المكتبة الرقمية الألمانية... مشروع رائد لرقمنة المحتوى الثقافي الألماني
٢٢ ديسمبر ٢٠٠٩لدى تعريفه في برلين بمشروع رقمنة التراث الثقافي الألماني، قال وزير الثقافة الألماني بيرند نويمان بأن هذا المشروع يعد "مشروع القرن الحادي والعشرين وقفزة نوعية في عالم المعلومات الرقمية". إن هذا المشروع يعني إنشاء مكتبة رقمية ألمانية، والربط عبر شبكة الإنترنت بين أكثر من ثلاثين ألف بنك للمعلومات حول المحتوى الثقافي والعلمي، وإتاحتها للمتصفحين عبر موقع معين في الشبكة العنكبوتية. وأكد نويمان في هذا السياق أن ذلك سيكون "بشكل دائم، ودون أي أهداف تجارية".
مراعاة حقوق النشر والملكية الفكرية
وقبل مدة قصيرة وفي إطار انتقادها لشركة غوغل أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تأييدها لحماية حقوق المؤلفين والناشرين بشكل أكبر؛ فما هو مدى الحماية التي سيقدمها هذا المشروع الألماني الكبير لحقوق النشر والملكية الفكرية؟ في إجابة على ذلك أكد وزير الثقافة الألماني أن حقوق المؤلفين والناشرين، وكذلك حقوق الإنتاج ستظل "محمية بالطبع بشكل كامل". وأضاف أنه في المكتبة الرقمية الألمانية، وعلى العكس مما يحدث في شركة غوغل، لن يتم التعامل مع أي منتج ثقافي إلا بعد الاتصال بأصحاب الحقوق فيه.
تنقيب معلوماتي بشكل أكثر سهولة
إن فكرة رقمنة الثروات الثقافية وأرشفتها بذلك ليست جديدة. بيد أنه إلى الآن لا يوجد أي موقع مركزي يمكن عبره طلب محتويات هذه الثروات، كما تقول أوته شفينس، مديرة المكتبة الوطنية الألمانية في فرانكفورت/ ماين، ورئيسة فريق المتخصصين المشرفين على مشروع المكتبة الرقمية الألمانية.
وتضيف أوته شفينس أن فكرة المكتبة الرقمية تعني أن بإمكان المرء مستقبلا التنقيب عن المحتويات الخاصة بأي موضوع بشكل مركزي وشامل لكل الوسائط، فتحت اسم الموسيقي "يوهان سيباستيان باخ"، على سبيل المثال، لا يحصل المتصفح لموقع المكتبة على نصوص حوله فحسب، وإنما أيضا على نوتاته ومؤلفاته الموسيقية وكذلك صوره. وترى أوته شفينس أن تنوع الوسائط هذا هو الذي جعل من الفكرة "مشروع القرن".
بهذا المشروع تساهم ألمانيا بنصيبها في البنك الأوروبي للمعلومات الثقافية "يوروبيانا"، الذي يوجد منذ حوالي عام على شبكة الإنترنت. وقد اتفقت مؤخرا دول الاتحاد الأوروبي على توسيع قاعدة بيانات هذا البنك. وفي هذا الشأن تقول أوتي شفينس بأن دولا كثيرة من دول الاتحاد الأوروبي مهتمة حاليا بهذا الأمر، ومن بينها فرنسا وهولندا وبولندا وتشيكيا.
صعوبات تقنية
بيد أن أكبر تحد يواجه مشروع المكتبة الرقمية الألمانية يتمثل حسب رأي رئيسة الفريق المختص به، أوته شفينس، في "كمية المعلومات المتعددة والمتغايرة". إذ إن التعامل المباشر مع أي نص أو أي نوتة موسيقية أو أي مادة مغاير للتنقيب عن ذلك في المكتبة الرقمية؛ فالبيانات التي تتناول كلا من هذه الأشياء مختلفة جدا، ولهذا فإنه ليس من السهل من الناحية التقنية الربط بين هذه البيانات بشكل يمكن من الحصول على نتائج معقولة للبحث.
وتؤكد أوته شفينس أن مشروع المكتبة الرقمية الألمانية يُعنى بالاتصال بأصحاب النتاج الثقافي بشأن استخدام أي من أشكاله، الأمر الذي لا يحدث في شركة غوغل، التي تحاول الحصول على تصريح إجمالي لرقمنة المحتويات في الولايات المتحدة الأمريكية ووضعها تحت الطلب، وتعلن استعدادها لدفع ثمن إجمالي مقابل هذه الرقمنة، إذا طلب منها ذلك. وتضيف أوته شفينس أن "هذا ليس مفهوم ألمانيا وأوروبا لحقوق أصحاب النتاج الثقافي".
الكاتب: بيترا لامبيك / محمد الحشاش
مراجعة: طارق أنكاي