المغرب يصعد لهجته ضد إسبانيا واتصال بين الملكين للتهدئة
١١ أغسطس ٢٠١٠كشف القصر الملكي الإسباني أن الملك خوان كارلوس اتصل اليوم الأربعاء (11.8.2010) بالعاهل المغربي الملك محمد السادس لإزالة التوتر الذي شاب العلاقات بين البلدين على خلفية اتهامات مغربية لمدريد بـ "إساءة معاملة مهاجرين مغاربة وأفارقة" في مليلية. ولا تزال هذه القضية تتصدر اهتمامات الصحف المحلية المغربية كما أصدرت وزارة الخارجية المغربية، خلال أقل من شهر، أربعة بيانات تندد فيها "بالتصرفات اللاإنسانية" للشرطة الإسبانية، متهمة إياها بالاعتداء على مواطنين مغاربة خلال عبورهم إلى مدينة مليلية التي تعتبرها المغرب "محتلة".
كما وصفت الخارجية المغربية نهاية الأسبوع الماضي تصرفات الحرس المدني الإسباني بـ"العنصرية" متهمة إياه "بالتخلي عن ثمانية مهاجرين أفارقة" كانوا يريدون العبور إلى السواحل الإسبانية انطلاقا من المغرب وهم "في حالة صحية حرجة للغاية"، وفق السلطات المغربية.
ولم تقتصر الاحتجاجات على وزارة الخارجية، بل امتدت لتشمل عددا من الجمعيات المغربية، التي دعت إلى "تجميد المعاملات التجارية مع مدينتي سبتة ومليلية"، وفق ما أوردته صحيفة "دير شتاندارت" النمساوية على موقعها الالكتروني اليوم. وأورد المصدر نفسه أن أعضاء بعض الجمعيات المدنية المغربية قد أغلقوا الثلاثاء نقاط العبور الحدودية المؤدية إلى المدينتين.
كما خرج عدد من المغاربة في مظاهرة احتجاجية أمام السفارة الإسبانية في الرباط. ويبدو أن الموقف الرسمي لقي استحسانا من قبل البعض في المغرب، على غرار عبد الكريم بالغندوز، الباحث المغربي في شؤون الهجرة والجالية المغربية في الخارج. إذ يقول بالغندور في حوار مع دويتشه فيله "إن احتجاجات الحكومة المغربية والمجتمع المدني المغربي مشروعة ومسألة عادية"، لافتا إلى أن الشرطة الإسبانية قد "مست كرامة مواطنين مغاربة"، مشددا على أن ذلك "أمر غير مقبول".
إسبانيا تؤكد نفيها للاتهامات الموجهة إليها من المغرب
من جهتها، أكدت إسبانيا رفضها الاتهامات الموجهة إلى سلطاتها الأمنية "بالعنصرية" و"بالمعاملة المهينة". وجاء في بيان أصدرته وزارة الخارجية الإسبانية، على موقعها الالكتروني مطلع هذا الشهر، ردا على البيان التنديدي المغربي أن "الحادث، الذي وقع في نقطة العبور الحدودية التابعة لمدينة مليلية، وحسب المعلومات المتوفرة، لا يتوافق مع محتوى البيان" المغربي. وأضافت الخارجية الإسبانية أن "بعثة عن الحكومة في مليلية تحاول معرفة الأحداث"، لافتة إلى أنها "ستعلن عنها حالما حصلت على معلومات كاملة وذات مصداقية".
وذكرت الخارجية الإسبانية على أن "أكثر من مليوني شخص سنويا يعبرون الحدود بين إسبانيا والمغرب في ظروف تتطور كل مرة من سهل إلى أسهل"، مشددة على أن "اختزال الحوادث من منظور أحادي لا يتوافق مع مفهوم الشراكة التي تربط بين البلدين ولا يساهم في تحسين الظروف كي تخدم مصلحة الجميع."
وفيما أوردت صحف مغربية اليوم أن مدريد قد أكدت أمس على أنها "مستعدة لتقديم توضيحات" للحكومة المغربية بشأن الموضوع، قالت الخارجية المغربية على موقعها الالكتروني بتاريخ أمس إن"المملكة المغربية تعرب عن استغرابها الشديد لعدم صدور أي رد رسمي حتى الآن عن السلطات الإسبانية" بشأن ما تصفه "بحالات انزلاق عنصري ضد مغاربة وأفارقة" في نقطة العبور لمدينة مليلية.
وشددت الخارجية المغربية على أن الرباط "تدعو الجارة إسبانيا إلى تقديم إجابات دقيقة حول مختلف هذه الوقائع، في إطار حوار واضح وصريح، على المستوى الملائم"، مشددة على أنه "لا يمكن تجاهل" هذه الحالات. وهو ما وافق عليه بالغندور الذي تساءل لدويتشه فيله قائلا "إذا تعرض مواطن أوروبي إلى نفس المعاملة فهل ستقف دولته مكتوفة اليدين؟ طبعا لا".
يشار إلى أن مراقبين أوروبيين يعتقدون بأن تصعيد الرباط للهجتها إزاء إسبانيا له دوافع "جيو-سياسية" تتعلق بوضع سبتة ومليلية. إذ ترى صحيفة "دير شتاندارت" النمساوية، أن الهدف من وراء "هذه الحملات الإعلامية" و"البيانات التنديدية" المغربية إنما هو "إثارة موضوع مدينتي سبتة ومليلية"، المتنازع عليهما واللتين تعتبرهما المغرب جزءا من أراضيه.
شمس العياري
مراجعة: أحمد حسو