الفضاء ساحة جديدة للمنافسة الصينية
٢٤ أكتوبر ٢٠٠٧حين أعلنت الصين قبل سنوات قليلة عن برنامجها الفضائي الطموح، الذي سيطلق في غضون السنوات القليلة القادمة، لم يأخذ العالم هذا البرنامج على محمل كبير من الأهمية. فقد ظل مجال أبحاث الفضاء حكراً على الأمريكيين والروس لسنوات طوال، إلا أن الحلم الصيني لم يعد بعيد المنال. فقد أطلق التنين الصيني أول مسبار فضائي صيني لاستكشاف سطح القمر، وذلك في إطار البرنامج الذي يهدف إلى هبوط مركبة على سطح القمر بحلول عام 2012. وقد حمل صاروخ من طراز "مارش 3 إيه" المسبار إلى الفضاء من منصة مركز شيشانج الفضائي بإقليم سيشوان جنوب غربي الصين في الساعة السادسة والنصف بالتوقيت المحلى(العاشرة وخمس دقائق بالتوقيت العالمي). وبعد 30 دقيقة من عملية الإطلاق انفصل المكوك بنجاح عن الصاروخ الحامل له وتحرك في مداره المعد له مسبقاً حول الأرض.
ومن المقرر أن يبدأ المسبار ووزنه 2.3 طن في التحرك في مداره الأولي حول الأرض في 31 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري ويكمل مناورته في مدار حول القمر في الخامس من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. وسيدور المسبار حول القمر نحو عام كامل يقوم خلالها بمسح وتحليل سطح الأرض بواسطة الصور ثلاثية الأبعاد. وقد أعرب المتحدث باسم إدارة الفضاء الوطنية الصينية لي جوبينج تفاؤل كبير إزاء هذه الخطوة الصينية ووصفها بأنها " ستضع الأسس التقنية لتطوير بلادنا في مجال أبحاث الفضاء".
وقد سبق إطلاق المسبار في السنوات الثلاث الأخيرة رحلتين مأهولتين إلى الفضاء. وبذلك أضحت الصين ثالث دولة في العالم بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق ترسل رواداً إلى الفضاء بوسائلها الخاصة. ومن المقرر أن تكون الرحلة القادمة إلى القمر في العام 2012 تتبعها رحلة أخرى في 2017. وبهذا الانجاز تكون الصين قد تفوقت في هذا المجال على جارتها اليابان، التي تنوي إرسال أول رائد فضاء ياباني يطأ سطح القمر مع حلول عام 2025.
"تشانج وان" قرار سياسي بالدرجة الأولى
وفي حديثه إلى دويتشه فيله قال الكاتب والعالم الفلكي أولريش فولك: "إنها مسألة وقت، فالصينيون بهذه الخطوة يسترجعون ما فاتهم لعقود من الزمن سبقتهما إليها وكالة ناسا الأمريكية وروسيا، إذ إن إرسال مسبار أو رائد إلى الفضاء ليس بالحدث الجديد، وإنما مشروع أُطلق في ستينيات القرن الماضي".
ويرى فولك أن برنامج الصين الفضائي يأتي ضمن إطار الاستكشاف العلمي ولكنه بالدرجة الأولى مشروع سياسي بحت يخبأ في طياته إظهار الهيبة الصينية باعتبارها لاعب فعّال على الساحة الدولية. فعلى الرغم من السبق الفضائي الأمريكي والروسي منذ أمد بعيد، إلا أن أغلب دول العالم تفتقر لتقنيات توصلها إلى الفضاء. وبذلك يحاول الصينيون الآن إثبات "أننا قادمون".
فضول البشر أوصلهم إلى القمر
ومن منظور العالم فولك فإن هذا الإلحاح للسفر إلى القمر ليس غريباً على بني الإنسان، فلطالما رافق هذا الحلم البشر في كل مراحل تطور ثقافتهم. فقد اهتم العلماء على مر العصور بعلم الفلك واعتبروه بأنه يعكس النفس البشرية، فأغلب الاكتشافات البشرية جاءت بدافع فضول العلماء. ويعلّق فولك على هذا بالقول: "ثمة شيء في باطن الإنسان يدفعه دائماً للتعرف على ما يحيط به. ليس على سطح الأرض فحسب، وإنما في الكون أيضاً".