"النظام السوري ألغى الحلول السياسية وسيعود للمواجهة مع الشعب"
١٣ أبريل ٢٠١٢بعد شد وجذب وجولات مكوكية قام بها كوفي عنان، المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية، التقى فيها مع قادة معظم الدول المؤثرة في المنطقة، وكذلك مع حلفاء النظام السوري، أعلنت دمشق موافقتها على إيقاف إطلاق النار، بدءا من صباح أمس الخميس (12 أبريل/ نيسان 2012). ورغم أن المبعوث الأممي قد أبلغ، الخميس، مجلس الأمن أن سوريا لم تلتزم بالكامل بشروط خطته للسلام وحث المجلس على مطالبة دمشق بسحب قواتها وأسلحتها الثقيلة من المناطق السكنية، إلا أن هذه الهدنة قد ساهمت في التخفيف من أعداد القتلى اللذين سقطوا بعد بدء سريانها.
المندوب السوري لدى مجلس الأمن، بشار الجعفري، ما برح يؤكد التزام الحكومة السورية بضبط النفس وبأنها تسعى بقوة لإنجاح مهمة عنان. ولكن المعارضة السورية تبدو غير متفائلة باستمرار الهدنة، وفق ما يؤكد المعارض السوري بكر صدقي، في حديث مع DWعربية، فهو يرى بأن قيادة النظام السوري "لن تستطيع الصمود، وليس لديها حل سوى المواجهة مع الشعب، لأن (الرئيس السوري بشار الأسد) ألغى الحلول السياسية نهائيا". ويرى صدقي بأنه كلما لوح المجتمع الدولي بالعصا بشكل جيد، فإن الرئيس السوري "سوف يبحث عن سبل الخلاص الفردي له ولأسرته، وسوف يهرب ويترك وراءه آلاف الشبيحة وأجهزة الأمن لمصيرها". فالأمر الوحيد الذي ينقص هو مجرد "تلويح جدي باستخدام القوة، وليس استخدامها فعلا".
الهدنة إيجابية بجميع المقاييس
ويدرك كوفي عنان بأن الوضع ليس مثاليا في سوريا، وأن هناك الكثير من العمل يجب القيام به لتطبيق كافة بنود الخطة، كما صرح المتحدث باسمه، أحمد فوزي، فهناك "معتقلون يجب الإفراج عنهم وممرات إنسانية يجب فتحها"، مذكرا بأن أكثر من مليون شخص في حاجة إلى مساعدات غذائية في سوريا بحسب الأمم المتحدة.
وهذا ما أكدته وزيرة الخارجية الأمريكية، على هامش قمة "مجموعة الثماني"، عندما صرحت بأن وزراء خارجية "مجموعة الثماني" يرحبون بتقرير الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان بأن العنف في سوريا تراجع، لكن هذه الخطوة مجرد عنصر واحد في خطة عنان. وقالت إن على دمشق أن تنفذ بقية الالتزامات ومن بينها الانسحاب بقواتها ودباباتها من المدن والسماح بدخول المساعدات الإنسانية.
ورغم كل ذلك فإن الكاتب السوري المعارض بكر صدقي يرى بأن هذا "التطبيق الجزئي" لمبادرة عنان، يعد إيجابيا بحد ذاته، لأن "المجتمع الدولي استطاع لأول مرة التأثير على النظام وإجباره على فعل شيء، وهذا الأمر انعكس إيجابيا على انتشار المظاهرات اليوم (الجمعة) في جميع أنحاء سوريا". ويرى صدقي بأنه كلما أرغمه المجتمع الدولي بمزيد من هذه الإجراءات كلما ستنتشر الثورة أكثر وتتوسع ويقترب سقوط النظام أكثر.
ولكن البعض يرى بأن وقف إطلاق النار قد لا يستمر طويلا، إن لم تكن هناك مراقبة دولية حقيقية لتطبيقه. إلا أن المؤشرات الحالية تبدو غير مشجعة في هذا الإطار، فكل ما تشير إليه التصريحات هو إرسال 30 مراقبا غير مسلح إلى سوريا، وأقصى رقم تم ذكره حتى الآن، جاء على لسان أحمد فوزي، المتحدث باسم عنان، وهو 250 مراقبا، في وقت لاحق.
"سوريا أصبحت ساحة للتدخل الخارجي"
بكر صدقي يسخر من عدد المراقبين القليل، ويرى بأن "مدينة دمشق لوحدها تحتاج إلى ما بين ألفين وثلاثة آلاف مراقب، على الأقل، وهكذا مع بقية المدن". ويتهم صدقي المجتمع الدولي بعدم الجدية بالتعامل مع الملف السوري: "إن اكتفوا بثلاثين مراقب، فهذا يعني أن المجتمع الدولي غير جاد في دعم خطة عنان. ومن يريد أن يدعم خطة عنان، فعليه إرسال عدد كاف من المراقبين، للتأكد من تطبيق الخطة".
ويرى صدقي بأنه إذا فشل المجتمع الدولي في إجبار النظام السوري على تنفيذ بنود الخطة، فإن هذا يعني عودة الأمور إلى الانفجار مجددا، ولكن هذه المرة ستتحول الأمور إلى "فتنة داخلية سورية"، لأن هناك دولاتدعم النظام بالسلاح والمال، كما أن هناك دولابدأت تتحدث عن دعم المعارضة بالسلاح. والحل، وفق وجهة نظر صدقي، هو "بفرض مناطق عازلة وحظر جوي. وبدون تدخل دولي فاعل، فإن دعم المعارضة بالسلاح سيؤدي إلى خلق فتنة داخلية في سورية، لأن السلاح سينتشر بشكل عشوائي بيد السوريين ... فالساحة السورية أصبحت مفتوحة للتدخل الإقليمي والدولي. وهذا شيء غير إيجابي طبعا".
ويكرر الناشطون السوريون باستمرار بأن الدول الغربية غير جادة في مساعدة الشعب السوري، ويقول صدقي بأنه "من الواضح أن الدول الغربية الرئيسية ليس لديها دوافع حقيقية لإسقاط النظام. والكل ينتظر سقوط النظام لوحده بشكل تلقائي. فهم يريدون لسوريا أن تنهك، باستمرار النظام لوقت أطول، إلى أن يصبح التدخل مريحا لهم". ويرى صدقي "بأن الفيتو الصيني الروسي يريح الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا".
ولكن الكاتب السوري يراهن على المتظاهرين السوريين وإرادتهم القوية، وعندها لن يستطيع النظام سوى أن يستخدم السلاح وسيسفك مزيد من الدماء، مما يرغم المجتمع الدولي على التدخل.
فلاح آل ياس
مراجعة: عبده جميل المخلافي