السينما النسائية: واقع جريء يتحدى القيود
١٧ أكتوبر ٢٠٠٦لأول مرة يتم دمج مهرجان "فيميناله Feminale" الذي يقام في مدينة كولونيا ومهرجان "فام توتال Femme Total" الذي يقام في مدينة دورتموند لتدشين مهرجان أكبر حجما وأكثر جاذبية: المهرجان الدولي الأول للسينما النسائية في كولونيا. يهدف المهرجان إلى إبراز منظور المرأة الخاص في الإبداع السينمائي والتأكيد على اختلاف نظرتها عن نظرة الرجل، وذلك من خلال عرض أفلام أخرجتها سيدات. واتسع نطاق فعاليات المهرجان لتشمل عرض الأفلام الروائية والتسجيلية الطويلة والقصيرة لمخرجات من مختلف أنحاء العالم إلى جانب تنظيم ورش عمل تناقش جوانب مختلفة في صناعة السينما وتنظيم منتديات للمناقشة تكون حلقة وصل بين الجمهور وضيوف المهرجان.
مخرجات إيران يتحدين القيود
كانت السينما الإيرانية في خضم الاهتمام هذا العام، فقد تم عرض عدد من الأفلام التي أخرجتها مخرجات إيرانيات نجحن في تجسيد ما تلاقيه المرأة من مصادرة للفكر بعد الثورة الإسلامية عام 1979. بالرغم من الرقابة الشديدة على الأفلام إلا أنهن استطعن أن يعبرن عن أعماق المرأة الإيرانية وموقفها في الصراع بين الحرية والتقاليد والقوانين الجديدة.
وقالت المخرجة الإيرانية المعروفة تهميني ميلاني: "إنني لا أعشق فن السينما لذاته، فالعمل السينمائي بالنسبة لي ليس إلا وسيلة التواصل بيني وبين الجمهور الإيراني. إنني سعيدة بأن يتم تكريمي في المهرجانات العالمية ولكن هدفي الأول والأخير هو أن أخاطب الجمهور الإيراني من خلال أفلامي". إن الإبداع الحقيقي للمخرجات في إيران يتمثل في قدرتهن على توصيل الرسالة إلى الجمهور رغم الحدود التي تفرضها الرقابة. والجدير بالذكر أن المواضيع التي تم تناولها في الأفلام النسائية الإيرانية لا تخص قضايا المرأة فحسب. فقد تناولت تهميني ميلاني على سبيل المثال في أفلامها مواضيع سياسية شائكة كما هو الحال في فيلمها "النصف الخفي" والذي قضت بسببه فترة في السجن، ولكنها تناولت فضلا عن ذلك قضايا اجتماعية تخص الجنسين كما في فيلمها الأخير "فترة هدنة" والذي حقق نجاحا ساحقا في دور العرض الإيرانية والعالمية.
الوجه الآخر للسينما الهندية
بالرغم من أنها لا تعكس واقع الحياة في الهند إلا أن أفلام بوليوود هي الواجهة المعروفة للسينما الهندية في العالم بأجمعه. في إطار المهرجان ومن خلال برنامج "على الجانب الآخر من بوليوود" ظهر للعالم وجه جديد للأفلام الهندية. أفضل مثال على ذلك هو فيلم الافتتاح "آمو" من إخراج شونالي بوسه.
تطرق الفيلم إلى المصادمات الطائفية التي وقعت عام 1984 بين الهندوس والسيخ، وشهدت تدخلا عنيفا من قبل القوات الحكومية من أجل إخماد المصادمات، أدى إلى سقوط الكثير من الضحايا. وتعد هذه المصادمات من المواضيع التي أرادت الحكومة أن تدفنها في أرض الماضي. وبذلك فتحت المخرجة صفحات قد تم طيها منذ زمن وأُجبر الشعب على عدم التطرق إليها.
وعلى العكس من الصورة النمطية التي تقدمها الأفلام الهندية التجارية (بوليوود – وهي كلمة مشتقة من بومباي وهوليوود) فإن الواقع الهندي أكثر تنوعا وغنى. وتقول المخرجة مدهوسري دوتا وهي من ضيوف الشرف في المهرجان: "من الصعب إيجاد نوع واحد من الأفلام يبين واقع الحياة في الهند، فالهند دولة تتميز بتعددية ثقافية ودينية تمنحها وجوه متعددة يصعب توحيدها في صورة واحدة".
الحضور العربي في المهرجان
بالرغم من الحضور المتواضع للأفلام العربية في المهرجان إلا أن المرأة العربية استطاعت هى الأخرى أن تترك بصمات مميزة على الساحة السينمائية. يأتي على رأس القائمة الفيلم التسجيلي "البنات دول" للمخرجة المصرية تهاني راشد والذي سبق عرضه في مهرجان كان السينمائي. يتناول الفيلم حياة مجموعة من البنات تعيش في شوارع القاهرة، في عالم يغلب عليه العنف والقهر والقسوة وكذلك الحرية. تتطلب مواجهة حياتهن اليومية في قاع المجتمع التحلي بالشجاعة وبالقوة والتضامن فيما بينهن. وبين الكفاح والنضال وجد اللعب والضحك مكانا في حياتهن فترتسم على وجوههن ابتسامات تعكس حنينا إلى طفولة بريئة لم يعيشونها. كما تم عرض فيلمين قصيرين هما "غرب... شرق" للمخرجة الأردنية رنا خوري وفيلم "واحد في المليون" للمخرجة المصرية نادين خان.