المعاقون اللبنانيون يعززون نضالهم من أجل الاعتراف بحقوقهم
١٢ مايو ٢٠٠٩تركت لغة المدافع والرصاص التي عانى منها لبنان سنوات طويلة، أثرا واضحا ليس في قلوب اللبنانيين فحسب، وإنما على الأبنية وأرصفة الشوارع، حتى أنه بات من الصعب المشي على الطرقات والأرصفة، لاسيما بالنسبة لذوي المعاقين والاحتياجات الخاصة.
وأمام الوضعية الصعبة التي يعاني منها هؤلاء في لبنان، قررت سلفانا اللقيس مديرة اتحاد المعاقين اللبنانيين النضال من أجل حقوقهم، حتى يتسنى لهم الاندماج في المجتمع والحصول على العمل التعليم بشكل يليق وكرامة الإنسان.
جدول عمل سلفانا البالغة من العمر 47 عاماً مكتظ بالمواعيد. فهي تجري محادثات مع المسؤلين في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وتدير ورشات عمل مع ممثلين لبنانيين وممثلي منظمات دولية. أو تجتمع برؤساء البلديات من أجل مناقشة هندسة الأبنية الجديدة بشكل يتناسب مع احتياجات المعاقين.
تجلس سلفانا على كرسي متحرك في مكتب اتحاد المعاقين اللبنانيين، وهي تتشاور مع موظفيها حول النشاطات التي يخططون لها في المعركة الانتخابية . مشيرة إلى " أنهم ينظمون لقاءات مع المرشحين في هذه الانتخابات، يشرحون فيها معاناتهم ومطالبهم". موضحة "أنهم يأخذون الوعود الانتخابية مأخذ الجد ، ويطالبون بتنفيذها. وبالتالي فهم يتابعون الحملات لانتخابية باهتمام بالغ ، كما يتم خلال هذه اللقاءات تنبيه المسؤلين إلى الكلمات المسيئة في حق دوي الاحتياجات الخاصة كعبارة " إنك معاق " أو " كان هذا حوار طرشان".
النجاح استثناء بالنسبة للمعاقين اللبنانيين
كافحت سلفانا طيلة حياتها من أجل فرض إرادتها. كان عمرها سنة واحدة عندما أصيبت بشلل الأطفال ، وهي تلازم الكرسي المتحرك منذ ذلك الحين ، لكن هذا لم يشكل حاجزاً يحول دون انخراطها في خضم الحياة اليومية، وهكذا ذهبت إلى المدرسة، وأكملت دراستها العليا، وتولت بعد ذلك إدارة الإتحاد. ويعتبر نجاحها في حياتها العملية استثناء بالنسبة لدوي الاحتياجات الخاصة اللبنانيين. وهي تعزي سر هذا النجاح إلى الدعم الكبير التي حظيت به من قبل أبويها. حول ذلك تقول أنهما لعبا دورا مهما في حياتها، خصوصا والدتها التي دفعتها بشكل خاص إلى القيام بالعديد من النشاطات، وعندما تمكنت من اجتياز عدد كبير من العوائق، "توصلت إلى اليقين بأن الأمر لا يتعلق " بمسألة فردية، وإنما بمشكلة عامة". أما أكبر العوائق برأيها فتتمثل في النظام الطائفي، ففي لبنان لا يتوجه الناس إلى المؤسسات الرسمية عندما يحتاجون إلى شيء ، أو عندما يكون لديهم مطالب معينة، وإنما إلى ممثلي هذه الطائفة الدينية أو تلك. وبهذه الطريقة تقول سلفانا بأنه لا يمكن للبنانيين التوصل إلى طريقة لتنفيذ مطالب تتعلق بقضايا مجتمعهم.
قانون انتخابات يراعي احتياجات المعاقين
وتعايش سلفانا اللقيس يومياً من خلال عملها حالات تمنع فيها بعض الأسر أبناءها المعاقين من المشاركة في الحياة العامة. ما أدى إلى انتشار الأمية على نطاق واسع في صفوفهم، مع أن عددهم يُقدر بأربعمائة ألف شخص ، فحتى اليوم لا يستطيع حوالي نصفهم لا القراءة ولا الكتابة ، ولا يمارس سوى 17 في المائة منهم أعمالاً بشكل منتظم. وتترك الدولة اللبنانية أمر العناية بهم لمنظمات خيرية. وهكذا فإن الذي يحصل عليه ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان لا يتعدى مشاعر الشفقة. لهذا لا تنفك سلفانا عن النضال من أجل حقوقهم كالحق في التعلم، والحق في العمل، والحق في تجهيز الأرصفة بشكل يساعدهم على التنقل. وقد تم تحقيق بعض الخطوات المتقدمة في هذا الاتجاه. فللمرة الأولى في تاريخ لبنان ينص قانون الانتخاب على تنظيم المراكز الانتخابية بشكل يتناسب مع حاجات دوي الاحتياجات الخاصة. ما اعتبرته سلفانا اللقيس "من أكبر النجاحات التي حققها الإتحاد بعد نضال طويل يهدف إدماج دوي الاحتياجات الخاصة بشكل كامل في المجتمع. وأضافت سلفانا: "أن هذا القانون حتى وإن لم يطبق بعد، يعد خطوة نحو المصادقة على الاتفاقية الدولية بشأن دوي الاحتياجات الخاصة"
أنشطة سياسية فاعلة
ويعتبر اتحاد المعاقين من أكثر المنظمات اللبنانية غير الحكومية نشاطاً وشهرة ، ويعود الفضل في ذلك إلى النشاطات المثيرة العديدة التي تنظمها سلفانا والأعضاء الآخرون في الاتحاد، فهم يريدون الحصول على آذان صاغية لدى المسؤلين ، والتأثير على الناس والسياسيين.
لهذا ينظمون نشاطات مثيرة، مثلما فعلوا عندما نظموا في منتصف الثمانينات عند الخط الفاصل بين بيروت الشرقية والغربية مظاهرة مناهضة للحرب، وكذلك عندما ساهموا في إعادة بناء جزء من طريق شاطئ بيروت بشكل يراعي حاجات المعاقين.
وفي الثامن من أيار/ مايو من عام 2008 انتشرت صور سلفانا والمكافحين معها في شتى أنحاء العالم. في ذلك اليوم تظاهر فوق اوتوستراد المطار عشرات المقعدين فوق الكراسي المتحركة ، رافعين لافتات مكتوب فوقها عبارات تطالب السياسيين اللبنانيين بإنهاء الأوضاع الشبيهة بالحرب الأهلية ، وبالتصالح في مؤتمر الدوحة، الذي جمع بين الفرقاء اللبنانيين.
الكاتبة: منى النجار/ منى صالح
تحرير: ابراهيم محمد