سياسة الإمارات في المنطقة: الهجوم خير وسيلة للدفاع!
١٣ أغسطس ٢٠١٥من يتابع سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الأعوام الماضية سيلاحظ تغيرا طرأ عليها في الفترة التي تلت انطلاقة ما بات يعرف بالـ"ربيع العربي". فالإمارات، التي كانت تراهن دائما على الحلول الدبلوماسية لمشاكل المنطقة ولم تتدخل يوما عسكريا في بلد عربي منذ إنشائها عام 1971، أرسلت طائراتها المقاتلة لضرب تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بـ "داعش في سوريا ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.
وقبل عام، أي في آب / أغسطس 2014، شنت طائراتها هجوما مع طائرات مصرية على مواقع لمليشيات إسلامية في العاصمة الليبية طرابلس الليبية، وذلك حسب تقرير لوزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون). والإمارات شاركت في التحالف العربي الذي تقوده السعودية. هذا التحالف الذي أطلق عملية "عاصفة الحزم" (تغير اسمها فيما وصار "إعادة الأمل) ضد الحوثيين وحليفهم الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.
ودولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعتبر واحة للاستقرار في منطقة عاصفة، حلت في المرتبة الرابعة عالميا، من حيث الإنفاق على التسلح بما قيمته 22.8 مليار دولار في عام 2014، وذلك حسب تقرير لمعهد ستوكهولم لبحوث السلام الدولي. فلماذا تشتري الإمارات السلاح وهل يمكن تصور سياسة هجومية للإمارات؟
يوعز البعض التغير في سياسة الإمارات، إلى التغير العام الذي طرأ على المنطقة. فالإمارات ورغم التطور الذي تشهده منذ سنين، وخلقها لفرص عمل عالمية في مدنها الكبيرة مثل دبي وأبو ظبي غير أنها ليست في معزل عما يجري في المنطقة. "الإمارات تعيش في منطقة صعبة جدا. هناك عنف، هناك فائض من العنف وهناك دول بدأت تنهار وحكومات عاجزة عن إدارة مجتمعاتها وهناك جماعات إرهابية. هناك غابة مليئة من الجماعات الإرهابية". يقول الدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات. وأبو ظبي تخشى من انتقال جزء من "فائض العنف والبراكين النشطة إليها". حسب قوله في لقاء مع DWعربية.
دفاع أم هجوم!؟
ويرى الخبراء العسكريون في اشتراك الإمارات ضمن ما يعرف بالتحالف العربي في حرب اليمن هو التزام بأمن دول الخليج العربية ضمن مجلس التعاون الخليجي. ومن لبنان أوضح المحلل العسكري العميد الركن سليم أبو إسماعيل، من مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري أن الإمارات لم تتحول من الدفاع إلى الهجوم في سياساتها بالمنطقة وأن "أي هجوم من قبلها على دولة هو اعتداء وهي لم تعتد، هي فقط في حالة دفاع عن النفس".
ويرى أبو إسماعيل أن مشاركتها في قصف مواقع "داعش" له ما يبرره إذ "نعلم كلنا أن داعش تشكل خطرا على المجتمعات بأكملها. إذا كانت العملية في إطار الحد من هجمات داعش فهذا يعتبر دفاعا عن النفس". أما بالنسبة لعملياتها ضمن التحالف العربي في حرب اليمن، فيشير المحلل العسكري إلى أن تقدم الحوثيين هناك شكل خطرا على أمن السعودية، والإمارات ملتزمة بأمن السعودية ضمن دول مجلس التعاون الخليجي.
ويتفق الدكتور عبد الخالق عبد الله مع الرأي السابق وينفي التصور الذي يقول إن للإمارات سياسات هجومية في المنطقة بعد الربيع العربي. ويصف الموقف الإماراتي الحالي بالقول :"الإمارات في حالة دفاع لا في حالة هجوم. في حالة دفاع استباقي ووقائي أكثر من حالة الدفاع ... الإمارات ليست في حالة هجوم". وأن الإمارات في حالة يقظة أمنية كبيرة، هي "واثقة من نجاحها لكنها يجب أن تبقى قلقة مما يجري في المنطقة".
"إيران جار صعب"
الطرف المقابل للخليج رقم صعب بالنسبة لدول الخليج عموما وللإمارات بالذات. والمقصود هنا إيران بالطبع، التي تتهمها الإمارات باحتلال ثلاث من جزرها. والعلاقة بين دول الخليج العربية وإيران تختلف من بلد إلى آخر. فالكويت تحافظ على علاقة دافئة مع الجار الكبير إيران، منذ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي. كما لا تخفى عُمان التاريخية بإيران. ومعروف أيضا أن مسقط لعبت وتلعب دور الوسيط بين إيران ودول الخليج وحتى بين إيران والغرب.
وفيما ترى السعودية في إيران خطرا داهما يهدد أمن الخليج، استفادت الإمارات، وبالذات دبي من العقوبات الاقتصادية على إيران منذ أكثر من عقد. فأصبحت محطة ترانزيت للبضائع المصدرة للجارة إيران. ورغم ذلك ترى الإمارات في إيران جارا صعبا. حسب وصف الدكتور عبد الخالق عبد الله "إيران لا يمكن وصفها بالعدو. بل هي جار لكل دول الخليج له احترام وتقدير، لكن هذا الجار الإيراني صعب جدا. أحيانا يزداد صعوبة مثلما كانت الحال في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. الأمر يختلف مع الرئيس الحالي روحاني. لكن مصيرنا أن نعيش مع الجار الإيراني الصعب".
ويشاطر هذا الرأي أيضا العميد الركن سليم أبو إسماعيل إذ يشرح: "لا يمكن القول إن إيران عدو للإمارات، لكنهما على خصومة". ويعقب بالقول " ليس سرا أن الإمارات تخشى من تطور القوة الإيرانية".
وحتى المواقف السعودية والإماراتية تجاه إيران رغم الخلاف على الجزر الثلاث ليست متطابقة. ففي لقاء مع DW عربية قال علي آل أحمد مدير المعهد الخليجي في واشنطن إن "الإمارات تقول إن إيران تحتل الجزر الثلاث. بيد أنها تقول أيضا إن السعودية احتلت الشريط الساحلي الذي يربط قطر بالإمارات".
الإخوان والإمارات
ويرى آل أحمد أن الدور الإماراتي تغير بعد انطلاق "ربيع العربي"، ليصبح متقدما في مكافحته (أي الربيع العربي) وخصوصا حركة الإخوان المسلمين في مصر وفي الخليج أيضا. "لذلك نرى أن الدور الأول في إسقاط نظام الإخوان المسلمين في مصر كان للإمارات ثم للسعودية. كما أنها شاركت في ليبيا عسكريا"، يقول آل أحمد. ويرى أن هذا التحول في سياسة الإمارات - والتي هي جزء من سياسات دول الخليج - جاء بعد انطلاق الربيع العربي. "فدول الخليج كونها ملكيات مطلقة. لا تريد نهوض حكومات من الشعب".
ويوضح الدكتور عبد الخالق عبد الله هذا الأمر بالقول "الإمارات وقفت مع مصر منذ اللحظات الأولى ووقفت مع مصر بجانب السعودية مع بقية دول الخليج. دول الخليج لن تسمح أن يحدث انهيار في مصر كما حدث في ليبيا وسوريا واليمن. مصر مهمة جدا ولن نسمح بأن تنهار سياسيا وعسكريا وأمنيا". ويختم قائلا: "نحن نعيش الآن كابوسا، فتخيل كيف سيكون الكابوس لو انهارت مصر!؟".