الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحتفل بمرور 50 عاما على تأسيسها
٢٩ يوليو ٢٠٠٧برزت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) في السنوات الأخيرة على الساحة العامة باعتبارها الجهة المعنية بمراقبة الأنشطة النووية بالأمم المتحدة والمسئولة عن التعامل مع البرامج النووية السرية التي جرى اكتشافها في العراق وليبيا وكوريا الشمالية وإيران. وأصبحت الوكالة طرفا أساسيا في الصراع السياسي الذي نشأ بسبب تلك الملفات النووية السرية، استطاعت خلاله الاحتفاظ بموقف مستقل عن مواقف القوى الكبرى، الأمر الذي اكسبها مصداقية أهلتها للحصول على جائزة نوبل للسلام عام 2005 مناصفة مع رئيسها المصري محمد البرادعي.
وتأسست الوكالة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة عام 1957 ومقرها فيينا بسبب مخاوف إزاء الطاقة النووية التي كانت آنذاك تكنولوجيا جديدة مثيرة للجدل. وتضم الوكالة في عضويتها 144 دولة وتبلغ موازنتها السنوية 284 مليون يورو (390 مليون دولار). وتحت شعار "الذرة من أجل السلام" يروج نحو 2200 موظف بالوكالة لتشجيع مشروعات تتراوح من سلامة الغذاء إلى أبحاث السرطان وعمليات تطهير ضد ذبابة تسي تسي المسببة لمرض النوم.
مراقبة الأنشطة النووية
وعندما بدأت الوكالة العمل فعليا في 29 تموز/يوليو عام 1957، لم يكن ليخطر ببال أحد أنه سيأتي اليوم الذي يضطر فيه مفتشو الوكالة للتعامل مع ما يسمى بالدول المارقة أو سوق سوداء للطاقة النووية لأشخاص يشتبه بأنهم "إرهابيون". وبعد نهاية الحرب الباردة، وسعت الوكالة دورها في الشرق حيث أخذت تراقب تخزين المواد النووية من الأسلحة المفككة ومصادرة المواد المشعة التي تشكل خطرا على الناس والبيئة.
وباعتبارها مراقبا لتطبيق معاهدة حظر الانتشار النووية التي دخلت حيز التنفيذ عام 1970، تحولت الوكالة بشكل أكبر لتكون منظمة لمراقبة الأنشطة النووية. ويهدف نظام السلامة بالوكالة إلى التحقق من التزام الدول بتلك المعاهدة التي تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية أو تكنولوجيا إنتاج الأسلحة.
جدير بالذكر أن القوى النووية الدولية، أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، والتي بدأت برامجها النووية قبل الاتفاقية، مستثناة من الالتزام بالتخلي عن الأسلحة النووية. من ناحية أخرى لم تنضم كل من باكستان والهند إلى الاتفاقية لكنهما أصبحتا اليوم في عداد القوى النووية بعد تطويرهما واختبارهما لقنابل وصواريخ نووية. أما إسرائيل فلم توقع أيضا على الاتفاقية ويعتقد أنها نجحت في تطوير برنامج نووي.
موقف محايد
غير أن فعالية نظام التحقق من السلامة أصبح محل شك للمرة الأولى بعد اكتشاف برنامج سري للأسلحة النووية في العراق عام 1991. وأحدث العراق تغييرات واسعة في نظام التفتيش بالوكالة منها تبني ما بات يعرف باسم "البروتوكول الإضافي" الذي يمنح حقوق تفتيش أوسع للوكالة. لكن النظام الجديد تعرض هو الآخر لاختبار حقيقي عندما انتهكت كوريا الشمالية التزاماتها بموجب المعاهدة. وكانت كوريا الشمالية طردت مفتشي الوكالة أواخر عام 2003 ولم تسمح لهم بالعودة سوى في تموز/يوليو العام الحالي بعد موافقتها على وقف برنامجها النووي مقابل الحصول على مساعدات مالية واقتصادية.
وفي الأشهر التي سبقت الحرب على العراق عام 2003، تعرضت الوكالة لضغوط أمريكية كبيرة لتقديم أدلة على امتلاك العراق لبرنامج إنتاج أسلحة نووية. وأدى رفض البرادعي تقديم "دليل دامغ" على امتلاك العراق لهذا البرنامج إلى حدوث خلاف استمر طويلا مع إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش، لكنه أكسب الوكالة موقفا محايدا. ومنذ عام 2002، تحقق الوكالة بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي أخفته طهران لمدة 18 عاما. وكان رفض إيران التعاون الكامل مع مفتشي الوكالة قد منع الوكالة من توضيح مدى وهدف الطموحات النووية لطهران.