العفو الدولية: آلاف المعتقلين بدون محاكمة في العراق
١٣ سبتمبر ٢٠١٠كشف تقرير صدر اليوم (13 سبتمبر/ أيلول 2010) عن منظمة العفو الدولية أن السلطات العراقية تحتجز حوالي 30 ألف شخص دون محاكمة، وتحرمهم من الوصول إلى المحامين الأمر الذي يعرضهم لخطر التعذيب. وأشار التقرير إلى أن بعض السجناء تعرضوا للضرب بالأسلاك الكهربائية وتعرضوا للتعذيب بالصدمات الكهربائية، كما كشف التقرير عن حالات اعتقال وتعذيب لفترات طويلة في المنطقة الكردية بشمال العراق التي تتمتع بحكم شبه ذاتي. وغالبا ما يبدي العراقيون آراء متناقضة متباينة بشأن التقارير الدولية التي تتناول قضايا بلادهم لأسباب تتعلق بالمواقف السياسية لهذا الطرف أو ذاك.
مسؤولية الأمريكيين في الميزان
النائب في البرلمان العراقي عمر الجبوري عن الحزب الإسلامي (السني) تحدث إلى دويتشه فله عن تردي أوضاع حقوق الإنسان منذ دخول الولايات المتحدة إلى العراق، معتبرا أن "الاعتقالات والمداهمات التي قامت بها هذه القوات كانت في الغالب عشوائية وآزرتها الحكومة العراقية لأسباب سياسية"، واعتبر الجبوري "أن عددا كبيرا من المعتقلين لا تتوفر فيهم شروط الاعتقال القانونية امضوا في السجون ست أو سبع سنوات دون البت في قضاياهم "، مؤيدا "الأعداد التي ذكرها تقرير منظمة العفو الدولية" ومبينا "أن السجون العراقية مكتظة ولا تصلح لإيواء المواشي، حدث ولا حرج عن الناس- حسب تعبيره ، كما أن القضاء العراقي غير قادر على مجاراة قضايا المعتقلين لسبب عدم وجود عدد كاف من القضاة وعدم وجود سجون لائقة تكفي لاحتوائهم، كم أن وزارة العدل غير مؤهلة لمتابعة هذا الملف".
وكشف الجبوري لدويتشه فله أن المعتقلين منعوا خلال أيام عيد الفطر من لقاء ذويهم تحت ذرائع كثيرة، وهو إجراء يخالف كل الشرائع والأنظمة. وهاجم الجبوري وزارة حقوق الإنسان في العراق معتبرا أنها قد "خذلت ملف السجناء ولم تعد تدافع عن حقوق الإنسان قدر دفاعها عن موقف الحكومة العراقية السيئ من حقوق الإنسان".
و أشار تقرير منظمة العفو الدولية إلى أن "حوالى عشرة آلاف من المعتقلين قد سلمتهم الولايات المتحدة إلى العراقيين في الآونة الأخيرة مع انتهاء المهمة القتالية" لجنودها مشيرا إلى احتمال "تعرضهم للإساءة وانتهاك حقوقهم". وأيد الجبوري ما ذهب إليه تقرير المنظمة الدولية بهذا الخصوص مشيرا بالقول "أن الإدارة الأمريكية قد ارتكبت خطأ جسيما حين سلمت الحكومة العراقية المعتقلين الموجودين لديها عوضا عن إطلاق سراحهم، وهذا التسليم تم بموجب صفقة بين الجانب الأمريكي والجانب العراقي تضمنت قيام الحكومة العراقية الحالية بدفع تعويضات مقدارها 400 مليون دولار إلى من تأثر نفسيا من الأمريكيين بأعمال النظام السابق في العراق(نظام صدام حسين الذي احتجز رهائن أجانب – من بينهم أمريكيون - بعد احتلال الكويت في صيف عام 1990) مقابل تسلمها ملف المعتقلين لدى القوات الأمريكية".
نفي عراقي أمريكي قاطع
لكن وكيل وزارة العدل في العراق بوشو ابراهيم نفى ما جاء في تقرير المنظمة الدولية وأعلن لوكالة فرانس برس "نؤكد عدم صحة تقرير منظمة العفو الدولية" مضيفا ان "جميع الموقوفين تم اعتقالهم بموجب مذكرات قضائية رسمية نظرا لوجود اتهامات ضدهم. ولم يتعرض أحد منهم للتعذيب". وذهب المسؤول العراقي إلى أن "المنظمة تتكلم دون أي أساس".
صلاح التكمجي مدير شبكة المرصد العراقي الإعلامية ( القريبة من المجلس الأعلى الإسلامي- وهو تنظيم شيعي) قال في لقاء مع دويتشه فله "إن غالبية المعتقلين كانوا تحت سلطة الإدارة الأمريكية، وآخر معتقل تم تسليمه إلى الحكومة العراقية كان معتقل كروبر(في المطار) حيث سلم الأمريكيون 1500 سجين إلى السلطات العراقية ، وإن أرقام المعتقلين في مجمل السجون العراقية قدر بنحو 14 الى 15 ألف معتقل" وأشار التكمجي إلى "أن العدد الذي أشار إليه التقرير مبالغ فيه كما أن اغلب المعتقلين هم من المجرمين الخطرين الذين شاركوا في عمليات إرهابية كبيرة" وكشف التكمجي انه قد زار معتقلين في سجن كروبر وتأكد من وجود حالات فساد ووجود معتقلين بناء على دعاوى كيدية، إلا أن الحالات المشار إليها لا تتجاوز العشرات وليس بهذا العدد الذي أشار إليه تقرير المنظمة الدولية. ولم ينفي الإعلامي العراقي وجود سجناء بدعاوى كيدية شارحا "أن وزارة العدل العراقية تعاني من الفساد بدرجة كبيرة وهو ما يفسر حالات الاعتقال الكيدية التي تجري بقصد ابتزاز أموال بعض الميسورين من خلال تلفيق تهم ضدهم، كما يفسر هذا حالات هروب السجناء المتكررة والتي تتم في الغالب بتنسيق مع القائمين على حراسة السجون".
واتفق رأي الإدارة الأمريكية مع رأي السلطات العراقية حيث قال المتحدث باسم الجيش الأميركي في العراق المقدم بوب اوين إن الموقوفين "بحسب النظام القضائي العراقي لا يواجهون احتمال التعرض للتعذيب وسوء المعاملة"، مضيفا أن "أماكن الاحتجاز غالبا ما تخضع للتفتيش وتلتزم القانون والمعايير الدولية من حيث الاعتناء بالموقوفين وإدارتهم". وثمّن أوين دور وزارة العدل في العراق لأنها تقوم ب" تامين الغذاء والملابس والدواء للموقوفين وكذلك لقاء أفراد من عائلاتهم" مؤكدا " أن الولايات المتحدة لا تنتهك أيا من الاتفاقات الدولية في العراق بالنسبة إلى الموقوفين".
ملهم الملائكة
مراجعة: حسن زنيند