الذي احتشدت فيها أكبر مظاهرة ضد سوريا في بيروت في عام 2005) والذي يعارض النفوذ السوري في شؤون لبنان.
وعلى الرغم من أن الائتلاف الحاكم فاز بأغلبية واضحة في الانتخابات النيابية عام 2005 ، غير أن الحريري لم يعتبر نفسه يتمتع بالنضوج السياسي الكافي لشغل منصب رئيس الوزراء، فترك المنصف لوزير المالية السابق وحليف والده الوثيق فؤاد السنيورة. وخلال السنوات الأربع التالية عمل الحريري على صقل هويته السياسية وقاد تحالف "14 آذار" في السابع من يونيو حزيران /الماضي إلى الفوز الثاني في الانتخابات البرلمانية. وبعد أربعة أشهر من المفاوضات الشاقة مع المعارضة شكل الحريري الشهر الماضي حكومة وحدة وطنية جديدة تضم وزيرين من حزب الله المدعوم من سوريا وإيران.
(س ج / د ب أ، رويترز، أ ف ب)
مراجعة: هشام العدم