العلاقات العاطفية بين الجنسين في ليبيا بعد الثورة ليست أكثر جرأة
٧ سبتمبر ٢٠١٢تقول نورعلي وهي طالبة جامعية في العشرين من عمرها "إن تغيرا طفيفا حدث في نوع العلاقة بين الشبان إبان الثورة، لكن سرعان ما عادت الأمور على ما هي عليه بعد إعلان تحرر البلد من الدكتاتورية". وتنقل نور مشاهداتها عن علاقات الشبان بالفتيات خلال فترة الثورة، بالقول إن رؤية الشاب للفتاة تغيرت في ذلك الوقت، موضحة أن "الفتيات أصبحن ينظرن للشاب الليبي على أنه البطل المقاتل الطالب للشهادة والزاهد في زينة الحياة، وكذلك الشباب أصبحوا يرون الفتاة الليبية الحرة الداعمة والمتخلية عن مظاهر الزينة والتي لا تنتبه لإعجاب أحدهم بقدر ما تنتبه لحاجاته".
وتضيف في حوار مع DW أن "الهالة التي أوجدتها الحرب حول الثوار والحرائر سرعان ما تلاشت وعاد الجميع إلى الواقع مجددا، إلا لدى من فقدوا أحباءهم أو تعرضوا لأهوال الحرب بشكل مباشر بحيث أصبحوا أكثر جدية وعمقا في نظرتهم للطرف الآخر وهذا ليس بتغيير جذري".
فقد كانت الثورة الشعبية التي شهدتها ليبيا في السابع عشر من فبراير / شباط من العام الماضي وأطاحت بحكم العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، قد اطلقت انفتاحا سياسيا واقتصاديا، ولكن خبراء اجتماعيين يقولون ان المجتمع الليبي حافظ على نسقه التقليدي ،خصوصا مع صعود ونفوذ التنظيمات الإسلامية التي كانت محظورة.
"حل سحري" للتواصل بين الجنسين
وتبدي هبة سالم تشددا أكثر في النظر إلى هذا النوع من العلاقات بالقول إن "العلاقة بين الشبان والفتيات ليس لها علاقة بالثورة أو الأنظمة وإنما تعتمد بشكل أساسي على التربية ومراعاة سنن الله في كل العلاقات والصداقات مع الجنس الآخر".
وأشارت إلى أنها لاحظت في الكلية بجامعة بنغازي، أن هناك زيادة في عدد الاختلاط والتجمعات بين الشباب و الشابات"لافتة إلى أن "هذا له العديد من الأبعاد والأسباب المتعلقة بالسلوك".
وترى فتحية محمد من جهتها أن العلاقات الاجتماعية بين الشبان والفتيات في ليبيا بعد الثورة قد انحصرت في وسائل الاتصال الحديثة، وهي ظاهرة جديدة على المجتمع الليبي قائلة إن "وسائل الاتصال المتطورة والحديثة كالانترنت وبرامج التواصل الاجتماعي والهاتف المحمول جعلا من فرص التقاء الشاب بالفتاة أسهل وبعيدة عن أعين الناس". وتضيف في حديث لـ DW أن "هذه الوسائل سهلت بشكل خاص على الفتاة التي تحاول أن تبرر لنفسها هذه الأشياء، بأنها تسبق الوقت وأن نسبة الرجال قليلة مقارنة بعدد الفتيات وأنها اتخذت الطريق الآمن الذي لا تعرض به نفسها وعائلتها للقيل والقال وهي تعتقد بذلك أنها تصون نفسها من أمور قد لا يحمد عقباها في بعض من الحالات".
تأثير الثقافة التقليدية والإسلاميين
ومن جهته يعتبر يوسف بن هلال أن العلاقات بين الشبان والفتيات ضعيفة جدا في ليبيا بسبب هيمنة الثقافة التقليدية والمحافظة في المجتمع الليبي، خاصة في طريقة التعامل بين الشباب والفتيات مشيرا أن "الاحترام المتبادل القائم على الاخلاق هو ما جعل من علاقة أي شاب بفتاة هي مبنية على الحدود وعدم التمادي في المشاعر والأحاسيس".
بينما يلفت الطيب عبد المالك إلى أن "العلاقات الاجتماعية بين الشباب والبنات فى ليبيا موجودة سواء قبل الثورة أو بعدها". ويقول موقع DW إن هذه العلاقات تعتمد على ما هو مقصود منها، موضحا أن "هناك علاقات زمالة تنتهى بانتهاء مرحلة الدراسة، وأخرى تنتهى بالزواج، وغيرها تكون للتسلية فقط سواء من جانب الشاب أو الفتاة رغم أن تلك قليلة نسبيا".
ويعتبر باحث علم الاجتماع الليبي علي حمد أن نفوذ التيارات الإسلامية يساهم في محاصرة العلاقات العاطفية في ليبيا بين الشبان، وقال "إن هيئات الحسبة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) التي شكلتها كتائب الثوار من الإسلاميين في أشكال مكافحة الظواهر السلبية قللت من حجم التواصل المباح الذي كان ممنوحا لحجم بعض تلك العلاقات (المحرمة) وفقا للشريعة الإسلامية".
وأضاف أن " التغيير السياسي في البلد لم يؤثر على العلاقات الاجتماعية والثقافة البدوية السائدة فيه، لاسيما فيما يتعلق بالنظرة المحافظة سواء بسبب الدين أو العصبية القبلية والطبيعة البدوية".
ولفت إلى أن "ما سبق الثورة يختلف عما بعدها في شكل تلك العلاقات بين الشبان، فقد قل الاختلاط والتجانس والاختلاء إلا في أمور محدودة جدا، وتم تعويضها بالعمل في المنظمات الاجتماعية والمدنية والإنسانية في شكل جماعي".
هل كسرت الثورة قيود المرأة؟
وتقول الناشط الاجتماعي علاء بن ناصرإن المرأة الليبية بلا شك وعلى الرغم من أنها قبل الثورة كانت قد دخلت عديد المجالات فتعلمت ودخلت مجال العمل إلى جانب الرجل، ولكن رغم ذلك فقد ظلت دائماً مستبعدة من قبل النظام أو كان عليها أن تغتنم الفرص لأجل أن تبرز ويظهر لها دور فعال في المجتمع. ويوضح بن ناصر ان القيود على المرأة "كانت كثيرة وحركتها دائماً محدودة، ولنقل أنها كانت تعمل ولكن كان للأسف كسب الرزق هو الأساس، أي أن المرأة لم يكن لها الحرية الكافية لكي تبرز وتعبر عن نفسها وأفكارها وتتحرك بحرية".
ويلاحظ الناشط الليبي انه خلال ثورة 17 فبراير حدث تحول كبير في وضع المرأة، "فمنذ بدايتها تبين مدى مشاركتها الفعالة خلال الثورة وأنها لم تعد مجرد مخلوق جُلّ اهتمامها أن تتعلم لتعمل على كسب رزقها وقوتها وتنزوي في بيتها، بل تقف وتحارب إلى جانب الرجل وتصرخ بأعلى صوتها لنيل حريتها من نظام الطاغية".
وأشار قائلا"للأسف دفعت المرأة الثمن غالياً خلال الثورة بعد الاعتداء عليها و اغتصابها وهتك عرضها"، وقال ان المجتمع المدني في ليبيا يتطلع بعد تحرير البلاد من الدكتاتورية إلى تغير النظرة العامة للمرأة سواء أسرياً أو اجتماعياً، وأضاف "نطمح أن يتم احترامها بشكل أفضل من قبل الرجل فينظر لها كإنسانة وكشريكة وليس مجرد تابعة له وخادمة بيت". معربا عن تفاؤله خلال المرحلة القادمة بأن تبرز المرأة الليبية عبر دورها الفعال والأساسي في المجتمع الليبي الجديد.