المغنية روبي وأختها في فيلم جديد لخالد الحجر
٦ أكتوبر ٢٠١٠زار خالد الحجر مدينة كولونيا مؤخرا حيث تم عرض سبعة من أفلامه في مهرجان الفيلم الإفريقي. وكان من بين هذه الأفلام فيلم "قبلات مسروقة" الذي لقي استحسان الجمهور الألماني. ففي النقاش الذي تلا العرض توقف الجمهور طويلا عند قضايا الشباب المصري التي تناولها الفيلم وخاصة قضية البطالة والمستقبل الغامض الذي ينتظر العديد من طلبة الجامعات المصرية. أما الـ 105 قبلات التي شغلت النقاد والرأي العام العربي فلم يعرها الجمهور الألماني اهتماما، بل انصب اهتمامه على قضايا الشباب التي تناولها الفيلم بجرأة.
دويتشه فيله التقت المخرج خالد الحجر على هامش مهرجان الأفلام الإفريقية.
دويتشه فيله: ما هي مشاريعك السينمائية الجديدة؟
خالد الحجر: أنا انتهيت من فيلم الشوق، وهو إنتاج مصري فرنسي ومن بطولة سوسن بدر والمغنية روبي وأختها مريهان وأحمد عزمي ووجوه جديدة. وأقوم الآن بالتحضير لمسلسل تنتجه بي بي سي العربية في مصر، وتدور أحداثه في حي شبرا، وهو يتكلم عن الشباب في ذلك الحي والعلاقة بين المسيحيين والمسلمين في شبرا. وهناك فيلم جديد اسمه "يوم واحد للستات" وهو من إنتاج ممدوح الليثي من جهاز السينما، وهو الذي أنتج لي فيلميْ "حب البنات" و " قبلات مسروقة".
ما هو موضوع فيلم يوم واحد للستات؟
موضوعه عن حمام بلدي للسباحة، يتم افتتاح حمام سباحة للستات "السيدات" في مركز رياضة في يوم واحد في الأسبوع فقط، فيحدث صراع بين السيدات والرجال في هذا الحي البلدي، والفيلم يتناول حرية المرأة.
وبأي شكل تتناول حرية المرأة في الفيلم؟
السيناريو قاتم قليلا، لكن أنا أريد عمله بشكل فكاهي عشان الناس تستوعبه أكثر.
كتبت السيناريو امرأة وهو مكتوب من وجهة نظر نسائية، وهو قاس قليلا على الرجال، لكن أنا أحاول أن أخلق تناسقا في الموضوع بحيث لا يبدو الرجال ولا السيدات "وحشين".
فيلم الشوق، تمثل فيه المغنية المشهورة روبي ، فما هو الدور الذي تلعبه؟ هل تغني في الفيلم وهل دورها هو دور البنت "الدلوعة"؟
الفيلم خال من الغناء وخال من المشاهد الجنسية لروبي، باستثناء مشهد واحد، فهي تلعب دور بنت من حي فقير في الإسكندرية مع أختها، وهما تحاولان الزواج والعيش حياة طبيعية. أمهما، وهذا الدور قامت به سوسن بدر وأبدعت فيه، فقدت ابنها وتحاول حمايتهما وترتكب بعض الأخطاء في تربيتهما، وتتصرف كالمثل القائل "الدب يقتل صاحبه"، فهي من كثرة سيطرتها عليهما وعلى الحي، ، تصبحان كالقنبلة التي تنفجر فيها وفي نفسيهما. يحصل رد فعل عنيف في الفيلم.
والفيلم ليس قاتما حقا لكن فيه عنف داخلي. وهو يظهر الحالة التي وصلها الناس إليها في مصر اليوم ويظهر الفقر الشديد الذي قد يدفع بالبعض لأن يبيع نفسه كي يعيش. وأحسن ما أعجبني في السيناريو الذي كتبه سيد رجب، أنه يقدم صورة عن مصر من خلال قصة عادية جدا. لكن أنا رأيت في هذه القصة السلطة وما يحصل للشعب وللبلد كله. وسوسن بدر ترمز في الفيلم إلى البلد.
وإلى ماذا ترمز روبي وأختها اللتان تقومان بدور ابنتي سوسن بدر؟
هما جزء من الشعب، أو الشعب الذي لا يحب بلده لدرجة أنه يدمرها، هذا ما ترمزان إليه.
كاتب السيناريو سيّد رجب، مسرحي مشهور وله باع طويلة في المسرح المصري، فإلى أي مدى أثرت خلفيته المسرحية على الحوار ومشاهد الفيلم؟
الجميل في كتابة سيّد رجب أنه كتب بطريقة الحكاية، فسّيد رجب حكواتي، يحكي حكاياته خارج مصر أيضا عن قصص قديمة، فكتب السيناريو على شكل حكاية، وهذا ما جذبني إلى السيناريو، فيه حكاية عادية جدا، لكن فيها طبقات من كل ما نحس به في مصر. وحين قرأت القصة أعجبتني وطلبت منه أن يكتبها سيناريو، فاتصلت به وقلت له إنني أريد إخراج هذا الفيلم وإنتاجه. وفعلا كنت منتج الفيلم لفترة وتم اختياره من عدة مهرجانات وصناديق لدعم الأفلام وقدموا لنا الدعم في مهرجاني كان ومراكش وغيرهما، وشاركنا في ورشات للبحث عن تمويل. ثم قدمت طلبا لفوند سود " صندوق الجنوب" في فرنسا وحصلنا على التمويل. ثم اتصلت بالمنتج اللبناني الكبير محمد ياسين الذي يعمل في مصر، فعرضت عليه المشروع فأحبه ودخل كمنتج مع فرنسا.
من قام بتصوير الفيلم؟
كنت أود التعاون مع مدير تصوير عشت معه وتعلمت منه الكثير في انجلترا واسمه نيستور كالفو، وقد كان مدير التصوير في مشروع تخرجي وثلاثة أفلام قصيرة لي ، وقد حضر معنا إلى ورشة مراكش. وجاء إلى مصر قبل بدء التصوير بشهرين حيث قمنا بتقطيع المشاهد. وكنت أرغب بتصوير كل مشهد بلقطة واحدة دون تقطيع كثير وقد وافقني على ذلك، وأمضينا وقتا كثيرا ونحن نرسم على الورق حركة الكاميرا. وأنا أحب تصويره جدا فهو موهوب وحساس إضافة إلى كوننا أصدقاء يوجد بيننا ألفة، وهذه العلاقة أثرت على نوعية الصورة لأننا كنا نتحدث عن كل لقطة والإحساس الذي تتضمنه هذه اللقطة، لذلك كان نيستور أحد العناصر الهامة في خروج الفيلم بالشكل الذي كنت أريده.
لو رجعنا إلى روبي وأختها مريهان، المشهور عنك في السينما المصرية، أنك مكتشف للوجوه الجديدة، فمن هي مريهان وما رأيك بالدور الذي مثلته وقدرتها على التمثيل؟
هي عملت دور "كويّس" جدا كأول تمثيل لها، وكما أنت قلت، نا أحاول تقديم وجه جديد، وأنا لا أخاف من ذلك بل على العكس أشعر أنه يساعد على رفد السينما المصرية والعربية بوجوه جديدة. يعني مثلا في فيلم "حب البنات" قدمت هنا شيحا ثم أروى فيي فيلم "مافيش غير كده" مع نبيلة عبيد، ثم فرح يوسف ودعاء طعيمة ويسرى اللوزي في "قبلات مسروقة" وحاليا مريهان. وأما بالنسبة للممثلين فأنا من المخرجين الذين شجعوا أحمد عزمي للعودة إلى التمثيل.
أنا أحب إدخال دم جديد إلى السينما، وعندي "حتة" تعلمتها من أستاذي يوسف شاهين وهي عدم الخوف من اكتشاف أناس وتقديم ممثلين جددا، لأن هذا هو ما سيبقى في النهاية. فحين يقال بأن خالد الحجر قدم إلى السينما عشرة وجوه جديدة مثلا، فهذا "كويس" بالنسبة لي، وفي الوقت نفسه لا تدع الممثلين الموجودين أصلا يكتسحون الساحة، وأنا كمخرج بإمكاني أن أجعل كل ممثل قادر على التمثيل وبأداء جيد.
متى سيعرض فيلم الشوق وفي أي المهرجانات سيتم عرضه؟
نحن نحاول الانتهاء منه قبل موعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في كانون الأول ديسمبر وفي نفس الوقت أحاول تقديمه إلى مهرجانات دولية مثل برلين وكان.
فيلم الشوق فيه "جرعة جامدة" للجمهور، قد يصفه البعض بأنه فيلم قاتم، لكن إحساسي أن هذا هو الوقت المناسب لأن أخرج هذا الفيلم.
هل يصدم الفيلم الجمهور؟
بشكل كبير، وأنا أرى أننا محتاجون إلى هذه الصدمة في السينما المصرية وأنا أيضا كخالد الحجر أحتاجها، ففي هذا الفيلم أعود إلى احتياجاتي أنا وإلى احتياجات المجتمع الآن.
قيل عن فيلمك الأخير قبلات مسروقة، بأنه لم ينجح عند النقاد ولكنه نجح في دور السينما، ما تعليقك على هذا؟
قبلات مسروقة نجح جماهيريا وخصوصا عند الشباب تحت سن الثلاثين، أما النقاد فلا أعرف، ربما كانوا خائفين منه وأحسوا بأن المواضيع التي تناولها سبق وأن تم تناولها في أفلام سابقة، في حين أن وجهة نظري هي ضرورة الحديث عن هذه المواضيع في كل جيل، لأننا لا نستطيع القول بأن هذا الموضوع قد تم تناوله في الأربعينات، بسبب وجود جيل جديد لا يعرف ذلك، فالشاب الذي عمره اليوم عشرون عاما يحتاج لأن تكلمه بلغته كي يفهم. مثلا نحن نتكلم في الفيلم عن البطالة وهي موجودة "على طول".
أنا وجدت تعسفا فيما قاله بعض النقاد، ربما لعدم فهمهم للموضوع الذي قصدت تناوله بالشكل الذي أحس به الجمهور. أنا أردت عمل فيلم تجاري فيه قيمة فنية معينة لجمهور تحت سن العشرين. معظم النقاد ليسوا تحت العشرين، لكن كل الشباب الذين شاهدوه أعجبوا به. والفيلم من أكثر الأفلام التي عادت بدخل كبير على جهاز السينما الذي أنتجه. ومهم بالنسبة لي أن أطرح قضية مهمة كقضية البطالة والقضايا الأخرى المطروحة في الفيلم، وأن يستقبلها الشباب ويستوعبها ويحسون أنني أتكلم عنهم. وهذا أهم بالنسبة لي من أن يكتب ناقدان أو ثلاثة نقاد مقالات جيدة في الصحف ويفشل الفيلم جماهيريا، لأن السينما في نهاية المطاف هي صناعة، وعلى الصناعة أن تحقق أرباحا.
ما هي توقعاتك لفيلم الشوق؟ هل ستثأر في فيلم الشوق لما كتبه النقاد عن فيلم قبلات مسروقة وتريهم بأنك مخرج وقادر على أن تعمل سينما؟
حتى لا يبدو الأمر وكأنني أتكلم عن النقاد بطريقة "وحشة"، أنا لا أهتم بما يقوله النقاد، لأن الناقد يعمل على عملي. أنا أشتغل على شيء أصلي وأما هو فيعمل على عملي أنا، فأنا أقوى من الناقد. الفيلم يبقى أما المقالات فتزول، هي تكتب وتنسى بعد أسبوع. وما أتمناه هو أن يعجب فيلم الشوق النقاد والجمهور مثل فيلم "حب البنات".
المهم عندي أن يترك فيلمي أثرا عند الجمهور، وهو ما تفعله أفلامي دوما.
هل تريد إيصال رسالة إلى الجمهور؟
كل فيلم من أفلامي يجب أن يكون فيه متعة وأن يقول "حاجة". أحيانا تكون الرسالة خفيفة وأحيانا ثقيلة، لكن في النهاية لا أريد أن أتقوقع وأتسمّر في مكان معين. أنا أحاول دخول كل تجربة على أنها تجربة جديدة وأكتشف شيء جديد وأكتشف نفسي كمخرج، وهذا أمر هام لأنني لا أريد أن أصبح "اسطمبة" ولازم الناس تصدق هذه "الاسطمبة". أنا أتغير مع كل فيلم.
هل يعني قولك أن الفنان السينمائي يتغير وأن هناك مراحل في فنه مثل بيكاسو؟
أكيد لأنك لا تستطيع أن تتجمد وتبقى واقفا في مكانك، فأنت تتأثر بما يحصل حواليك، وعليك معرفة ما يريده الجمهور ومن هو الجمهور. مثلا أنا لا أستطيع عمل أفلام لمن هم فوق سن الخمسين وأنا أعرف أنهم لا يدخلون السينما أصلا. يجب أن تكون مرنا وأن تتكلم في كل فيلم بطريقة معينة. وهناك أفلام تعرف أنها لك كفنان وهناك أفلام تكون مدركا كمخرج أنك تعملها للجمهور فقط. لكن يجب أن لا يغيب الإخلاص عن كل فيلم. فأنا لم "أسلق" فيلما حتى الآن، أي لم أعمل فيلما بسرعة حتى الآن، وكل فيلم يستغرق مني سنة أو سنة ونصف السنة حتى أخرجه. فأنا أعمل بنفس الروح الجدية في كل فيلم، سواء أكان فيلما جماهيريا أم فيلما فنيا.
أنت لا تخرج أفلاما سينمائية فقط وإنما فيديو كليب أيضا لمطربين مصريين وعالميين، هل يمكن أن تحدثنا عن هذه التجربة.
أنا تعلمت في معهد السينما في بريطانيا أن أكون مدربا وجاهزا لأن أشتغل في كل الظروف، فلو توقفت عن الإخراج السينمائي يجب أن أشتغل بالفيديو ولو توقف الفيديو يجب أن أشتغل سينما. لكن في الوقت نفسه تبقى أنت نفس الموهبة ونفس المخرج ونفس النوعية، وأنت تحاول فقط تغيير النوعية حسب الميديا التي تعمل فيها. وأنا لا أرى غلطا في هذا. الغلط بالنسبة لي هو أن تقولب نفسك وأن تبقى قالبا واحدا طيلة الوقت.
أنا لما أعمل فيديو كليب أتعلم كيف أعمل أغنية، وحين أعمل ميوزيكال أتعلم، وحين أخرج فيلم رقص فإنني أتعلم كيف أعمل فيلم رقص، وأنا أخرجت كل هذه الأنواع من الأفلام حتى أتعرف على قدراتي كمخرج.
أجرى الحوار: عبد الرحمن عثمان
مراجعة: حسن زنيند
خالد الحجر مخرج سينمائي مصري اشتغل مع يوسف شاهين ودرس فن الإخراج في بريطانيا. له عدة أفلام قصيرة وطويلة منها: أحلام صغيرة، إنت عمري، غرفة للإيجار، حب البنات، ما فيش غير كده، قبلات مسروقة. إضافة إلى عدد من أفلام الفيديو كليب لمحمد منير وهاني شاكر وغيرهما.