الدوري الألماني... قمة الروائع الرياضية والأرباح المالية
٢٤ مايو ٢٠١٣على ملعب ويمبلي في مدينة لندن، سيكون لاعبو أفضل أندية القارة الأوروبية (ريال مدريد وبرشلونة ومانشستر يونايتد ومانشستر) جالسين إما على المدرجات أو أمام شاشات التلفزيون، يشاهدون اللاعبين الألمان الاثنين والعشرين بقمصانهم الصفراء والحمراء وهم يتنافسون فوق عشب ملعب نهائي دوري الأبطال، وفي الوقت نفسه ومن خلال ذلك، يكسبون أموالاً طائلة لصالح الدوري الألماني (بوندسليغا).
بل وقبل بدء ركلة البداية في دوري الأبطال، سيكون كل من بوروسيا دورتموند وبايرن ميونخ قد فازا في المباراة، وذلك عبر جني أرباح مالية، كما يقول هينينغ فوبيل من معهد هامبورغ للاقتصاد الدولي (HWWI) والباحث في الشؤون المالية والاقتصادية المتعلقة بكرة القدم للمحترفين.
ففي حوار مع DW يقول فوبيل عن أرباح الفريقين في هذا الموسم: "مكافأة الموسم المنصرم 8 ملايين و600 ألف يورو. بالإضافة إلى ذلك تأتي مكافأة الاستمرار في النجاح. والفريق الفائز في دوري أبطال أوروبا تصل أرباحه إلى 60 مليون يورو".
حتى الخاسر سيربح
والفريق الخاسر منهما لن يحصل على أقل من ذلك بكثير. وحتى إذا خسر دورتموند فإنه، كما يقول فوبيل: "سيكسب من المال في هذا الموسم ما يكافئ تقريباً المال الذي سيكسبه الفريق البافاري". ومع ذلك، لا ينبغي لأحد الاعتقاد أن دورتموند سيبلغ بذلك مرتبة بايرن ميونخ من الثراء. إذ يقول ساشا شميت من كلية إدارة الأعمال الأوروبية EBS عن ذلك: "من الناحية المالية لن يصبح دورتموند على قدم المساواة مع نادي ميونخ". ويوافقه هينينغ فوبيل هذا الرأي، مقارناً بين ميزانية كل من الفريقين: "فريق بايرن يمتلك 125 مليون يورو بالمقارنة مع حوالي 50 مليون يورو يمتلكها دورتموند". فبايرن يتمتع بقوة اقتصادية أكثر من دورتموند، وبهذا تبلغ القيمة السوقية للاعبي ميونخ نحو 430 مليون يورو، في حين لا تتعدى هذه القيمة في حالة دورتموند 254 مليون يورو. كما أن عدد أعضاء نادي بايرن أكثر من ضِعْف عدد أعضاء دورتموند. وفي حين يحظى دورتموند بحقوق بث برامج تلفزيونية في 12 بلداً، فإن لدى النادي البافاري برامج تلفزيونية خاصة به في 90 بلداً.
الشكر للتلفزيون
لا شك بأن نهائي دوري أبطال أوربا، الألماني البحت، يشكل صفقة رياضية ومالية كبيرة وبامتياز للفريقين الألمانيين. ولكن ماذا عن الدوري الألماني (بوندسليغا)؟ وماذا ستستفيد الفرق الـ 16 الألمانية الأخرى، المشارِكة في دوري الدرجة الأولى، من مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا التي تجمع ناديين ألمانيين؟ الباحثان هينينغ فوبيل وساشا شميت كلاهما مقتنعان بأن "نهائي الأبطال بين ناديين ألمانيين ينعكس إيجابياً حتى على جميع الأندية الألمانية الأخرى".
"فبحكم أنّ للدوري الألماني مشاهديه في جميع أنحاء العالم"، كما يوضح ساشا شميت في حوار مع DW، فإن "تأثير الدعاية الهائل من خلال دوري الأبطال ينعكس على الدوري الألماني بأكمله إيجابياً عبر ارتفاع احتمالات تسويق حقوق البث التلفزيوني للدوري الألماني". وبالتالي يضمن تسويقُ حقوق البث التلفزيوني المحلي للدوري الألماني لجميع الأندية الألمانية الحصولَ على جزء من الكعكة. ففي حين تحصل الأندية الكبيرة بطبيعة الحال على قطعة أكبر من الكعكة، لن تخرج الأندية الألمانية الصغيرة من الدوري خالية الوفاض على الأقل.
كما أنّ هناك ميزة إضافية: فكلما كانت فرق دوري الدرجة الأولى الألمانية أفضل من منافستها الأوروبية الأخرى حظيَتْ الفرق الألمانية بالمزيد من المشاركة في دوري أبطال أوروبا. إذ بوسع أربعة أندية ألمانية المنافسة في دوري الأبطال حالياً. أما الدوريات الضعيفة فلا تضمن لنفسها إلا مقعداً واحداً أو مقعدين على الأكثر في دوري الأبطال، بل إن بعض الفرق الفائزة في الدوريات الضعيفة تضطر إلى خوض مباريات تأهيلية شاقّة أملاً في الحصول على مقعد في دوري أبطال أوروبا.
"مشجعون بلا حدود"
صحيح أن معظم إيرادات الأندية تأتي من حقوق البث التلفزيوني ومن أموال الجهات الراعية وأيضاً من المكافآت على الأداء الرياضي، ولكن مبيعات منتجات الترويج بأنواعها المختلفة للمشجعين والمعجبين باتت تحتل أهمية متزايدة في سِجِلّ واردات الأندية. فالمشجعون (أو الزبائن) في حالة نهائي الأبطال الأوروبي ليسوا مجرد أنصار من مدينة دورتموند أو من مدينة ميونخ فحسب، بل إنهم من جميع أنحاء العالم: ويشترون القمصان والأعلام والأوشحة والشراشف الملونة بألوان الناديَيـْن الألمانيين في جميع أنحاء العالم - وليس فقط من محلات المشجعينالمحيطة بالملعبَين المحليَّين للفريقين.
لقد درس الباحث ساشا شميت فئة مشجعي كرة القدم في الوقت الحاضر. وفي دراسته، اكتشف فئة "المشجعين الـمُعَوْلـَمين"، ويقول بهذا الشأن: "نحن نسميهم: 'مشجعين بلا حدود' فقد أصبح شائعاً لمشجعي كرة القدم ألا يهتفوا لفريقهم المفضل في بلدهم فقط، ولكن أيضاً لفريقهم المفضل في الخارج كذلك".
"ففي أوروبا وحدها، يوجد حوالي 41 مليون من فئة 'مشجعين بلا حدود' التي لديها نادٍ مفضل في الخارج"، كما يقول شميت. وهؤلاء المشجعون يعبّرون عن شغفهم مالياً وبسخاء: "ففي المتوسط، يدفع كل منهم حوالي 860 يورو في الموسم الواحد" لإبراز تشجيعهم وشغفهم الرياضي.
صفقات وأرباح كبيرة
لكن التأثير الاقتصادي الأكبر لنهائي دوري الأبطال المقام في لندن لن يأتي من ألمانيا أو من البلدان الأوروبية الأخرى، بل من بلدان ما وراء البحار، كما يقول هينينغ فوبيل، مضيفاً: "في آسيا، ثمة اهتمام قوي بكرة القدم الأوروبية". لكن لا يزال على الأندية الألمانية اللحاق بركب شهرة نظيرتها الإنكليزية في آسيا، فالإنكليزية صيتها ذائع في بلدان الشرق الأقصى منذ وقت طويل. ومنذ أكثر من عشرين عاما يحقق كل من مانشستر يونايتد وأرسنال لندن وليفربول أرباحاً عالية في هذه السوق المتنامية.
وبذا فإن مباراة نهائي دوري الأبطال المقامة في لندن بين ناديين ألمانيين، والتي سيتم بثها على الهواء مباشرة في 209 دولة، هي أفضل وسيلة لدوري الدرجة الأولى الألماني من أجل اكتساب "مشجعين جددٍ بلا حدود" من اليابان وكوريا أو الصين.
ميزة للدوري الألماني
وليس من المستبعد أن تحظى الأندية الألمانية بنهائي ألماني صرف آخر مستقبلاً في دوري أبطال أوروبا. والباحث ساشا شميت مقتنع بأن الأندية الألمانية ستلعب دوراً جيداً على المدى المتوسط في دوري الأبطال "رياضياً ومالياً".
فالاتحاد الأوروبي لكرة القدم UEFAلا يريد أن تكون نفقات الأندية الأوروبية أكثر من مدخولاتها. وابتداءً من الموسم المقبل يعتزم الاتحاد اعتماد هذا المبدأ لجميع الأندية الأوروبية، وهو مبدأ: "اللعب المالي النظيف". إنه مبدأ معروف لدى الأندية الألمانية بحكم خضوعها لإجراءات ترخيص وقبول صارمة تخوّلها الانضمام إلى الدوري الألماني، لكن هذا المبدأ في المقابل ليس بجديد للأندية الإنكليزية والإسبانية والإيطالية، وهو ما يراه هينينغ فوبيل ميزة تنافسية للفرق الألمانية، فــ "الأندية الأوروبية الأخرى تحتاج أولاً إلى تدعيم نفسها مالياً" إذا تمّ تطبيق هذا المبدأ وتعميمه أوروبياً.
ساشا شميت لديه وجهة نظر مماثلة، ولكنه يقيّد التنبؤ بذلك بمدى جدية الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في تطبيق مبدأ "اللعب المالي النظيف" على أرض الواقع في دوري أبطال أوروبا. ويضيف ساشا شميت في حواره مع DW: "تنفيذ الاتحاد الأوروبي لهذا المبدأ بالفعل سيزيد من القدرة التنافسية للفرق الألمانية" دون شك، ويفتح آفاقا مستقبلية جديدة لمشجعي كرة القدم الألمانية بمن فيهم مشجعو الدوري الألماني (بوندسليغا) في جميع أنحاء العالم.