السودان: إلغاء الديون على المحك ودعوات لعودة الحكومة المدنية
٥ نوفمبر ٢٠٢١قالت وزارة الخارجية الفرنسية الجمعة (الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر 2021) إن الانقلاب في السودان أثار الشكوك حول إمكانية إقدام باريس على إلغاء ديون بقيمة خمسة مليارات دولار مستحقة على الخرطوم، لتنضم فرنسا إلى صفوف القوى التي تضغط على قادة الجيش بعد استيلائهم على السلطة.
كانت فرنسا، وهي ثاني أكبر دولة دائنة للسودان، لعبت دورا رئيسيا في دعم السلطات المؤقتة بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019، لكن عملية التحول للحكم المدني خرجت عن مسارها في أكتوبر تشرين الأول بعد سيطرة الجيش على الحكم.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية آن كلير لوغندر للصحفيين في إفادة يومية إن باريس كانت شريكا "ثابت العزم" للسودان مشيرة إلى أنه تم الاتفاق على البرنامج العام لإلغاء الديون في مؤتمر في باريس في مايو أيار في إطار مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون.
أضافت لوغندر للصحفيين في رد على سؤال بشأن ما إذا كانت فرنسا تعيد النظر في وعدها المتعلق بإلغاء الديون "جرى التوصل لاتفاق في نادي باريس في 15 يوليو وعلى كل دائن الآن توقيع اتفاق ثنائي مع السودان". ومضت قائلة "بات من الواضح أن قوة الانقلاب الذي نفذه الجيش في 25 أكتوبر تضع هذه العملية موضع شك".
وفي ذلك المؤتمر، تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإلغاء حوالي 5 مليارات دولار مستحقة لبلاده على الخرطوم، وقدم قرضا لسداد متأخرات السودان لصندوق النقد الدولي، ونظم فعالية على هامش المؤتمر للترويج للاستثمار في السودان.
مجلس حقوق الإنسان الأممي يطالب "بعودة فورية" للحكومة المدنية
من جانبه، دعا مجلس حقوق الإنسان الأممي الجمعة الى "عودة فورية" للحكومة المدنية في السودان بعد انقلاب 25 تشرين الأول/اكتوبر فيما طالبت وزيرة الخارجية في الحكومة المقالة بإحالة "جريمة" الانقلاب على المحكمة الجنائية الدولية.
واعتمد المجلس قرارا ندد فيه أيضا بـ"التوقيف الظالم" لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك وكذلك مسؤولين آخرين مطالبا بأن يفرج العسكريون "فورا" عن "كل الأفراد المعتقلين بشكل غير شرعي أو تعسفي".
وكررت عدة دول ما أعلنه السفير البريطاني في جنيف سايمن مانلي الذي ندد "بالتدهور الدراماتيكي لأوضاع حقوق الإنسان" منذ الانقلاب.
وقال السفير الفرنسي في جنيف جيروم بونافون "فيما ينتفض الشعب السوداني سلميا ضد الانقلاب الذي يحاول كسر التحول الديموقراطي، توجه إليه المجموعة الدولية رسالة دعم قوية وتتعهد من خلال اعتماد هذا القرار بالإجماع السهر على عودة دولة القانون وإعادة الحكومة الانتقالية إلى السلطة واحترام حقوق الإنسان".
وعقدت أعلى هيئة لدى الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، جلسة طارئة بطلب من بريطانيا والمانيا والولايات المتحدة والنروج، وطلب المجلس أيضا تعيين خبير رفيع المستوى من قبل المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه يكلف مراقبة احترام حقوق الإنسان في هذا البلد.
ودعت باشليه العسكريين الى "الانسحاب لإفساح المجال أمام البلاد لإيجاد طريق التقدم نحو إصلاحات مؤسساتية وقانونية". ونددت أيضا بسلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان، مثل إطلاق النار ضد متظاهرين، ما أدى بحسب قولها إلى مقتل 13 منهم وجرح أكثر من 300، وقطع الإنترنت منذ الانقلاب ما يمنع السكان من الوصول إلى المعلومات. وأضافت "يجب إطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفا بهدف إقامة حوار والعودة إلى الحكم المدني".
وعبرت روسيا من جهتها عن "قلقها من تفاقم الوضع" في السودان، معتبرة انه "من المهم تجنب أي تصعيد"، لكن مندوب موسكو أكد أن الجلسة الخاصة كانت "تدخلا غير مقبول" في الشؤون الداخلية لبلد "وسابقة لأوانها". وشاطرته الصين وفنزويلا وجهة النظر هذه وعلى غرار روسيا قررتا النأي بالنفس علنا عن الاجماع.
مريم الصادق المهدي تطالب بإحالة قادة الانقلاب إلى المحكمة الجنائية الدولية
ويبدو أن الوضع على الأرض يتطور بسرعة، فقد أصدر القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان قرارا الخميس بالإفراج عن أربعة وزراء احتجزوا إثر الانقلاب العسكري الشهر الماضي، في وقت يتصاعد الضغط الدولي لاستئناف مسار الانتقال الديموقراطي.
وبعد قرار الإفراج عن الوزراء، نقلت صفحة وزارة الثقافة والاعلام على "فيسبوك" ليل الخميس الجمعة، أن السلطات الأمنية أوقفت ثلاثة سياسيين سودانيين أمام مقر بعثة الأمم المتحدة، وكان بينهم الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني شريف محمد عثمان.
ولكن مريم الصادق المهدي وزيرة الخارجية في الحكومة السودانية التي أقالها البرهان طالبت، في كلمة مكتوبة موجهة لمجلس حقوق الانسان بـ"اعتبار الانقلاب العسكري ضمن الجرائم التي تقع في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية (..) أمر يحتاج التفعيل بصورة عملية".
وعلى الرغم من أن الجلسة المنعقدة في جنيف لم تبث كلمة الوزيرة السودانية، إلا أن صفحة وزارة الثقافة والإعلام السودانية على موقع "فيسبوك" والرافضة للانقلاب قامت بنشرها.
وكانت المهدي من المسؤولين السودانيين عن ملف تسليم الرئيس المعزول عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وخلافا للتقليد المتبع، طالب نائب المندوب الدائم في جنيف عثمان أبو فاطمة آدم محمد في رسالة هذا الأسبوع بأن يصبح المتحدث باسم السودان، غير أن المندوب الدائم علي بن أبي طالب عبد الرحمن محمود يبقى الممثل الرسمي للسودان في المنظمة.
ز.أ.ب/ف.ي (رويترز، أ ف ب)