الرئيس الألماني غاوك يغادر منصبه.. محطات في صور
يواخيم غاوك لم يرغب في الترشح لمنصب الرئاسة لولاية جديدة رغم أن فرصه كانت كبيرة والكثيرون كانوا يرغبون في رؤيته رئيسا مرة أخرى. لكنه لم يكن واثقا من وضعه الصحي. الصور التالية تلخص أبرز محطات مسيرته.
أدار يواخيم غاوك طيلة 10 سنوات بعد الوحدة الألمانية هيئة مراقبة وثائق وزارة أمن الدولة التابعة لألمانيا الشرقية السابقة. في 1990 تم انتخاب الناشط الحقوقي عضوا في آخر برلمان لجمهورية ألمانيا الديمقراطية ثم اقترحته الهيئة لتولي منصب الرئيس وهو ما وافقت عليه حكومة ألمانيا بعد الوحدة. وحتى اليوم تحمل هيئة مراقبة وثائق وزارة أمن الدولة بشكل غير رسمي اسم هيئة غاوك.
بعد مغادرته للهئية في عام 2000 عمل غاوك ككاتب صحفي وناشط سياسي. وبعد الاستقالة المفاجئة للرئيس الألماني الأسبق هورست كولر اقترحه الحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب الخضر خليفة له وقام الإعلام بالترويج له على أساس أنه مرشح الشعب. لكنه في النهاية انهزم أمام مرشح حكومة التآلف المسيحي الليبرالي كريستيان فولف.
بعد حوالي سنتين من ذلك، استقال كريستيان فولف أيضا. ودعت أحزاب المعارضة مرة أخرى إلى ترشيح غاوك. هذه المرة حظي أيضا بدعم الحكومة الاتحادية. وفي استطلاع للرأي أيد 69 بالمائة من المستجوبين انتخاب غاوك. نتائج الانتخابات في مارس/ آذار 2012 جاءت أكثر وضوحا: في الجولة الأولى من الاقتراع، 991 صوتا من أصل 1228 من أصوات الجمعية العمومية الاتحادية جاءت لصالح غاوك.
يختلف يواخيم غاوك أن أسلافه من الرؤساء. فهو أول من تولى منصب الرئاسة بدون الانتماء إلى حزب سياسي، وهو أول من لم ترافقه في المناسبات الرسمية زوجته وإنما شريكة حياته دانييلا شات التي ارتبط بها في عام 2000. أما زوجته غرهيلد غاوك، التي أنجب منها أربعة أولاد، فيعيش منفصلا عنها منذ 25 عاما.
موضوع غاوك الرئيسي هو الحرية، التي يعجبه أن ينعتها "بتفويض الفرد". وهو ما يرى فيه نقاده تبنيا لخطاب معاد للشيوعية بشكل تافه يمجد الأنانية. لكن هناك من يعتبر خطابه نابعا من الليبرالية وداعيا لتحمل المسؤولية الراشدة: فالحرية بحسب هذا المفهوم لا تؤدي تلقائيا للسعادة والرضا بقدر ما تعني المسؤولية الشخصية الوجودية التي تتجاوز سلطة الدولة.
باعتباره الممثل الرسمي لألمانيا بحسب القانون الدولي زار غاوك العديد من الدول. ولم يتحلَّ أثناء هذه الزيارات بالدبلوماسية دائما: ففي تركيا اتهم حكومة رئيس الوزراء أردوغان آنذاك بممارسة الرقابة والتدخل في القضاء والسلطوية. وإزاء لوم أردوغان حافظ غاوك على هدوئه وأكد على أنه قام بالواجب.
في مارس/ آذار 2016 تحدث غاوك إلى طلبة صينيين في شنغهاي عن عدم الثقة الذي يهيمن على العلاقة بين السلطات والمواطنين إذا كانت الحكومة لا تملك الشرعية عبر الانتخابات الحرة، ذاكرا بالاسم نظام ألمانيا الشرقية. السلطات الصينية وإن كانت حافظت على هدوئها، إلا أن ذلك لم يمنعها من تسليط مقص الرقابة على النص. لكن هذا الإجراء لم يمنع التشبيه الضمني بين النظامين من نشره بفضل ترجمة راجت في الإنترنت.
بعد شهرين من زيارته لتركيا، التي تفقد فيها أيضا أوضاع مركز لاستقبال اللاجئين على الحدود مع سوريا، نوه غاوك إلى العدد المتنامي للاجئين الوافدين إلى أوروبا بحرا، ودعا إلى اتخاذ التدابير اللازمة: تسريع الإجراءات للبت في طلبات اللجوء، وتعزيز التكاتف بين الشركاء الأوروبيين وانتهاج براغماتية أكبر بخصوص ما يمكن تحقيقه سياسيا. وكل ذلك قبل 14 شهرا من مقولة ميركل الشهيرة "نحن قادرون على ذلك".
أعاد أداء غاوك الاحترام مجددا لمنصب رئاسة ألمانيا. فبعد استقالة سلفيه قبل الأوان، بررغاوك اكتفاءه بولاية واحدة بشكل إنساني ومسؤول جدا، قائلا إن صحته قد لا تضمن له إتمام ولاية ثانية.
في آخر خطاب كبير ألقاه حث غاوك الألمان المزيد من الثقة في الذات وإلى تبني "وطنية مستنيرة". لكن ما سيبقى في الأذهان هو تبنيه الدائم لخطاب يحث على الحرية. وهو "ما يجسده الرئيس المنتهية مهامه، حتى النخاع"، كما وصفه بذلك فرانك فالتر شتاينماير في أول كلمة ألقاها بعد انتخابه خليفة لغاوك. الكاتب: فالتر، جان. د/ س.أ