HER
٩ أبريل ٢٠٠٩في أول خطوة تأميم من نوعها أعلنت الحكومة الألمانية أنها قررت شراء مصرف "هيبو رييل استيت" للإقراض العقاري المتعثر مقابل 290 مليون يورو، وقدمت عرضا بذلك إلى مجلس إدارة البنك الذي رحب بقرار الحكومة واعتبره خطوة صحيحة بعد عجز المصرف عن تسديد خسائره التي تجاوزت العام الماضي الخمسة مليارات يورو، وذلك رغم حصوله حتى الآن على أكثر من 100 مليار يورو من "صندوق إنقاذ المصارف" الحكومي.
وكانت الدولة اشترت في الآونة الأخيرة 8.7 في المائة من أسهم البنك بانتظار المصادقة على قانون التأميم، الذي وقَّع عليه رئيس الدولة هورست كولر أمس الأربعاء (08 أبريل /نيسان 2009) بعد إقراره في البرلمان الاتحادي ومجلس الولايات الألمانية.
وقدم عرض شراء المصرف "صندوق استقرار أسواق المال" الحكومي الذي يطلق عليه اختصارا اسم "سوفين" وهو صندوق مقره فرانكفورت ومعني بإحداث الاستقرار واستعادة الثقة في النظام المالي. وفور إعلان الحكومة رغبتها في شراء المصرف، ارتفع سعر سهم البنك في بورصة فرانكفورت إلى 1.38 يورو، ما عكس اطمئنانا وثقة لدى المستثمرين الذين كانوا ينتظرون خطوة التأميم هذه.
وقال "سوفين" في الإعلان إن "هذا العرض يعد فرصة لحملة أسهم هيبو ريال إستيت للخروج من الاستثمار في البنك بسعر معقول"، مشيرا إلى أن العرض أعلى بنسبة 10 بالمائة عن السعر الأدنى للسهم المعمول به قانونا ويبلغ 1.26 يورو.
التأميم خيار أفضل من الإفلاس
وشهدت ألمانيا في الأشهر الماضية سجالا وجدلا واسعين بين مؤيد للتأميم تفاديا لحصول كارثة مالية كبيرة في البلاد. ورأى المعارضون أن مثل هذه الخطوة تشكل تدخلا حكوميا غير مقبول في الاقتصاد الحر. لكن الحكومة الألمانية أوضحت في أكثر من مناسبة بأن سلبيات التأميم أقل بكثير من سلبيات إفلاس البنك الذي قد يؤدي إلى كارثة مالية واقتصادية لا يمكن التكهن بأبعادها والسماح بها.
ورغم الدعم المالي الحكومي الكبير الذي حصل عليه مصرف "هيبو ريال إستيت" خلال الأشهر الماضية، إلا أن ذلك لم يساعد على إنقاذه، ما دفع إدارة البنك إلى تشجيع الدولة على تأميمه بالكامل لتفادي الأسوأ. وانعكس قرار الحكومة هذا، إضافة إلى عوامل أخرى، إيجابا على بورصة فرانكفورت التي سجلت أسهم الشركات المختلفة فيها ارتفاعا في أسعارها، خصوصا في "مؤشر داكس".
الحكومة تحاول إقناع المساهمين الكبار ببيع حصصهم
هذا وقد وأجرت الحكومة مشاورات مع كبار المساهمين في البنك بهدف شراء حصصهم في البنك، غير أن بعضهم، وفق مقدمتهم المساهم الأميركي الكبير ج. س. فلاورز الذي يمتلك نحو 24 بالمائة من الأسهم، رفض بيع حصته بسبب تدني السعر الذي تعرضه الحكومة مقارنة بسعر أسهم البنك قبل عدة أشهر. ويأمل هؤلاء في البقاء في البنك أثناء إصلاحه من قبل الحكومة.
لكن ذلك لا يشكل عقبة في طريق استحواذ الحكومة على أسهم البنك بكاملها، إذ إن قانون التأميم يسمح للدولة في حال تعنت المساهمين وعرقلتهم لعملية الشراء بتأميم أسهمهم أيضا ومنحهم تعويضات حسب ما ترتئيه الحكومة.
الكاتب: أسكندر الديك
تحرير: عماد م. غانم