العراق- هجمات عنيفة وسط اشتباك خصوم محليين ودوليين
١٦ أبريل ٢٠٢١قال مسؤولون أمنيون وحكوميون عراقيون إن سلسلة الهجمات التي هزت العراق هذا الأسبوع تسلط الضوء على التعقيد الخطير للوضع الأمني في البلاد، لاسيما التنافس المحلي والإقليمي الحاصل على أرض العراق في عام انتخابات .
ويقول هؤلاء المسؤولون إن العنف مرتبط على ما يبدو بفصائل مسلحة تسعى لمساعدة حليفتها إيران في مواجهة خصوم غربيين وخليجيين، في صراع على النفوذ في الشرق الأوسط، فضلاً عن التوتر المتزايد في الداخل قبيل انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول.
صراعات دولية ساحتها العراق
وتدلل هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ في شمال العراق، نفذتها فصائل موالية لإيران، على توسيع تلك الفصائل لترسانتها، واستعدادها لنشرها في مواجهة القوات الأمريكية المتمركزة في البلاد.
وأضاف المسؤولون أن التنافس بين إيران والولايات المتحدة لا يزال أكبر عامل لزعزعة الاستقرار، رغم رحيل الرئيس السابق دونالد ترامب وخطابه المتعنت، والمحادثات الجديدة بين القوى العالمية بشأن برنامج إيران النووي.
وأشار مسؤول أمني عراقي إلى أن هجوم الأربعاء على القوات الأمريكية في مطار أربيل الدولي كان المرة الأولى التي تُستخدم فيها طائرة مسيرة محملة بمتفجرات ضد هدف أمريكي في أربيل، مضيفاً أن "استخدام الطائرات المسيرة تطور مثير للقلق.. نشهد تغييراً في طريقة إصابة الأهداف (الأمريكية) في إقليم كردستان، في رسالة مفادها أن هذه الجماعات يمكنها اختيار وقت ومكان هجماتها دون إيقافها".
اتهامات لفصائل مدعومة إيرانياً
واتهم المسؤول الأمني وضابط في الجيش العراقي ومسؤول حكومي الفصائل المسلحة المدعومة من إيران بالوقوف وراء الهجوم. وقالوا إن ذلك كان على الأرجح رداً على هجوم على منشأة نطنز النووية الإيرانية يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل نفذته. ولم تعلق إسرائيل رسمياً على الهجوم.
وتابع المسؤول الحكومي بالقول: "كان هذا مرتبطاً بحادث نطنز والمفاوضات مع الولايات المتحدة. إنه إظهار لقدرة إيران على الرد والحاجة إلى أن تؤتي المفاوضات ثمارها وأن هناك تكلفة للهجمات الإسرائيلية على إيران وتكلفة للمفاوضات دون إحراز أي تقدم".
ورحب أنصار الفصائل بالهجوم، لكن لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عنه حتى الآن.
هذا وكانت إيران والولايات المتحدة وافقتا هذا الشهر على إجراء محادثات غير مباشرة بشأن برنامج طهران النووي، على أمل عودة محتملة للاتفاق الدولي الذي انسحب منه ترامب في 2018 قبل فرض عقوبات على إيران وقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في ضربة بطائرة مسيرة في بغداد العام الماضي.
ومنذ أن تولى الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه، كثفت الفصائل العراقية مطالبتها بمغادرة القوات الأمريكية المتبقية، وقوامها 2500 جندي، من العراق وواصلت الهجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة ونشر أسلحة أكثر تطوراً.
تصاعد التوتر مع تركيا
كما تحدث بعض المسؤولين الغربيين ومسؤول في فصيل عراقي مسلح ومصدر أمني إيراني عن هجوم بطائرة مسيرة على السعودية تم إحباطه في يناير/ كانون الثاني، والذي كان قد انطلق من الأراضي العراقية، ضمن موجة متزايدة من الهجمات التي يشنها وكلاء إيران على المملكة.
ولم تعلق إيران على الهجمات التي وقعت في الآونة الأخيرة على القوات الأمريكية، لكنها نفت في السابق تورطها في تنفيذ مثل هذه الضربات. وأصدرت عدة جماعات غير معروفة موالية لإيران بيانات تعلن فيها مسؤوليتها عن بعض الهجمات السابقة على أهداف أمريكية.
إلى ذلك، أدى مقتل جندي تركي يوم الأربعاء في هجوم صاروخي على القوات التركية المتمركزة شمال العراق إلى تعقيد الوضع الأمني الهش في العراق. هذا الهجوم كان منفصلاً عن هجوم أربيل وإن كان قد وقع في نفس الوقت تقريباً.
وتشن تركيا حملة على مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين ينشطون في جنوب تركيا، لكنهم يتمركزون في جبال شمال العراق. وللحزب حلفاء عراقيون مرتبطون بفصائل مدعومة من إيران.
وشددت الفصائل المسلحة المدعومة من إيران هذا العام لهجتها في معارضة الوجود التركي، واصفة القوات التركية بأنها قوة احتلال يتعين عليها الرحيل، مثلها مثل الأمريكيين. ولم تعلن أي جماعة على الفور مسؤوليتها عن الهجوم الذي أسفر عن مقتل الجندي التركي، لكن محللين يقولون إن فصائل موالية لإيران هي التي نفذته.
وقال بلال وهاب، الزميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "يبدو أن الفصائل المسلحة فتحت جبهة جديدة مع تركيا وأراقت الدماء. ربما يثيرون المشاكل".
وينظر وكلاء إيران إلى التوغل التركي على أنه تهديد لبوابتهم إلى سوريا ولطريق تهريب رئيسي للأسلحة والأفراد والبضائع. وقد لا يكون لدى إيران وتركيا رغبة في التصعيد. حول ذلك أوضح وهاب: "سنرى ما إذا كان سيتم التغاضي عن هذا الهجوم على قاعدة تركية، أم أنه سيصبح علامة فارقة في مجرى الأحداث ".
ولم ترد السلطات التركية على الفور على طلب للتعليق.
حكومة محاصرة
تزيد الصورة الإستراتيجية الآخذة في التعقيد من الضغوط على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي حاول دون جدوى الحد من نفوذ الجماعات المسلحة بهدف إجراء انتخابات عامة حرة في أجواء سلمية في أكتوبر/ تشرين الأول. وأضافت الخصومات الداخلية إلى التحديات التي تواجهه في بلد يزيد فيه عادة العنف في العام الذي يشهد التصويت.
وشهد سوق مركزي في بغداد في يناير/ كانون الثاني الماضي أكبر هجوم في العاصمة منذ ثلاثة أعوام، أسفر عن مقتل 30 فرداً. وأعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مسؤوليتها عنه.
وأودى هجوم آخر بسيارة ملغومة يوم الخميس بحياة أربعة على الأقل، ليصبح ثاني هجوم ينهي الهدوء النسبي الذي شهدته العاصمة العراقية منذ هزيمة التنظيم الإرهابي عام 2017. وأعلن التنظيم الخميس مسؤوليته عن الهجوم.
وقال سياسيون عراقيون إن تنظيم "داعش" يحاول نشر الفوضى، بينما قال آخرون إن جماعات مسلحة شيعية متنافسة ربما تحاول إخافة بعضها البعض قبل التصويت.
ويرى محللون أن تلك الهجمات - أياً كان منفذها - تظهر أن بمقدور الجماعات المسلحة نقل السلاح في أنحاء بغداد دون علم قوات الأمن. وقال وهاب: "الحكومة... ليس لديها لا القدرة السياسية على ردع الميليشيات لوقف تنفيذها هجمات ولا الإمكانيات الأمنية لوقفهم ومحاسبتهم عند وقوعها".
ولم يرد متحدث باسم الحكومة العراقية بعد على طلب للتعليق.
ع.ح/ ي.أ (رويترز)