اللبنانيون يدلون بأصواتهم في أول انتخابات بعد انفجار بيروت
١٥ مايو ٢٠٢٢فتحت مراكز الاقتراع صباح الأحد (15 مايو/ أيار 2021) في لبنان، في انتخابات يُتوقّع أن تُبقي الكفة مرجحة فيها لصالح القوى السياسية التقليدية التي يُحمّلها كثر مسؤولية الانهيار الاقتصادي المستمر في البلاد منذ أكثر من عامين.
وتشكّل الانتخابات أول اختبار حقيقي لمجموعات معارضة ووجوه شابة أفرزتها احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تشرين الأول/أكتوبر 2019 طالبت برحيل الطبقة السياسية.
وفُتحت صناديق الاقتراع، على الساعة السابعة حسب التوقيت المحلي (04,00 ت غ) أمام أكثر من 3,9 ملايين ناخب، أكثر من نصفهم نساء. وشهدت باحاتها زحمة لمندوبي ومتطوعي اللوائح المتنافسة، على وقع انتشار أمني.
وتراقب عملية التصويت بعثة من الاتحاد الأوروبي وكذلك بعثة عربية وأخرى عن منظمة الفرانكوفونية مسار العملية الانتخابية في لبنان.
قوائم المرشحين
وتوزع 718 مرشّحاً لـ 128 مقعدا برلمانيا، على 103 قوائم انتخابية متنافسة. وانخرطت 118 سيدة، في 64 قائمة انتخابية من بين القوائم الـ103. وبلغت نسبة المرشحات من الطوائف المسيحية 58% من إجمالي المرشحات مقابل 42% من الطوائف المسلمة.
يذكر أن غالبية المجلس المنتهية ولايته هي لحزب الله وحلفائه وأبرزهم التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري الذي يشغل منصبه منذ 1992.
في المقابل، يخوض عدد كبير من المرشحين الانتخابات تحت شعارات "سيادية" منددة بحزب الله الذي يأخذون عليه انقياده وراء إيران وتحكّمه بالبلاد نتيجة امتلاكه ترسانة عسكرية ضخمة، مطالبين بحصر السلاح بيد الجيش اللبناني. وبين المرشحين المعارضين من يحمل الشعارات نفسها.
سير التصويت
وتجرى هذه الانتخابات النيابية للمرة الثانية في تاريخ لبنان وفق القانون النسبي والصوت التفضيلي. ويتوزع الناخبون والناخبات البالغ عددهم 3 ملايين و 967 ألفا و507 على 15 دائرة انتخابية. وتستمر عملية الاقتراع حتى الساعة 7 من مساء اليوم (16,00 ت.غ.).
وكانت أولى مراحل الانتخابات النيابية قد أنجزت في السادس من أيار/مايو الحالي حيث اقترع اللبنانيون المقيمون في الدول التي تعتمد يوم الجمعة يوم عطلة، وكذلك المرحلة الثانية أنجزت في 8 من ذات الشهر، حيث اقترع اللبنانيون المقيمون في باقي الدول الأجنبية. واقترع اللبنانيون في 58 دولة في المرحلة الأولى والثانية.
الأولى بعد انفجار بيروت
هذا وتجرى عملية الاقتراع وسط حضور أمني، شاركت فيها قوى الجيش على الأراضي اللبنانية كافة لمؤازرة قوى الأمن الداخلي في حفظ أمن العملية الانتخابية وضمان سلامة إجرائها.
وتأتي الانتخابات في ظل أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة بدأت ملامحها في خريف عام 2019، رافقها حراك شعبي طالب بالمعالجة والتغيير وانتخابات مبكرة. كما أفرز هذا الحراك أكثر من 200 مجموعة بينها مجموعات حزبية، قرّر عدد منها خوض المعركة الانتخابية، لكنهم فشلوا في تنظيم أنغسهم تحت إطار سياسي موحد.
ويعاني لبنان من انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850. وبات أكثر من ثمانين في المائة من السكان تحت خط الفقر وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين في المائة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المائة.
كما تأتي هذه الانتخابات بعد نحو عامين على انفجار الرابع من آب/أغسطس 2020 الذي دمر جزءاً كبيراً من بيروت وأودى بأكثر من مائتي شخص وتسبّب بإصابة أكثر من 6500 آخرين. ونتج الانفجار، وفق تقارير أمنية وإعلامية، عن الإهمال وتخزين كميات ضخمة من مواد خطرة تدور تحقيقات حول مصدرها، من دون أي إجراءات وقاية.
فرص التغيير "ضئيلة"
وعلى الرغم من اعتقاد محللين بأن الغضب العام قد يساعد المرشحين ذوي التوجهات الإصلاحية على الفوز ببعض المقاعد فإن التوقعات بحدوث تغيير كبير ضئيلة في ظل النظام الطائفي في لبنان الذي يقسم مقاعد مجلس النواب بين 11 طائفة دينية ويميل لصالح الأحزاب القائمة، وقانون الانتخاب الذي أقر في عام 2017 مستندا على النظام النسبي واللوائح المقفلة قوّى من شوكة الأحزاب النافذة حسب المراقبين.
ويقول الباحث سام هيلر في تقرير نشرته مؤسسة سنتشوري للأبحاث إنه "من غير المحتمل أن تؤدي (الانتخابات) إلى تغيير جوهري في تكوين البرلمان أو في كيفية صنع السياسة في لبنان".
يأتي ذلك رغم النقمة الشعبية التي باتت واضحة وزادت من حدتها عرقلة المسؤولين التحقيق في انفجار بيروت بعد الادّعاء على نواب بينهم مرشحان حاليان.
غياب المكوّن السني
ويبقى العامل الأبرز في هذه الانتخابات، غياب المكوّن السني بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي أعلن مقاطعة الاستحقاق، بعدما احتل الواجهة السياسية سنوات طويلة إثر مقتل والده رفيق الحريري في 2005.
ويتوقع محللون أن يحتفظ حزب الله وحركة أمل بغالبية المقاعد المخصصة للطائفة الشيعية (27 مقعداً) إن لم يكن كلها، لكن لا يستبعدون أن يخسر حليفه المسيحي الأبرز، أي التيار الوطني الحر، عدداً من مقاعده بعدما حاز وحلفاؤه 21 مقعداً عام 2018.
وتحتدم المنافسة على الساحة المسيحية بين الخصمين التقليديين، حزب القوات اللبنانية المدعوم من السعودية بزعامة سمير جعجع، والتيار الوطني الحر.
و.ب/ م.س (أ ف ب، رويترز، د ب أ)