القمة الأوروبية: مسعى محموم لتفادي فشل أوروبا واليورو
١٣ ديسمبر ٢٠١٠وصلت الاستعدادت لعقد القمة الأوروبية الجديدة يومي الخميس والجمعة المقبلين إلى مراحلها الأخيرة في ظل خلافات نقدية ومالية كبيرة بين الدول الأعضاء حول كيفية حماية الدول المرهقة بالديون من جهة، والحفاظ على استقرار اليورو كعملة موحدة من جهة أخرى. وتمر العملة الأوروبية الموحدة حاليا في مرحلة تعتبر الأقسى والأخطر منذ بدء العمل بها عام 2000.
وشهدت الأسواق المالية الأوروبية أخيرا تراجعا في قيمة اليورو على خلفية الخلاف الدائر داخل دول منطقة اليورو حول كيفية التعامل مع العجز المالي الذي يواجهه عدد من دولها. ورفضت ألمانيا وفرنسا اقتراح البعض زيادة حجم شبكة الأمان المالية التي خصصت لحماية العملة الأوروبية الموحدة، وكذلك شراء سندات حكومية لتوحيد فائدة المصارف على قروض الدول الأعضاء بحجة أن ذلك سيحمّل الدول القادرة وزْر السياسات المالية الخاطئة للدول العاجزة وتدفيعها قسما من فائدة ديون الأخيرة العالية.
ألمانيا وفرنسا:لا للسندات ونعم لليورو
وفيما قال وزير خارجية اللوكسمبورغ جان اسلبورن لإذاعة "دويتشلاند فوك" الألمانية إن القمة الأوروبية لن تدرس إصدار سندات يورو أوروبية، وأن من الممكن إلغاء الفكرة إذا أبدت الدول الأعضاء في الاتحاد تضامنا مشتركا لحماية اليورو شدّد وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله على أن العملة الأوروبية "وجدت لتبقى، وأن من يراهن على عدم استقرارها يرتكب خطأ". ورأى أن عودة كل بلد إلى عملته الوطنية السابقة كما يحبّذ البعض سيكون خطأ يشبه خطأ الموافقة على إفلاس بنك" ليمان براذرز".
وكانت المستشارة أنغيلا ميركل نسّقت مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في نهاية الأسبوع الماضي في فرايبورغ خلال اجتماع دوري لحكومتي البلدين موقفيهما الداعم لليورو وللإصلاحات الجارية تحضيرا للقمة المرتقبة. وأكد المسؤولان الكبيران على الأثر معارضتهما لفكرة إصدار سندات باليورو. وقال ساركوزي إن أحدا لم يستشر برلين وباريس من قبل حول هذا الموضوع.
يونكر يتهم برلين ب "اللاتضامن الأوروبي"
ويتزعم رئيس مجموعة وزراء مال دول منطقة اليورو رئيس حكومة اللوكسمبورغ جان كلود يونكر فكرة إصدار سندات باليورو بدعم من من عدة دول متوسطية . وواجهت ميركل الفكرة بالرفض التام، ما اعتبره يونكر "موقفا مناهضا لأوروبا وللتضامن بين الأوروبيين". وعلى الأثر أعلنت باريس دعمها لبرلين. وجدد ساركوزي وميركل تمسكهما بالعملة الأوروبية وتطابق تحليلاتهما الخاصة بالإصلاحات البنيوية التي يُفترض إجراؤها على الوحدة التقدية والاقتصادية الأوروبية.
وإذ أيد وزير الخارجية الألماني رئيس الحزب الليبرالي غيدو فيسترفيلّه موقف حليفته المسيحية الكبرى في الحكومة ميركل الرافضة لشراء سندات يورو حكومية رأى أن السندات لن تحمي العملة الأوروبية من المضاربات والدول العاجزة ماديا من السقوط. وأضاف: "نحن لا نراعي هنا مصالح دافعي الضرائب الألمان فقط، بل وأيضا مصالح دافعي الضرائب الأوروبيين".
دوافع اختلاف نسب الفائدة على القروض
تجدر الإشارة إلى أن عمليات الاقتراض في دول اليورو تتم حتى الآن عبر سندات مستقلة تصدرها كل دول أوروبية عضوة في الاتحاد على حدة، وتطرحها في أسواق المال العالمية للحصول على ما تحتاجه من قروض. وتختلف نسبة الفائدة على هذه القروض وفقا لمدى توازن موازنة كل دولة وقوة اقتصادها. وتدفع الدول التي تعاني أزمات مثل إيرلندا واليونان فوائد على القروض المستدانة أضعاف ما تدفعه الدول المستقرة حيث تراوح الفوائد بين 3 في المئة لألمانيا و11 في المئة لليونان.
ويلتقي القادة الأوروبيون هذا الأسبوع لبحث سبل حل مشكلة ديون منطقة اليورو التي أوقدت شرارة عمليتي إنقاذ اليونان وأيرلندا. ويتخوف الكثيرون من أن تصاب دول أخرى مثل البرتغال وإسبانيا بوضع مماثل. ويتوقع المراقبون التوصل إلى حل وسط للخلاف القائم والاتفاق على شروط إنقاذ دائمة للمستقبل.
وانحسرت أخيرا الضغوط بعض الشيء عن دول في منطقة اليورو تعاني من عجز مرتفع بعدما تدخل البنك المركزي الأوروبي لشراء سندات حكومية بما قيمته 67 مليار يورو علما أن هذا الأمر ليس من مهامه، ما خفض قليلا فوائد الاقتراض لكل من اليونان وإرلندا والبرتغال وإسبانيا.
اسكندر الديك