أعلى نسبة عزوف في أول انتخابات عراقية بعد دحر الجهاديين
١٢ مايو ٢٠١٨أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق مساء اليوم السبت (12 أيار/مايو 2018) أن النسبة الأولية للمشاركة العراقية بلغت 44,52 بالمائة. وقال رياض البدران عضو مجلس المفوضين في مؤتمر صحفي عقد مساء اليوم في مقر المفوضية إن "عدد العراقيين الذين يحق لهم التصويت يبلغ 24 مليونا و352 ألفا و253 عراقيا فيما بلغ عدد المصوتين في الاقتراع اليوم 10 ملايين و840 ألفا و969 ناخبا منهم 9 ملايين و952 ألفا و264 في التصويت الذي جرى اليوم السبت و709 ألفا و396 من المشاركين في تصويت القوات المسلحة والشرطة والبيشمركة الكردية و179 ألفا و329 عراقيا من المقيمين خارج البلاد. وتعد هذه النسبة الأدنى منذ سقوط نظام صدام حسين العام 2003 ، إذ سجلت انتخابات العام 2005 مشاركة بنسبة 79%، و62,4% عام 2010، و60% عام 2014.
وكان العراقيون قد أدلوا اليوم السبت بأصواتهم في أول انتخابات منذ هزيمة تنظيم "داعش" بينما يسعى رئيس الوزراء حيدر العبادي، وهو حليف للولايات المتحدة وإيران، لهزيمة جماعات سياسية شيعية قوية ستجعل العراق في حالة فوزها أكثر قربا من إيران. وعبر العراقيون عن فخرهم بالتصويت لرابع مرة منذ سقوط صدام حسين. لكنهم لا يعلقون آمالا كبيرة في أن تجلب الانتخابات الاستقرار لبلد يعاني من الصراع والصعوبات الاقتصادية والفساد.
وقالت مصادر أمنية عراقية إن ثلاثة رجال قتلوا عندما انفجرت قنبلة زرعت في سيارتهم في منطقة سنية جنوبي مدينة كركوك الغنية بالنفط. وأوضحت المصادر أن الهجوم له صلة بالانتخابات وأن اثنين من القتلى من الناخبين والثالث مراقب في مركز اقتراع قرب بلدة الخان. وكان تنظيم "داعش" قد هدد بشن هجمات قبل الانتخابات. وسيتعين على الفائز في انتخابات اليوم التعامل مع تداعيات قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران في خطوة أثارت مخاوف بين العراقيين من أن يتحول بلدهم إلى ساحة للصراع بين واشنطن وطهران.
ونجح العبادي، الذي تولى السلطة قبل أربعة أعوام بعد اجتياح تنظيم "داعش" ثلث الأراضي العراقية، في إدارة تحالف العراق مع كل من إيران والولايات المتحدة. وقدمت واشنطن دعما عسكريا للعراق لهزيمة التنظيم بينما دعمت إيران مقاتلين شيعة كانوا يقاتلون في نفس الجانب. لكن الحملة انتهت الآن ويواجه العبادي تهديدات سياسية من منافسيه الرئيسيين، سلفه نوري المالكي والقيادي الشيعي هادي العامري وكلاهما مقرب من إيران أكثر منه.
والخلاف بين الجماعات العرقية والدينية الثلاث الرئيسية، وهي الشيعة العرب الذين يمثلون أغلبية والسنة العرب والأكراد، قائم منذ عشرات السنين والانقسامات الطائفية لا تزال عميقة. وإيران لها نفوذ كبير في العراق باعتبارها أهم قوة شيعية في المنطقة. كما أن الولايات المتحدة، التي اجتاحت العراق عام 2003 للإطاحة بصدام حسين، لها نفوذ واسع أيضا هناك. وأثار نفوذ إيران استياء بين السنة وكذلك بعض الشيعة في العراق الذين ضاقوا ذرعا برجال الدين والأحزاب والميليشيات ويريدون أن تحكم البلاد حكومة متخصصة.
المرشح الأوفر حظا
يرى محللون أن العبادي متقدم بشكل طفيف ولكن فوزه ليس مضمونا. ولم يكن العبادي، الذي درس في بريطانيا، يمتلك آلة سياسية قوية عند توليه منصبه لكنه عزز موقفه بعد الانتصار على تنظيم "الدولة الإسلامية". وعلى الرغم من تقربه إلى الأقلية السنية خلال توليه رئاسة الوزراء فإن العبادي استعدى الأكراد بعد أن أحبط مساعيهم للاستقلال. لكنه أخفق في تحسين الاقتصاد والقضاء على الفساد ولا يمكنه الاعتماد فقط على أصوات طائفته الشيعية. وحتى إذا فازت قائمة النصر التي تتبع العبادي فإنه سيتعين عليه التفاوض بشأن حكومة ائتلافية ينبغي تشكيلها خلال 90 يوما من الانتخابات.
أما العامري (63 عاما) فقضى أكثر من 20 عاما يحارب صدام من منفاه في إيران. ويقود العامري منظمة بدر التي تمثل العمود الفقري لقوات المتطوعين التي حاربت تنظيم "داعش". وسيمثل فوز العامري انتصارا لإيران التي تخوض حروبا بالوكالة مع السعودية من أجل النفوذ في الشرق الأوسط.
خذلان شعبي
يشعر الكثير من العراقيين بأن أبطال الحرب والساسة خذلوهم عندما تقاعسوا عن إصلاح مؤسسات الدولة وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية اللازمة. وقال عامل يدعى خالد الشامي (50 عاما) في مركز تصويت في بغداد "نحن لا نحتاج دبابات ولا طائرات وإنما ورقة انتخابية فقط حتى نتمكن من إصلاح العملية السياسية التي أجهضها من يحكمون العراق".
ويسعى المالكي للعودة إلى الساحة السياسية من جديد ويقدم نفسه على أنه البطل الشيعي بعدما تعرض للتهميش في أعقاب اجتياح "داعش" للعراق. ويقول منتقدون إن سياسات المالكي الطائفية خلقت مناخا مكن تنظيم "داعش" من كسب تعاطف بين بعض السنة مع اجتياحه العراق في 2014.
وتُقسم المناصب الحكومية العليا بشكل غير رسمي بين الجماعات الرئيسية في البلاد منذ سقوط صدام وخُصص منصب رئيس الوزراء وفقا لهذا التقسيم للشيعة فيما خُصص منصب رئيس البرلمان للسنة أما الرئاسة، وهي منصب شرفي في نظام الحكم العراقي، فقد خُصصت للأكراد فيما يختار البرلمان الشخصيات التي تشغل تلك المناصب.
ز.أ.ب/ع.ش (د ب أ، أ ف ب، رويترز)