اليمن: المراكز السلفية وحرب القاعدة
١٦ أغسطس ٢٠١٢القاعدة تصعّد عملياتها في اليمن
انطلقت الثورة اليمنية في شكل ثورة شعبية، بدأت بشكل متقطع منذ 3 فبراير2011، ثم توجت بيوم غضب في يوم الجمعة 11 فبراير 2011 وتكمن الأسباب المباشرة لانطلاق شرارة الثورة اليمنية فيما يعانيه الشعب اليمني من مشكلات اقتصادية واجتماعية.
لقد صعد تنظيم القاعدةوتنظيمه المحلي أنصار الشريعة عملياته في اليمن بشكل ملحوظ عقب الثورة، حيث كثفالتنظيم من عملياته العسكرية ضد الجيش اليمنى، إضافة إلى سيطرته على بعضالمناطق في اليمن.مما دفع بالجيش والأمن إجراء حملة عسكرية واسعة لإنقاذ المدن اليمنية من سيطرة القاعدة بعد ان فرضت ولاياتها الإسلامية في جعار ولودر والمأرب وغيرها من المدن اليمنية وكان للعميد يحيى صالح رئيس الأمن المركزي دورا ميدانيا في مواجهة التنظيم ومطاردته اكثر من بقية أجهزة الأمن والدفاع في هذه المرحلة الانتقالية وخاصة في اعقاب العملية الانتحارية التي راح ضحيتها مئات الشهداء في استعراض ساحة السبعين . وهذا ما كان وراء استهدافه في محاولة اغتيال فاشلة في 06.06.2012 .
القاعدة معروفة بأساليب عملها وخططها العسكرية التي تقوم على الانسحاب أما أي عمليات عسكرية واسعة واعتماد حرب العصابات لاستنزاف الخصم وإتباعها المناورة العسكرية ،لذلك عندما تتعرض إلى حصار في مناطق معينة تنتشر وتضرب في مناطق أخرى بعيدة لتخفيف ذلك الحصار. لذا فإن انسحاب تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة من معاقلها لا يعني النصر النهائي، فالتجربة تقول إنها ستعود بعد حين مستفيدة من ضعف الاستخبارات والتواجد العسكري.
وللسلفية والقاعدة قيادات ميدانية ومتفق عليها و منضبطة بشكل هيكلية عسكرية قتالية.
لقد صعد تنظيم القاعدةعملياته في اليمن بشكل ملحوظ عقب الثورة، حيث كثفالتنظيم من عملياته العسكرية ضد الجيش اليمنى، إضافة إلى سيطرته على بعضالمناطق في اليمن. ويعتبر تنظيم القاعدة في اليمن والجزيرة العربية الأخطر من وجهة نظراستخباريةلكونه أصبح البديل للتنظيم المركزي وأكثر وهجا بتنفيذعملياتخارج اليمن تستهدف المصالح الاميركية .
القاعدة و الأمن
الملف الأمني يعد التحدي الأكبر الآخر الذي يواجه اليمن في هذه المرحلةالمتمثل في مكافحة الإرهاب وإنهاء سيطرة تنظيم القاعدة على بعض المناطقخاصة جنوب اليمنوهيكلة قوات الأمن وتوحيدها بعد ان بدأت تشهد تحديات من تنظيم القاعدة وبعض الأطراف العسكرية والسياسية المنشقة التي تساوم على ترك البلاد أن يعيش في فوضى خلال هذه المرحلة الانتقالية.
أن إعادة بناء قوات الجيش والأمن على أساس وطني وإخراجها من العمليةالسياسية والحزبيةيعتبر التحدي الوطني الأصعب ،وتواجه اللجنة العسكريةوالأمنية المكلفة بإعادة هيكلة الجيش، تركة ثقيلة .
إن إبقاء قيادات الجيش والأمن وبدعم أميركي ممكن تفسيره بان الولاياتالمتحدة استفادت من درس العراق عندما حلت الجيش والمؤسسات الحكومية ، كذلكإبقاء هذه القيادات يعني وصول الاستخبارات المركزية إلى تفاصيل شبكاتالقاعدة والمطلوبين داخل اليمنوانإبقاء مؤسسات الدولة والجيش والشرطةيغنيها عن استخدام مرتزقة جدد لمواجهة تنظيم القاعدة في اليمن والاكتفاءبتقديم الخبرات والتدريب والتقنية الأميركية للقوات اليمنية بعيدا عن أيتدخل عسكري شامل أو نشر قوات من شانه يشعل حفيظة الشارع اليمني ضدها.
تكررت الأعمال الإرهابية ضد منتسبي أجهزة الأمن والدفاع ، وبعض المنشات الحيوية ، وتفجير أنابيب النفط ،دون الكشف عن هويه المنفذين لتلك الجرائم ، بدءاً من الحادث الإرهابي في مسجد النهدين وما نتج من أعمال إرهابيه خلال الفترة الماضية وصولا إلى حادث السبعين في العاصمة صنعاء واجتياح مبنى وزارة الداخلية في شهر تموز 2012 .
ورغم ذلك فان الأجهزة الأمنية لم تكشف عن نتائج التحقيقات، وهذا ما يثير المخاوف داخل المواطن اليمني عن أسباب عدم الإعلان عن نتائج التحقيقات التي توصلت إليها أجهزة الأمن رغم تصريحاتها بأنها تمكنت من القبض على تلك الخلايا.
التعاون ألاستخباري مع الولايات المتحدة
برزت المخاوف من أن يتحول اليمن إلى جبهة أمامية للقاعدة في وسائل الإعلامالعالمية منذ أواخر عام 2009، حين أعلن تنظيم القاعدةفي شبه الجزيرة العربية مسؤوليته عن محاولة تفجير الطائرة الأمريكية ، ماحمل الرئيس الأمريكيباراك اوباما إلى التأكيد مجددا في خطابه عقب الحادث،على التعاون مع اليمن في مجال مكافحة الإرهاب.
ويذكر ان السلفية وتنظيم القاعدة كانت ومازالت تمسك في المؤسسة العسكرية والأمنية في اليمن ويعود هذا التواجد الى عام 1994 في حرب الوحدة، حيث تم زج عناصر من مقاتلي جيش أبين الإسلامي وعدد من المقاتلين اليمنيين من الجيل الاول العائدين من حرب أفغانستان بالمؤسسة العسكرية والأمنية.
الولايات المتحدة الأميركية لم تخفي قلقها من تعاونها الاستخباري خلال حقبة النظام السابق بسبب اختراق تنظيم القاعدة للمؤسسات الاستخبارية والدفاع اليمنية، هذا القلق من شانه ان يسرب المعلومات العسكرية والاستخبارية مابين اليمن والولايات المتحدة الى تنظيم القاعدة .
لذلك كانت الولايات المتحدة وما تزال تعتقد بان النتائج التي حققها او يحققها اليمن بالقضاء على الإرهاب لا توازي الجهد الاستخباري والدعم المالي لليمن .
الولايات المتحدة والحكومة الانتقالية برئاسة الرئيس هادي مازالت تتوجس كثيرا من الشارع اليمني إزاء أي تواجد عسكري او استخباري للولايات المتحدة في اليمن، هذا التخوف ناتج من فكرة استثمار تنظيم القاعدة وتنظيم الشريعة والسلفية المعارضة للحكم بتأجيج الشارع اليمني ضد اي خطوة او عملية في مواجهة ومطاردة الإرهاب في اليمن ، والذي ممكن أن يأتي بنتائج عكسية.
السفارة الأميركية في صنعاء تختلف في دورها عن باقي السفارات الأميركية في العالم، فهي اكثر مراقب جيد للتطورات السياسية لليمن بل لديها متابعة مباشرة مع دوائر صنع القرار لتعقب الملفات العالقة بين البلدين، ولم تحجم السفارة الأميركية عن إعلان ذلك في وسائل الإعلام المحلية والدولية في متابعة ملفاتها مع الحكومة اليمنية .
يذكر أنالسفير الأمريكي في اليمن جدد اتهامه إلى الشيخ عبد المجيد الزندانيالقيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح بالتورط في دعم الإرهاب،مبديا قلقهمن أنشطة جامعة الإيمان التي يرأسها الأخير.
ولدى رده على سؤال حول علاقة الزنداني بالقاعدة، قال السيد جيرالدفايرستاين: (نعم. الأمم المتحدة ذكرت أن الشيخ الزنداني داعم للإرهاب، وليسلدينا أسباب لتغيير وجهة نظرنا حول هذا الموضوع ) وذلك خلال حديثه الى صحيفة الشرق الأوسط اللندنية .
تفكيك القاعدة
الجهد السياسي والاستخباري في اليمن يحتاج إلى تفكيك تنظيم القاعدة بالسياسة الاستخبارية الناعمة ، هذه السياسة يجب ان تفصل مابين السلفية وتنظيمات القاعدة وأنصار الشريعة والمجموعات الإرهابية الأخرى. و هذا يتطلب إدراك وصبر وفهم من الأطراف الدولية وخاصة الولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب في اليمن، لاسيما وان المنهج السلفي هو المذهب السائد في المجتمع والقبيلة اليمني. هذه المواجهة لا يمكن تحديدها ضمن سقف زمني في عملية عسكرية أبدا. إن تعقيدات البيئة الحاضنة في اليمن هي الأكثر تعقيدا من معقل القاعدة في أفغانستان أو العراق .
القاعدة في أفغانستان متحالفة مع طالبان وممكن للولايات المتحدة أو الأطراف الدولية سحب البساط من القاعدة بدعوة طالبان للتفاوض باعتبارها هي صاحبة الأرض، أما القاعدة فيمكن القول بأنها تعمل تحت حماية طالبان في أفغانستان/ أما في اليمن فلا يوجد لدينا طالبان ، لتبقى القاعدة اللاعب الرئيسي في الواجهة وصاحبة الأرض، ومن المستحيل ان تتخلى عن ارض اليمن مثلما تخلت عن الساحات الأخرى ، فهي تقاتل في اليمن بشراسة أكثر ضمن أسلوب حرب العصابات وحرب الاستنزاف .
لا يوجد أمام اليمن إلا خيار السياسة الناعمة بدل المواجهات العسكرية لمتابعة تنظيم القاعدة وتفكيكه بعيدا عن المجتمع اليمني نتيجة تداخل هذا الفكر مابين المجتمع والتنظيم لنزع فتيل الإرهاب في اليمن، ومعالجة أسباب الإرهاب ومنها الفقر والبطالة والنهوض بالدولة الفاشلة وسد فراغ السلطة التي تعتبر بيئة حاضنة للإرهاب .
جاسم محمد
مراجعة ملهم الملائكة