الدول الصاعدة تلقي بالكرة في ملعب الدول الصناعية في مؤتمر دوربان
٢٩ نوفمبر ٢٠١١ازدادت النقاشات حدة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ الذي بدأ أعماله أمس الاثنين 28 نوفمبر/تشرين الثاني في مدينة دوربان بجنوب إفريقيا، حيث رفضت كل من البرازيل وجنوب إفريقيا والهند والصين بشكل قطعي أن تتحمل المسؤولية الرئيسية في الجهود الدولية الرامية إلى الحد من ظاهرة التغير المناخي. وكانت حكومات هذه الدول قد اتفقت في مؤتمر بكين، الذي سبق مؤتمر دوربان، على أن "المسؤولية عن ذلك تقع، حسب الاتفاقية، على عاتق الدول المتقدمة".
الجو السائد في المؤتمر حاليا هو جو عداء صامت: فالدول الصاعدة تنتظر أن تتحرك الدول المتقدمة، في حين تنتظر الدول الغنية من الدول صاحبة الدور الأساسي في الاقتصاد العالمي الحالي أن تقبل حلا وسطا.
وتتمحور النقاشات حاليا حول بروتوكول كيوتو الذي ينتهي العمل به في العام القادم 2012. وعن ذلك قالت نارنيا بوهلر مولر، الباحثة في المعهد الإفريقي بجنوب إفريقيا "إن حكومة جنوب إفريقيا ألمحت إلى إمكانية تمديد العمل ببروتوكول كيوتو، لكن دون أن يعود ملزما، وذلك بسبب مواقف الولايات المتحدة والصين".
وتؤيد الدول الصاعدة تمديد العمل باتفاقية كيوتو، التي تلزم الدول الغنية بتقليل انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري. وهي تدعو إلى أن "تتحمل جميع الدول المسؤولية، لكن بدرجات متفاوتة".
وتشير إحصائيات صدرت حديثا عن وكالة الطاقة الدولية، إلى أن دول مجموعة بريكس، أي البرازيل وروسيا والهند والصين، تنتج حوالي 30 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (مقابل 18 بالمائة في عام 1990)، وهي حاليا مسؤولة عن 37 بالمائة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في العالم.
نمو اقتصادي مصحوب بانبعاثات ضارة
كانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد أشارت قبيل انطلاق مؤتمر دوربان إلى أن كمية غازات الدفيئة سوف تتضاعف بحلول عام 2050. والخطر الأكبر في الزيادة سيأتي من النمو الاقتصادي السريع الذي تشهده الدول الصاعدة. وقال تقرير المنظمة الدولية "إن الانبعاثات سوف تتضاعف بسبب الإقبال الشديد على اقتناء السيارات في الدول الصاعدة وبسبب تنامي حركة الطيران العالمية".
وأقر التقرير بالمسؤولية التاريخية للدول الغنية عن هذه الانبعاثات، لكنه أشار إلى العقود القليلة القادمة ستشهد طفرة في كمية الغازات المنبعثة من الدول الصاعدة بسبب سرعة نمو اقتصادها. خاصة وأن الفحم الحجري مازال هو المصدر الرئيسي للحصول على الطاقة في الصين والهند والبرازيل. وحسب وكالة الطاقة الدولية فإن ما بين 68 بالمائة و94 بالمائة من الكهرباء في هذه الدول الثلاث يتم توليدها من الفحم الحجري.
"نعم" خجولة لاتفاقية كيوتو
يأتي 75 بالمائة من الكهرباء في البرازيل من المحطات الكهرومائية، لذا فهي تؤيد توسيع بروتوكول كيوتو ، لكن الحكومة البرازيلية تتحاشى انتقاد معارضي البروتوكول وتقول بأنه لا يجب التوصل إلى اتفاقية بأي ثمن. وفي الوقت نفسه ترفض البرازيل التوصل إلى اتفاقية ملزمة للدول الصاعدة وترى أنها تفعل ما يكفي للحد من انبعاث غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري.
أما الهند مثلا فتربط قرارها بموقف الولايات المتحدة الأمريكية، ثاني أبر ملوث للبيئة في العالم، وعن ذلك تقول الباحثة نارنيا بوهلر مولر:"الهند تقول بوضوح بأنها لا تريد وضع قيود على نموها الاقتصادي، في حين ترفض دول أخرى ذلك، وخاصة الولايات المتحدة التي ما زالت ترفض الالتزام بالحد من انعاثاتها".
أما الصين، أكبر ملوث للبيئة في العالم، فقد أقرت مؤخرا خطة طموحة للحد من التغير المناخي. لكنها تنتظر أن تفعل الدول المتقدمة المزيد موضحة أنه "على هذه الدول أن تتولى زمام المبادرة في خفض الانبعاثات".
ناديا بونتيس وجوليا ماس/ عبد الرحمن عثمان
مراجعة: سمر كرم