المعارك المحتدمة في شمال غرب سوريا تنذر بكارثة إنسانية
يواصل الجيش السوري تقدمه في شمال غرب البلاد، بعد سيطرته على حلب، وأسفرت المعارك في شمال غرب سوريا عن موجة نزوج كبيرة قاربت المليون نازح، حسب الأمم المتحدة، ما ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة سيما في ظل موجة برد قارس.
سيطر الجيش السوري على كامل المناطق المحيطة بمدينة حلب من الجهتين الغربية والشمالية، وتمكن بذلك من إبعاد هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) والفصائل المعارضة الأخرى عنها.
لم يبق سوى الركام في القرى المجاورة لحلب. الصورة لبلدة كفر حمرة في ريف حلب الشمالي الغربي.
رغم سيطرة القوات الحكومية على كامل مدينة حلب عام 2016 إثر معارك وحصار استمر أشهرا عدة للفصائل المعارضة في أحيائها الشرقية، بقيت المدينة هدفاً لقذائف هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل المعارضة الأخرى المنتشرة عند أطرافها والتي أودت بحياة مئات المدنيين.
لم تمر ساعات على إعلان استعادة الجيش السوري كافة المناطق بمدينة حلب حتى توجه سكانها الأصليين إلى مدينتهم التي غادروها قبل سنوات بسبب المعارك المحتدمة حينذاك وسيطرة الفصائل المعارضة على المدينة.
تحذيرات من الأمم المتحدة بأن حجم الأزمة الإنسانية أصبح يفوق طاقة وكالات الإغاثة مع فرار ما يقرب من مليون مدني، أغلبهم نساء وأطفال، هربا من المعارك في شمال غرب سوريا، متجهين صوب الحدود التركية في ظل أحوال جوية شتوية بالغة القسوة.
خلال أسابيع، سيطرت قوات النظام على مناطق واسعة، وتمكنت من تحقيق هدف طال انتظاره بسيطرتها على كامل الطريق الدولي "إم 5" الذي يصل مدينة حلب بدمشق، ويعبر مدناً رئيسية عدة من حماة وحمص وصولاً إلى الحدود الجنوبية مع الأردن.
حصيلة القتلى في محافظة إدلب منذ أول يناير/كانون الثاني الماضي بلغت 299 قتيلا، حوالي 93 في المائة من القتلى لقوا حتفهم على أيدي قوات الحكومة السورية وحلفائها، وذلك إستنمادا إلى تقارير الأمم المتحدة.
بقايا الحرب الدامية في سوريا. ألغام جمعتها القوات الحكومية من الطريق الدولي "إم 5".
بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فقد فرّ حوالي 43 ألف شخص خلال الأيام الأربعة الأخيرة فقط من غرب حلب. وتزداد معاناة النازحين مع انخفاض حاد في درجات الحرارة. ولجأ الجزء الأكبر منهم إلى مناطق مكتظة أساساً بالمخيمات قرب الحدود التركية في شمال إدلب، لم يجد كثر خيما تؤويهم أو حتى منازل للإيجار، واضطروا إلى البقاء في العراء.
منزل فخم يشرف على الطريق الدولي "إم 5" تحول في يوم ما إلى حلاقة. والآن أصبح نقطة تفتيش تحرسها آلية عسكرية تابعة للجيش التركي ورفع فوق المبنى العلم التركي أيضاً. وجهت أنقرة إنذارات عدة لدمشق، وهددت بضرب قواتها "في كل مكان" في حال كررت اعتداءاتها على القوات التركية.
"معركة تحرير ريف حلب وإدلب مستمرة بغض النظر عن بعض الفقاعات الصوتية الفارغة الآتية من الشمال"، هكذا يرى الرئيس السوري بشار الأسد ردا على التحذيرات التركية لقوات النظام بوقف تقدمها. في الصورة مؤيدون للأسد في احتفال لعودة القوات الحكومية.
القتال لم يتوقف..قوات النظام "تتقدم باتجاه جبل الشيخ بركات" الذي يطل على ما تبقى من مناطق تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام" والفصائل في غرب حلب، بحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن.
"المخيمات تضيق بالنازحين. الأمهات يشعلن البلاستيك لتدفئة أطفالهن ويموت رضع وأطفال من شدة البرد"، مشاهد عن أوضاع اللاجئين والنازحين كما يصفها مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكو، الذي قال إن العنف في شمال غرب سوريا لا يفرق "بين منشآت صحية أو سكنية أو مدارس وجوامع وأسواق"، معتبرا أن الحل الوحيد هو وقف اطلاق النار. إعداد: زمن البدري/(أ ف ب، رويترز)