العثور على الرئيس اليوغسلافي السابق ميتا في زنزانته
١١ مارس ٢٠٠٦قالت محكمة الامم المتحدة اليوم السبت ان الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش توفي. وكان ميلوسيفيتش /64 عاما/ يعاني من مشاكل في القلب ومن ارتفاع ضغط الدم الذي كثيرا ما أدى الى تعطل سير محاكمته في لاهاي بتهم الابادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب خلال الفترة الدموية التي تفككت فيها يوغوسلافيا خلال التسعينيات. ورفضت المحكمة دعوات متكررة للسماح له بالعلاج في روسيا بالرغم من الضمانات التي قدمتها موسكو للمحكمة. وأشارات وكالات الانباء انه تم ابلاغ عائلته الفارة بسبب ملاحقاتها من قبل المحاكم الصربية حيث يعتقد ان زوجته تعيش في روسيا وابنته في مونتينيغرو.
وفي أول تعليق على وفاة ميلوسوفيتش قالت فرنسا اليوم السبت ان الرئيس اليوغوسلافي السابق كان المهندس الرئيسي لحروب البلقان والتطهير العرقي الذي راح ضحيته عشرات الالاف من الاشخاص. وقال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي للصحفيين ان ميلوسيفيتش توفي لاسباب طبيعية. وفي بيان صدر خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي بعد تأكيد أنباء وفاة ميلوسيفيتش قال بلازي ،،بوفاة ميلوسيفيتش يكون واحد من اهم الممثلين ان لم يكن الاهم في حروب البلقان في أواخر القرن العشرين قد غادر المسرح.،، وفي لندن استبعد محامي ميلوسيفيتش أن يكون الرئيس اليوغوسلافي السابق انتحر لانه كان مصمما على استكمال محاكمته بتهم جرائم الحرب. وقال ستيفن كاي احد المحامين الذين عينتهم المحكمة انه تحدث مع موكله عن مسألة الانتحار في الاونة الاخيرة. وأضاف كاي لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية ،،قال لي قبل اسابيع قليلة.. لم اخض هذه القضية لهذه الفترة الطويلة وأنا لدي النية لاؤذي نفسي.،،
صعود نجم ميلوسيفيتش
بدأ نجم ميلوسيفيتش في عام 1989 في كوسوفو بالصعود، عندما ألقى خطبة نارية بمناسبة مرور 600 عام على الملحمة التي خاضها الصرب ضد الاتراك. ووعد الرئيس السابق جماهير الصرب المحتشدة آنذاك بالعمل على حماية العرق الصربي بكل الوسائل. وكانت تلك هي البداية لتفكيك الجمهورية اليوغوسلافية واشتعال حرب عرقية ضروس بين الصرب والكروات والمسلمين في البوسنة والهرسك. وعند تقييم النتائج منذ تلك الخطبة الحماسية يمكن القول أن ميلوسيفيتش لم يقدم لشعبه الا الحروب والدمار والفقر والتشريد وقبر حلم "صربيا الكبرى" الى الأبد.
ولد ميلوسيفيتش لأب أرثوذكسي من مقاطعة مونتينيغرو وأم شيوعية في العشرين من آب/أغسطس 1941 في منطقة في شرق صربيا تعرف بـ "بوزاريفاتش". في عام 1989 تولى ميلوسيفيتش، الحاصل على اجازة في الحقوق، زعامة الشيوعيين الصربيين ـ منصب فتح المجال أمامه لينسج خيوط أحلامه كما يشتهي. كان يرغب دائما في أن يكون خليفة توتو، الزعيم التاريخي الذي وحد يوغوسلافيا، وان يعمل على البقاء على سيطرة العرق الصربي على الأعراق الأخرى. ومن أجل تحقيق ذلك لجأ ميلوسيفيتش إلى حملة دعائية قومية منقطعة النظير ودعم غلاة الحرب في البوسنة والهرسك من أمثال كاراجيتش وملاديتش، قادة جيش صرب البوسنة.
بداية النهاية
في عام 1989 قام ميلوسيفيتش بتعليق الحكم الذاتي التي منحته صربيا لكل من كوسوفو والبانيا. وفي انتخابات 1990 استطاع ميلوسيفيتش أن يثبت للجميع أنه الرجل الاقوى في صربيا وفاز بالانتخابات التي خاضها تحت شعار "كل الصرب في دولة واحدة". ومن أجل تحقيق هذا الشعار لجأ الى القوة العسكرية لمنع انفصال الكروات والبوسنيين في عام 1991، الا ان الرياح هبت بما لا تشتهي السفن، فقد هزمت قواته على أيدي الكروات شر هزيمة وتم تشريد أكثر من 200 ألف صربي كانوا يعيشون في تلك المنطقة منذ 300 عام. بعد هذه الهزيمة بدأ ميلوسيفيتش بلعب الوروقة الدبلوماسية حيث شارك في توقيع معاهدة "ديتون" التي انهت الحرب في البلقان.
بدأت حقبة ميلوسيفيتش بالأفول مع بدء الصراع في اقليم كوسوفو الذي كان مع مونتينيغرو يشكل بقايا جمهورية الصرب. عوامل عدة مثل رفض بلغراد إعادة الحكم الذاتي للإقليم وقيام الصرب بتشريد الألوف من أهالي إقليم كوسوفو، دفعت المجتمع الدولي الى التحرك سريعا ضد نظام ميلوسيفيتش وذلك لتفادي وقوع مذابح على شاكلة تلك التي وقعت ابان حرب البوسنة والهرسك. وبعض رفض القيادة الصربية الاذعان لمطالب المجتمع الدولي قامت قوات الناتو بشن غارات جوية على صربيا استمرت أحد عشر اسبوعا اضطر ميلوسيفيتش على اثرها الى الرضوخ. بعد الحرب شكلت قوى المعارضة تحالفا أطاح به وفي أبريل/نيسان 2001 تم اعتقاله في احدى ضواحي بلغراد وتسليمه الى المحكمة الدولية في لاهاي التي يحاكم فيها منذ ذلك الوقت.