الى متى يدفع العراقيون ضريبة الإرهاب؟
٢٤ أكتوبر ٢٠١٣
أسوة بالكثير من الكتّاب والمحللين، كنا قد تناولنا موضوع الإرهاب في العديد من المقالات السابقة سعياً منا مع الجميع لتخفيف موجة العنف التي تضرب العراق يوميا وبشكل أعمى. وليس هذا وحسب، بل ركزنا على أن هذا العنف المنظّم ذو الغايات السياسية المسمى بالإرهاب، لم يقتصر أثر السلبي وأضراره المادية على الإخلال بالنظام العام وأمن المجتمع، بل امتد ليكون حرباً على القيم من خلال الإساءة المتعمدة لتطبيق المفاهيم الدينية، وخاصة الإسلامية منها وبالتالي إعطاء الذرائع تلو الأخرى للطعن بالإسلام وإثارة الشبهات حول المسلمين على امتداد العالم.
أن الإرهابيين سواء من خلال سعيهم لتحقيق المكاسب السياسية في سياق مواجهتهم الداخلية مع السلطات السياسية وقتلهم من يختلف معهم في الدين والمذهب، أو في مواجهتهم الخارجية الهادفة لابتزاز دولة من الدول لمصلحة دولة أخرى، سعوا في الحالتين الى التفسير الخاطئ للقيم الإسلامية وسوء تطبيق المناهج الدينية باستخدامهم طرق مواجهة بربرية وأساليب همجية لاتقيم معها وزنا لجميع المعاهدات والأعراف والمواثيق الدولية المعتمدة في الحروب بغية جر الأطراف الحكومية إلى استخدام وسائل القمع العشوائي وإثارة السلطات الأمنية لتكون عامل ضغط إضافي على المدنيين الذين هم بالأساس هدفا لعملياتهم الإرهابية .. ويقصد من ذلك تحطيم روابط الثقة بين المواطن والسلطة من جهة، وبين المواطنين أنفسهم من جهة أخرى، ومن ثم جر شعوب البلدان المستهدفة (العراق خاصة) إلى مستنقعات الفوضى الأمنية وآتون الحرب الأهلية.
بعض دول الجوار تدعم الإرهاب في العراق
حيث يعد العراق على رأس البلدان المستهدفة بمثل هذه السيناريوهات الإرهابية الخبيثة، خاصة وان بعض دول الجوار لا تخفي تذمرها من العملية السياسية في العراق على شاكلة بعض الممالك التي لم تُعلن يوما شجبها لما يجري من قتل عشوائي للشيوخ والأطفال والنساء وحرق للمساجد والكنائس ودور العبادة الأخرى، بل لم تخف هذه الدول في معظم الأحيان تعاطفها مع الأنشطة التخريبية التي يُجريها الإرهاب على الساحة العراقية.
لذلك فقد بات لزاماً على كل من يحمل ذرة من ضمير أنساني حي التفكير بشكل جدي بمفاتيح الحلول التي من الممكن لها ان تضع حدا لمسلسل العنف المستمر. ومن هذا المنطلق نلفت أنظار المسؤولين الى مقترحات إضافية إلى جانب ما سبق أن تطرقنا له في المقالات السابقة:
أولاً: استنفار دور المؤسسات العلمية والصروح الجامعية وخاصة أقسام العلوم الإنسانية وتشكيل لجان علمية لدراسة الحالات الإرهابية ومطالعة ملفات التحقيقات الأمنية لاقتراح الطرق والقوانين الوقائية والعلاجية ذو الطابع الاجتماعي والاقتصادي لمنع تغلغل أعمق للإرهاب في المجتمع العراقي، ويتطلّب ذلك تنسيق عال المستوى بين السلطتين التنفيذية التشريعية وهذه اللجان العلمية.
ثانيا: تحفيز وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء على الانخراط في عملية محاربة الإرهاب من خلال قيام وزارة الثقافة بحملات دعائية مكثفة ومواد إعلانية متنوعة في هذه الوسائل الإعلامية لقاء مبالغ مالية ترصد لهذا الغرض وبشكل مستمر، وفرض عقوبات مدنية على الوسائل الإعلامية غير المتعاونة والمثيرة للفتنة. والجدير بالذكر، هناك فتاوى مهمة صدرت مؤخرا من المرجعيات الدينية لمحاربة الطائفية ألا أنها لم تأخذ ما تستحق من ترويج كاف في الوسط الإعلامي.
"لجنة علماء لإصدار فتاوى تدين الإرهاب"
ثالثا: وعلى غرار الوسط العلمي في النقطة الأولى، تشكيل لجنة علمائية دينية (دائمة الانعقاد) من ممثلين عن المذاهب والأديان على هيئة (مجلس إفتاء وطني) يختص بإصدار الفتاوى الدينية المشتركة المناهضة للطائفية والإرهاب، يضم بين صفوفه ممثلين عن مجالس العشائر العراقية ليكونوا حلقة الوصل بين المجلس والمجتمع، إضافة الى ممثل دائم داخل المجلس عن كلِّ من السلطات الثلاث على حدة : (التنفيذية والتشريعية والقضائية).
رابعا: تحذير دول الجوار بواسطة مجلس الإفتاء الوطني من مغبة الاستمرار في دعم الإرهاب في العراق بأي شكل من الأشكال بما في ذلك التعاون والتنسيق لمراقبة الحدود المشتركة وبخلافه قد يعود بالضرر على العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين العراق والآخرين والتي قد تصل إلى التعليق أو القطع الكامل لمثل هذه العلاقات.
خامسا : إجراء تغييرات أساسية في مواقع القادة الأمنيين وتطبيق خطط ممارسة المسؤولية من المواقع الدنيا، فان ممارسة الإدارة من قبل المسؤول الأعلى للموقع الأدنى سوف يعطيه صورة كاملة عن ماهية واحتياجات ومواقع الضعف في هرم المسؤولية الذي يعمل في نطاقه الجميع.
هذا وهناك نقاط أخرى منها ما يتعلق بالفساد لا يتسع المقام لإدراجها سوف نتناولها بالتفصيل في مقالات قادمة إن شاء الله.